فضفضة

دولة.. أم سجن كبير؟!

علاء عبد الهادى
علاء عبد الهادى

غريب أمر الفلسطينيين، ماذا كان كانوا ينتظرون من صفقة القرن؟.. هل كانوا مثلا ينتظرون أن تعطيهم إسرائيل أو أمريكا حقوقهم التاريخية، هكذا عن طيب خاطر؟.. هل كانوا يتنتظرون وجبة مجانية لم يدفعوا ثمنها؟.. هل كانوا ينتظرون شيئا غير الفتات الذى تسمح به إسرائيل، فى الوقت الذى يتقاتلون ويتناحرون، مع بعضهم بعضا.. مع من كان يمكن أن تتفاوض إسرائيل؟: مع السلطة الوطنية، أم مع حماس، أم مع المتاجرين بالقضية من زعماء عرب؟.. هل كان الفلسطينيون ينتظرون أن يكون ترامب "حنين عليهم" وهم غلاظ على بعضهم البعض؟ أم كانوا يتخيلون أن يقوم نتنياهو عن طيب خاطر بإعادة الأراضى التى ابتلعها إلى الفلسطينيين، أم كانوا ينتظرون أن يقوم كوشنر، مهندس الصفقة، بإعطاء الفلسطينيين كل شىء: أرض وسيادة، وإماكنيات متكاملة لدولة قد تهدد إسرائيل مستقبلا؟
إسرائيل تتصرف من منطق قوة، أمام متاجرين بالقضية، لا يملكون غير الكلام والرفض والشجب، وزيادة أرصدتهم فى البنوك، الكل يتاجر بالقضية: سواء سلطة أو حماس، وبعضهم عندما اعتدلت قامته عض يد مصر التى داوت وعلمت وحاربت ودفعت ولا زالت تدفع من اقتصادها، ومقدراتها.
نظرة بسيطة إلى خريطة كوشنر، تقول لك أن اسرائيل وافقت على إنشاء دولة فلسطينية، على بقايا أرض متشرذمة، لايمكن أن تكون نواة لدولة حقيقية، أو دولة قابلة للحياة أو النمو أو التطور، إنها أشبه بسجن كبير، أو عدة سجون بينها ممرات أو كبارى لنقل المساجين.. لقد فعل الفلسطينيون كل هذا فى أنفسهم، يوم خونوا مصر والسادات، عندما دعاهم للتفاوض مع العدو لاستعادة الأرض، الآن لم يعد لديهم ما يتفاوضون عليه، اسرائيل ابتلعت كل شىء، وما تلفظه معدتها الآن ومتقدمه للفلسطسينيين ليس حبا فيهم، ولكنه رغبة فى التخلص من صداع، ولتتركهم يتناحروا مع بعضهم البعض، تماما كما حدث فى قطاع غزة الذى سرقته حماس وحولته إلى خنجر فى ظهر مصر، وبدلا من أن تكون المشكلة بين الحمساويين واسرائيل، أصبحت بينهم وبين مصر.
هل يمتلك العرب أية أوراق ضغط يؤثرون بها فى القرار الأمريكى أو الإسرائيلى؟.. وهل لديهم ما يلوحون به فتتردد أمريكا وتتراجع، أو حتى تعيد حساباتها؟.. أنا أقول لك: لا يوجد إلا ما تجود به أمريكا، أو تسمح به إسرائيل.
واقع الحال يقول إننا - جميعا - ضيعنا فلسطين، ومحونا القضية، يوم أن تشرذم الفلسطينيون، ورفعوا السلاح على بعضهم البعض بدلا من أن تكون كلمتهم واحدة.. صفقة القرن تشيع القضية الفلسطينية إلى مثواها الأخير.