عام إسكات البنادق| آليات محددة لإنهاء النزاعات والحروب بالقارة السمراء

عام إسكات البنادق| آليات محددة لإنهاء النزاعات والحروب بالقارة السمراء
عام إسكات البنادق| آليات محددة لإنهاء النزاعات والحروب بالقارة السمراء

دراسة: نسرين الصباحي


وضعت مِصر ضمن أولوياتها لرئاسة الاتحاد الأفريقي؛ المتمثلة فى تعزيز الآليات الأفريقية لإعادة الأعمار والتنمية لمرحلة ما بعد النزاعات، وتأسيس وإطلاق مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الأعمار والتنمية ما بعد النزاعات فى مصر خلال عام 2019، ودعم جهود الاتحاد الأفريقى فى استكمال منظومة السِّلم والأمن الأفريقية، وإصلاح مجلس السِّلم والأمن الأفريقى وتعزيز التعاون القارى لدحر الإرهاب وتجفيف منابع التطرف الفكري، ودفع الجهود المبذولة لمنع النزاعات والوقاية منها والوساطة فى النزاعات، وإطلاق منتدى رفيع المستوى «منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة».. وعليه، يتناول هذا الموضوع عددًا من العناصر التى توضح كيفية تجسيد هذه الأهداف:  


أولاً: حل النزاعات وإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات.. فى الخامس عشر من فبراير 2019، شارك الرئيس «عبد الفتاح السيسي» فى مؤتمر ميونخ للأمن بألمانيا - فى دورته الـ 55 بعد تسلم مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى بخمسة أيام فقط، وطرح خلال المؤتمر الرؤية المصرية لحل أزمات العالم العربى وتعزيز التعاون الأوروبى الأفريقى ومناقشة أجندة 2063: أفريقيا التى نريدها.  

وجاءت أهم نتائج المؤتمر فى طرح رؤية الرئيس حول حل أزمة تدفق اللاجئين ومكافحة الظواهر الإرهابية وجماعات الفكر المتطرف بهدف الحفاظ على استقلال وسلامة الدولة الوطنية، واحترام سيادة الدول على أراضيها، والتأكيد على أن مصر تعمل على تدشين مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية بالقاهرة، ليكون بمثابة أداة فعالة فى مساعدة الدول التى خرجت من النزاعات المُسلحة على تقييم احتياجاتها وبلورة تصورها الوطنى لإعادة الإعمار.


وعليه فى الحادى عشر من ديسمبر 2019 وقعت مصر اتفاقية لاستضافة مقر مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات، وذلك على هامش فعاليات منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة لتعزيز الاستقرار والأمن فى القارة السمراء، وتتعلق الاتفاقية أيضاً بالجوانب الفنية الخاصة بإعادة الإعمار.    


وفى الثانى عشر من ديسمبر 2019، انطلقت فعاليات منتدى أسوان للسلام والتنمية بأفريقيا فى نسخته الأولى، حيث جاءت توصيات المنتدى بضرورة تشجيع دول القارة على تناول مشكلة النزوح القسري، ودعم عمليات السلام، وتشجيع دول القارة الخارجة من نزاعات على تمكين المرأة وتأمين حقوقها.  


ويُعد مركز إعادة الإعمار والتنمية إحدى آليات مبادرة «إسكات البنادق» فى جميع أرجاء القارة بحلول عام 2020، وإنهاء الاقتتال فى أفريقيا، وبمثابة منصة تنسيق لإعداد برامج مُخصصة للدول الخارجة من النزاعات.  


وعلى صعيد المبادرات الرامية إلى إشراك الشباب فى جهود السلام والأمن فى الاتحاد الأفريقى وعلى المستوى الإقليمى للاجئين الشباب؛ تم تخصيص حصة للاجئين الشباب فى مبادرات الشباب من برنامج الشباب من أجل السلام الذى تم إنشاؤه حديثاً لضمان مشاركتهم بالتنسيق مع مجلس السِّلم والأمن الأفريقى مما يعزز أجندة الشباب والسلام والأمن فى جميع الدول الأعضاء فى الاتحاد الأفريقي.     


وقد استطاع الاتحاد الأفريقى حل الأزمات والنزاعات الإفريقية، يظهر ذلك فى أزمة السودان التى تمت معالجتها دون أى تدخل دولى فى ظل رئاسة مِصر للاتحاد الإفريقي. كما قادت جهود المُصالحة فى جنوب السودان وليبيا وأفريقيا الوسطى وغيرها، ودعمت جهود الاتحاد الأفريقى فى مصالحات القرن الأفريقى وتهدئة الأوضاع بتلك المنطقة وتحديداً فيما يتعلق بالصومال. بالإضافة إلى الانتخابات السلمية فى مدغشقر والكونغو.  


وصف الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش» دور الاتحاد الإفريقى بالدور النموذجى؛ وأعلن» إن أفريقيا ستصبح مثالاً لحل النزاعات والوقاية منها فى المُستقبل، مشيراً إلى أن تأثيرها سيمتد إلى أجزاء أخرى من العالم».    

   
قدم الرئيس «السيسي» مبادرة إسكات البنادق التى قام بإعدادها مجلس السِّلم والأمن الأفريقى خلال القمة الأفريقية بأديس أبابا فى فبراير 2019، وتضمنت آليات محددة لإنهاء النزاعات والحروب بالقارة السمراء بحلول عام 2020. 


تستهدف تلك المبادرة العمل على احتواء النزاعات والصراعات داخلها، وأن يتم التعامل مع القضايا من خلال المفاوضات والطرق السلمية لحلّها، خاصة فى ظل السعى نحو تطوير القوات الأفريقية بشكلٍ كبيرٍ، وألا يكون هناك أى وجود لقوات حفظ السلام من خارج القارة. تدعم المبادرة التوصل إلى اتفاقات نهائية مع أطراف النزاعات بربوع القارة السمراء لوقف إطلاق النار، فضلاً عن طرح مبادرات للحوار بينهم، وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاعات ومحاربة المجاعات.

   
وفى إطار اهتمام الرئيس «السيسي» بالمبادرة؛ أكد أثناء تسلّم مِصر الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، فى العاشر من فبراير 2019 على أن «الطريق أمامنا لا يزال طويلا فى سبيل تحقيق هدف الاتحاد الأفريقى بإسكات البنادق فى كافة أرجاء القارة بحلول عام 2020 وتحديداً فى السودان وجنوب السودان».   


تعد تلك المُبادرة بمثابة تهيئة الظروف المواتية لتحقيق التنمية فى أفريقيا. لكن لن تصبح أفريقيا خالية من الصراعات، إلا أنه على الأقل سيحفز أصحاب المصلحة على تقييم الإنجازات والتحديات التى تواجه تنفيذ المٌبادرة بالتنسيق مع مجلس السِّلم والأمن الأفريقى الذى سيقوم بتقييم آليات تنفيذ المٌبادرة.  


وضعت مِصر قضية مُكافحة الإرهاب والفكر المُتطرف وأصبحت مُكافحته أولوية ضمن جدول أعمال القمم الأفريقية، وإحدى الأولويات الأساسية لرئاستها للاتحاد خلال عام 2019 تحت شعار «مرحباً بك فى القارة الآمنة»، مع التأكيد على مبدأى الملكية الأفريقية والحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية. كما واصلت وزارة الخارجية مُمثلةً فى «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية» تقديم الدعم الفنى للدول الأفريقية لبناء قدراتها فى المجالات المُتعلقة بمُكافحة الإرهاب. بالإضافة إلى مبدأ الحفاظ على سيادة الدول والدور المركزى للحكومات فى صياغة اتفاقات السلام وخطط التنمية باعتباره ركيزة أساسية للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السَلم والأمن فى القارة.  


ودعمت مصِر بالتحديد تكتل الساحل والصحراء والذى يضم العدد الأكبر من الدول الأفريقية؛ حيث قامت مصِر فى عام 2018 بإنشاء المركز الإقليمى لمُكافحة الإرهاب لتجمع الساحل والصحراء، كما استضافت عددًا من التدريبات لقوات هذا التجمع.    


وعملت مِصر على نقل الخبرات لكافة الدول الأفريقية، خاصة الدول التى تواجه الإرهاب سواء فى شرق وغرب القارة، بجانب تعاون أجهزة المعلومات المصرية (المخابرات العامة والحربية والأمن القومي) مع جميع الدول التى تشهد اضطرابات حتى أرست قواعد الاستقرار والتنمية لهذه المناطق.  


وإجمالاً؛ استطاعت مِصر تحقيق نسب كبيرة فى السيطرة على العمليات الإرهابية من خلال تطبيق الاستراتيجية الشاملة لمُكافحة الإرهاب، وتفعيل مُبادرة «إسكات البنادق» التى ستُمثل ركنًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار فى ربوع القارة السمراء، ولن ينتهى دور مِصر السلمى بمجرد نهاية رئاستها للاتحاد الأفريقى بل ستستمر مساعيها لمساعدة كافة الدول الأفريقية. لكن ستظل الحاجة لمزيد من العمل والتنسيق الأفريقى المُشترك لترسيخ مُقومات السلام والأمن والاستقرار فى القارة الأفريقية.