قصص وعبر| صرخة زوجة.. «خلي العشة تنفعك»

عشة فراخ
عشة فراخ

ضاقت بها سبل الحياة، فلم تجد غير ترك بيت الزوجية، والهرب كطوق النجاة بالنسبة لها، حيث الزوج الذي تبدلت ملامحه تحمل هبة الإجرام، وشعره الأسود المنتصب كمسلات القنفد، ووجهه نحاسي البشرة، وسليط اللسان، فبعد أن ترك عمله كسائق، وأصبح عاطلا، لم يفكر ولو لبرهة في البحث عن عمل، واتخذ عشة الفراخ ملاذا له، يمكث أمامها بالساعات.

وهو ينفث دخان سجائره المحشوة بالحشيش، ويهرول مسرعا بإشعال بعض من الأخشاب لتدفئتهم من البرد، ويوليهم كل اهتماماته من ماء، وذرة، غير مبال بها، وكأنها قطعة أثاث موجودة بالمنزل، لا يلاقيها إلا للحصول على مال لشراء مخدرات، خاصة بعد وفاة والده الذي كان ينفق عليهما من معاشه الخاص، تحملت، وتحلت بالصبر لعل الأيام تأتي بجديد، وخرجت تبحث عن عمل حتى عملت بأحد مصانع الملابس، بينما هو ازداد حدة في التعامل معها عندما ترفض إعطاءه نقودًا لشراء مخدرات.

ويستولى على كل ما تملكه، ويتوجه لشراء مزاجه، ويمكث أمام عشة الفراخ، وما إن اقتربت منه تطلب منه البحث عن عمل لم تجد منه غير السب، والإهانات، وتنتهي المشادة بعلقة ساخنة، وتبيت ليلتها ما بين الأنين والسهاد تبكي بكاءً مرًا، تتعجب من تصرفاته وتغير سلوكه، واليأس يطغي على نفسها، والخيبة تنهش قلبها، ترفع بصرها للسماء تأمل الانفصال عنه، والخلاص منه بعدما توعدها بعدم الطلاق منه.

وفي آخر مشادة بينهما، قفزت إلى رأسها فكرة وكأنها باب الفرج التي أنتشلتها من هوة اليأس، فمنظر الزوج وملامحه خاصة بعدما أهمل نظافته الشخصية أيضًا يؤذيها ويقع في نفسها موقعا أليما، وغير أسلوبه الذي وصفته بالهمجي، ومغلق الفهم والضمير، وتسللت خلسة مستغلة وجوده أمام عشة الفراخ، وحزمت بعضا من أمتعتها الشخصية، وبلسان حال تقول "خلي العشة تنفعك".

وسارت تجوب الشوارع تراود مخيلتها أشهر لم تحصد منها غير أسى وجراحات، تجر خلفها أيام تصرخ من قسوة معاملته، وصورة والده الذي كان يتكفل بهما من معاشه الخاص، وتوجهت إلى إحدى صديقاتها وقامتا بتأجير غرفة للعيش معا، وقررت التوجه إلى محكمة الأسرة لرفع دعوى خلع منه، بعدما أخذ الضيق منها كل مأخذ، وازدادت سخطا، ولكن لم تجد من سخطها نفعا، غير الخلع.