ميراث الدم| قتلتها طمعًا في الثروة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

ميراث الدم| اعترافات قاتل شقيقته

المتهم| الطمع حولني إلى قاتل

لم يكن مجرمًا بالفطرة، وإنما دفعته الظروف المختلفة لارتكاب أخطاء قاتلة، انتهت بمحاولة استيلائه على ميراث شقيقتيه التي أوصاه والده بهما خيرًا قبل الوفاة بأيام، لكن يبدو أن شهوة المال دفعته لارتكاب جريمة بشعة أشبه بأفلام الرعب المخصصة للكبار فقط، أعماه الطمع عن البحث عن أي حلول منطقية للخروج من أزمته المالية الطاحنة، سولت له نفسه قتل شقيقته الصغرى والشروع في قتل الأخرى، ما دفع المحكمة لمعاقبته بالإعدام شنقًا، تفاصيل مثيرة ومحطات هامه في حياة المتهم تدق ناقوس الخطر حول خلافات الميراث التي تدفع إلى القتل والجنون.

صدمة العمر

ولد المتهم في كنف أسرة متوسطة الحال، مكونه من والديه وشقيقتيه، حياته كانت تسير بشكل طبيعي، والده كان يمتلك إحدى المحلات التجارية، اكتفى بالحصول على الشهادة المتوسطة، ثم تفرغ للعمل مع والده، صارت الحياة بشكل طبيعي بالأسرة الصغيرة، إلى أن توفى والده، فجأة وجد نفسه هو العائل الوحيد لأسرته، ترك لهم والدهم ميراث لا بأس به، كان كل شئ مرتب بعناية وفقًا للشرع والقانون، لكن الطمع والجشع كان هو المُسيطر على الشقيق الأكبر الذي تدهورت أحواله المادية كثيرًا بعد وفاة والده بسبب أصدقاء السوء، أدمن سهرات الكيف والفرفشة، وبمرور الوقت أهمل تجارته وعمله حتى بدأ في خسارة الصفقات التجارية الواحدة تلو الأخرى بسبب استهتاره وإهماله بعمله، ما دفعه للاستدانة من كل غريب وقريب حتى فقد صوابه تمامًا.

أصدقاء السوء

كانت قصة حياته مليئة بالتقلبات، عرفت المشاكل طريقها إلى المنزل الهادئ منذ ثلاث سنوات مضت، عندما توفى الأب التاجر الكبير، ترك لأبنائه ميراث من الأموال السائلة وعقار، بعد أن تجاوزت الأسرة الأحزان، طلب الشقيق الأكبر عقد اجتماع طارئ لأفراد العائلة لبحث كيفية إدارة الأعمال وتوزيع المهام والمسؤوليات بعد رحيل الأب وكبير العائلة الذي كان بمثابة العقل المدبر، المهم تم عقد الاجتماع والاتفاق فيه على الخطوط العريضة، لكن هذا الاتفاق لم يعجب الشقيق الأكبر الذي شعر بأن هذا الاتفاق غير مُرضى كما أن طريقة توزيع الميراث اعتبرها الشقيق غير عادلة ومن هنا كان بداية تفكك العائلة.

خلافات دامية

كان اعتراضه على ميراث شقيقتيه سببه هو شعوره بأنه يستحق أكثر من ذلك نظرًا لدوره الكبير في تنمية هذا الميراث رغم أن التركة بالكامل تم توزيعها وفقًا للأصول والقواعد الشرعية، إلا أنه لم يرضى بهذه التقسيمه، كان رفضه استلام نصيبه من الميراث هو بداية حركة التمرد داخل العائلة، وبعد عدد من المحاولات الودية لإنهاء الخلافات والوصول لحلول ودية انتهت الأمور إلى لا شئ، وبدأ فاصل من الشد والجذب أمام ساحات القضاء، لم يكن أمامه أي شيء يبكى عليه، حاول بكل ما أوتى من قوة الاستيلاء على ميراث شقيقتيه بطرق مختلفة دون جدوى، وفي نهاية المطاف أضطر إلى تهديدهما بالقتل لو لم يتنازلا عن جزء كبير من ميراثهما الشرعي له، وصلت الخلافات بينهم إلى طريق مسدود، وفي إحدى المرات وأثناء المناوشات والمشادات المستمرة بينهم، احتدم النقاش بشدة وتطورت المشادة الكلامية إلى مشاجرة عنيفة بينهم قام على إثرها الشقيق الطماع بطعن شقيقتيه بالسكين حتى يجبرهما على التنازل عن جزء من الميراث.

حياة وموت

لحظات عصيبة مرت على الأسرة الصغيرة وبدون مقدمات تلوثت يد الأخ الأكبر  بدماء شقيقتيه، إحداهما فارقت الحياة على الفور ولم تحتمل سيل الطعنات القوية التي أصابتها في مقتل، أما الأخرى فسقطت على الأرض غارقة في دمائها تُنازع بين الحياة والموت وتتمسك ببصيص الأمل الذي يبقيها على قيد الحياة، أما الشقيق المجرم ففر هاربًا بعد أن شاهد سيل الدماء المتدفقة تملئ المكان تاركًا شقيقتيه يواجهان الموت، بعد دقائق من ارتكاب الجريمة اكتشف أحد الجيران تفاصيل الجريمة البشعة فقام على الفور بنقل المجني عليهما إلى أقرب مستشفى حيث تبين أن إحداهما فارقت الحياة متأثرة بإصابتها أما الأخرى فنجحت محاولات إنقاذها وفور استعادتها وعيها وقدرتها على الكلام كشفت تفاصيل كل ما حدث ووجهت اتهامات مباشرة إلى شقيقها بمحاولة قتلها وشقيقتها.

إعدام الأخ الكبير

تم إعداد مأمورية أمنية حيث تم إلقاء القبض على الشقيق المتهم وتحرير محضر بالواقعة تضمنت سطوره تفاصيل الجريمة بالكامل، حيث تمت إحالة المتهم إلى النيابة العامة التي أحالته إلى محكمة جنايات بتهمة قتل شقيقته والشروع في قتل الأخرى بسبب الميراث، وبعد عدة أشهر من المداولات قررت محكمة جنايات القاهرة إحالة أوراق المتهم إلى فضيلة مفتي الجمهورية لأخذ الرأي الشرعي في إعدامه وحددت جلسة النطق بالحكم لدور انعقاد المحكمة بشهر أبريل المقبل.

كانت هيئة المحكمة استمعت لمرافعة النيابة العامة والتي طالبت بتوقيع أقصى العقوبة على المتهم، وكشفت تحقيقات النيابة العامة قيام المتهم محمود.ع، بقتل شقيقته نورا، عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، بعد أن بيت النية وعقد العزم على قتلها وأعد لذلك العُدة مطواة وما أن ظفر بها حتى سدد لها طعنتين بصدرها وفخذها الأيسر قاصدًا إزهاق روحها فأحدث بها الإصابات الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وشرع في قتل شقيقته زينب.

عقدت الجلسة برئاسة المستشار أيمن سليمان مرسى، وعضوية المستشارين عمرو عبده طه شاهين، وجورج فخري يوسف حنا.