تقوى الله

الزمن الجميل

جلال السيد
جلال السيد

كلام فى الصميم أعجبنى ويقول نحن جيل لم يجلس على قهوة ولم يعرف طعم الشيشة فقد كانت للصنايعية! وكانت الفتاة تسير بمنتهى الثقة والأمان وهى لابسة أى زى حتى ولو كان «المينى جوب» وهى تشعر بالثقة والأمان لوجودنا بالشارع ولا يستطيع أحد أن يعلق أو ينظر إليها وجيل لم يعرف كلمة التحرش، وكان غير متربى بل ومنحط اللى يعاكس البنت فى الشارع وكانت التحية السائدة صباح الخير أو بونجور أو حتى سعيدة نحن جيل مترو مصر الجديدة اللى بيبرق من النظافة وكراسيه الجلد الحمراء المريحة وقطار المعادى ومحطة باب اللوق وميكروباص 13 من التحرير للجبلاية بقرشين ـ نحن جيل كانت البيرة ستلا بتباع فى ثلاجات الكوكاكولا وبنفس السعر ولم نجرؤ بشربها لنسكر وكان أمامنا كامل الاختيار ولكننا تعلمنا مسئولية اتخاذ القرار الصح والخوف من الله.. نحن جيل القراءة ..مجلات ميكى وسمير وتان تان ومجلة المعرفة والمغامرين الخمسة وأجاثا كريستى.. وكانت أكشاك الصحف تنشر الجرائد على حبل مثل حبل الغسيل ويقف الشباب أمامها بالساعات ليقرأوا ويتابعوا السياسة والرياضة لمن لا يستطيع الشراء نحن جيل كان يحب مدرسته ويحترم مدرسيه وكنا نعدى على الرصيف المقابل لما نشوف مدرسنا فى الطريق ولا نتجرأ أن ننظر فى عينيه.. نحن جيل سلاح التلميذ ولا ملازم ولا دروس خصوصية ولا سنترات.. نحن جيل لم ينهار نفسيا من عصا المعلم بل زادنا احتراما له.. ولم يجبرنا على درس خصوصى.. وقمة الفخامة لما يعطيك المدرس كراريس ويقول لك وصلها للفصل الثانى.. تدخل أمام الطلبة وتحس إنك واخد وسام. نحن جيل كنا نحترم الرجل الكبير فى السن ودين الآخر وأحزان الجار وإشارة المرور كنا نسمع كل الأغانى العربية والإنجليزية والفرنسية.. كلنا حبينا وبكينا على أغانى حليم وفيروز ورقصنا على نغمات البيتلز وداليدا كنا بنشيل الأوراق فى جيوبنا لكى نضعها فى سلال القمامة المعلقة على عواميد النور. كنا بنرفع فتات الخبز من الأرض بعد تقبيلها ووضعها على جباهنا تقديرا للنعمة نحن جيل كان ديننا من الجدود وعرفنا العيب من الوالدين والأقارب كانت أحذيتنا من باتا وكحكنا من بسكو مصر والزبادى من مصر للألبان والتليفزيون من شركة النصر والثلاجة من ايديال والاسبرين من ريفو والدولار بـ 70 قرشا.. جيل تربى على المحبة والتسامح جيل كان للأب والأم الوقار والحب ونتقاسم مع الصديق المصروف والأسرار. لقد عشنا فعلا الزمن الجميل.. شكراً للصديق محمود هديب على هذه السيمفونية الأخلاقية والكلام الطيب عن الزمن الجميل.