في عيد الحب.. إيزيس تبحث عن معشوقها

 إيزيس تبحث عن المحبوب
إيزيس تبحث عن المحبوب

أكد خبير الآثار، الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء، أن المصريين القدماء سجلوا معاني الحب على لوحتين أثريتين اكتشفتا بمقبرة سوبك حتب، المشرف على البيت المالك بمنطقة آثار هوارة بالفيوم عام 1974.

 

وأضاف بمناسبة الاحتفال بعيد الحب الذي يوافق 14 فبراير من كل عام، أن لوحة تشير إلى مدى حب واحترام المصري القديم لأهل بيته سواء أمه أو زوجته أو بناته، مستندا على ذلك إلى بحث للآثاري الدكتور أشرف السنوسي عنوانه «مقابر أفراد الدولة الوسطى بهوارة حفائر 1974 و1982».

وأضاف الدكتور ريحان من خلال الدراسة أن تغريدات ومشاعر الحب تجسدت في مصر القديمة بعدة صور وأن المصري القديم صور العلاقة بين الزوجين على الجدران بصور تدل على الإخلاص والوفاء، ومنها وقوف الزوج مجاورًا لزوجته أو الجلوس معا على مقعد بينما تلف الزوجة ذراعها برفق حول عنق زوجها أو تضع يدها على إحدى كتفيه أو تتشابك أيديهما معا رمزًا للحب الجارف أو تقف أمامه لتقدم له الزهور أو تقف جانبه وتسند عليه ذراعها كناية عن معاونتها له في كل الأمور.

وأوضح الدكتور ريحان أن الجزء الأيسر من اللوحة الأولى يصور ثلاث بنات وأعلى كل واحدة منهن كتب (ابنته حبيبته المجهولة) وأعلى صف البنات صف آخر ربما لأولاد وربما أيضا كتب فوق كل واحد (ابنه حبيبه المجهول) ويفسر الجزء الأيمن من اللوحة سبب وصف بناته بالمجهولين الذي يمثل منظر لسيدة جالسة وأعلاها كتب لقبها (أمه حبيبته ست الدار ايسن)، ما يوضح أن سوبك تزوج أكثر من مرة ولم ينجب أطفالا.

ونتيجة عدم تحقق الإنجاب تمني «سوبك حتب» أن يكون له في العالم الآخر أولاد وبنات، وبالطبع لم يعرف أسماءهم فوصفهم بالمجهولين ولم يكتف بذلك بل أعطى أمه لقب (ست الدار) وهو لقب لم يكن يعطى فى الغالب إلا للزوجات وهذا دليل على شدة تكريمه لأمه بتصويرها داخل مقبرته.

أمّا اللوحة الثانية كما يشير الدكتور ريحان فهى تؤكد أن «سوبك حتب» كما كان محبًا لأمه ولبناته المجهولين فقد كان محبًا لزوجاته بصرف النظر عن الإنجاب أو عدمه حيث صور على لوحة حجرية أخرى من نفس المقبرة حملة قرابين وأعلى اللوحة تصوير لسيدة أمامها مائدة عليها قرابين يبدو أنها مكررة مثل منظر البنات المجهولة وأعلى واحدة من هؤلاء السيدات كتب «سيدة الدار المرحومة ايبو»، وأعلى السيدة الأخرى بقية كلمة «المرحومة» مما يدل على تمثيله لأكثر من زوجة بالمنظر.

وينتقل الدكتور ريحان إلى قصة أخرى جسّدت معانى الوفاء والإخلاص فى الحب وهى أسطورة أيزيس التى تحكى كيف غدر ست بأخيه أوزوريس الذى كان يبغض فيه جمال وجهه ورجاحة عقله وحمله رسالة المحبة والخير بين البشر فدبر مكيدة للقضاء عليه واتفق مع أعوانه من معبودات الشر على أن يقيموا لأوزوريس حفلًا تكريمًا له ثم أعد تابوتًا مكسى بالذهب الخالص بحجم أوزوريس وزعم أنه سيقدمه هدية لمن يكون مرقده مناسبًا له ورقد فى التابوت كل الضيوف ولم يكن مناسبًا لأى أحد حتى جاء دور أوزوريس فأغلق عليه ست التابوت وألقوه فى نهر النيل وانتقل التابوت من النيل عابرًا البحر المتوسط حتى وصل إلى الشاطئ الفينيقى في أرض ليبانو عند مدينة بيبلوس وهناك نمت على الشاطئ شجرة ضخمة وارفة الظلال حافظت على التابوت المقدس من أعين الرقباء.

وينوه الدكتور ريحان إلى وجود ملكة جميلة تسمى «عشتروت» فى بيبلوس خرجت لتتريض على الشاطيء فبهرتها الشجرة الجميلة النادرة وأمرت بنقلها لقصرها، أمّا إيزيس فبكت على أوزوريس وبحثت عنه على طول شاطيء النيل واختلطت دموعها بماء النيل حتى فاض النهر وبينما كانت تجلس بين سيقان البردى في الدلتا همس في أذنيها صوت رياح الشمال تبلغها بأن المعبود أوزوريس ينتظرها على شاطئ بيبلوس فذهبت واستضافتها عشتروت وكانت إيزيس تحول نفسها كل مساء بقوة سحرية إلى نسر مقدس تحلق في السماء وتحوم حول شجرة زوجها أوزوريس حتى حدثت المعجزة وحملت إيزيس بالطفل حورس من روح أوزوريس ورجعت به مصر تخفيه بين سيقان البردي في أحراش الدلتا حتى كبر وحارب الشر وخلص الإنسانية من شرور «ست».

وأوضح الدكتور ريحان، أن تمثال القزم (سنب) وأسرته من الأسرة الخامسة بالمتحف المصرى يجسّد روح المحبة والعطف التي تسود الأسرة المصرية حيث تجلس الزوجة إلى جوار زوجها وتلف ذراعها حوله برقة ولطف على حين وقف الأبناء بجانب الأب والأم فى أدب واحترام، ومنظر على ظهر كرسي عرش الملك توت عنخ آمون بالمتحف المصري يصور جلوس الملك دون تكلف والملكة مائلة أمامه وفي إحدى يديها إناء صغير للعطر تأخذ منه وباليد الأخرى عطر آخر تلمس به كتف زوجها برقة ولطف.