نقطة نظام

فى ظل هؤلاء.. مستحيل يا د. خشت

مديحة عزب
مديحة عزب

بقلم/ مديحة عزب

لم يخطئ الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة عندما طالب بتأسيس عصر دينى جديد، لم يخطئ عندما طالب برفع القداسة عن بعض البشر الذين يعتبرون أنفسهم مُلاّكا للحقيقة المجردة واعتبارها سقفا محفوظا لا يجوز اختراقه.. لم يخطئ عندما قال إن القداسة لله وحده.. لم يخطئ عندما قال إنه قد بات من الضرورات الملحة واليوم قبل غد العودة إلى الإسلام الحقيقى وكفانا إسلاما مزيفا نعيشه منذ قرون وحتى اليوم، لم يخطئ عندما قال إن تلك العودة لن تتحقق إلا بتطهير الإسلام الحقيقى (قرآنا وسُنّة صحيحة غير متناقضة مع القرآن) من العوالق العفنة الراكدة فى قاع كتب التراث.. فالمشكلة كما يراها الدكتور الخشت ليست فى الإسلام النقى الطاهر الذى نزل فى صورته الأولى ولكن فى عقول المسلمين وحالة الجمود الفكرى والفقهى التى يعيشون فيها منذ عشرات القرون.. لقد اختلط المقدس والبشرى فى التراث الإسلامى واضطربت المرجعيات وأساليب الاستدلال، ولذلك بات من غير الممكن من وجهة نظر الدكتور خشت وكافة التنويريين تأسيس عصر دينى جديد دون تفكيك العقل الدينى التقليدى وتحليله للتمييز بين المقدس والبشرى فى الإسلام وتكوين خطاب دينى جديد يتراجع فيه لاهوت العصور الوسطى الذى كان المتعصبون يحتكرون فيه الحقيقة الواحدة والنهائية.. أما إذا تساءلنا كيف يمكن ان يتحقق هذا فالدكتور الخشت يجيب، لابد من تفكيك الخطاب الدينى البشرى التقليدى وتفكيك العقل المغلق ونقد العقل النقلى وفك جمود الفكر الإنسانى الدينى المتصلب والمتقنع بأقنعة دينية مزعومة ترتكز على مرجعيات وهمية تكونت فى قاع تراث صُنع لغير عصرنا.. فهذه المرجعيات الوهمية يجب إزاحتها لأنها لا تشتمل إلا على العناصر الميتة والسوداء، وللأسف لا تزال تقود قطعانا لا تعرف إلا لغة الموت والكراهية ونفى الآخر وشتان بينها وبين عقيدة رب العالمين الذى تتسع سماؤه وأرضه للجميع.. وبعد التفكيك كما يقول الدكتور الخشت تأتى مرحلة التأسيس وأهم أركانها تغيير طرق تفكير المسلمين وتقديم تعليم جديد قادر على إنتاج عقول نقدية مفتوحة على الإنسانية تستطيع فهم المنابع الصافية للقرآن والسُنّة النبوية المطهرة فهما عقلانيا غير ملوث.. يقول الدكتور الخشت إنه قد بات ضروريا تغيير المرجعيات البشرية التقليدية التى تقدس البشر ولا تخلص الدين لله وذلك كخطوة حتمية لابد منها لكى نتمكن بعد ذلك من تأسيس فقه جديد وتفسير جديد وعلم حديث جديد دون مساس إطلاقا بثوابت الدين.. وبدون هذا فلن نستطيع أن نخرج من الدائرة المقيتة لكهنوت صنعه البشر لدين مكتمل بشهادة الله سبحانه وتعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا).. وللأسف فبمجرد صنع الكهنوت تلقفته أيدى آلاف المقلدين من أصحاب العقول المغلقة والنفوس الضيقة التى لا تستوعب رحابة العالم ولا رحابة المتن المقدس ولا رحابة السماء.. لم يخطئ الدكتور الخشت عندما أعرب عن أمله فى أن نتجاوز عصر الجمود الدينى الذى طال أكثر من اللازم فى بلادنا حتى لا نكون كالذى يقوم بترميم بناء قديم بينما الأجدى هو إقامة بناء جديد بمفاهيم جديدة ولغة جديدة ومفردات جديدة لا تتنكر للعناصر الحية فى كتب التراث لكن تعيد استيعابها فى ظل تطور العلوم الحديثة والتطور الحضارى.


يا دكتور خشت أشفق عليك غاية الإشفاق فآمالك عريضة وأحلامك كبيرة ولكنك دخلت فى حارة سد.. فأنت تخاطب أناسا يقدسون كتب التراث ربما أكثر من تقديسهم لكتاب الله، وقضوا أعمارهم كاملة يدرسونها سواء لأنفسهم أو للآخرين ويستميتون فى الدفاع عنها انتصارا لروايات موضوعة كتبت بمداد أهواء السابقين حتى ولو تناقضت مع كتاب الله الذى أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير.. ولذلك يستحيل أن يستجيبوا لك أو لغيرك..
 ما قل ودل:  مفيش حاجة اسمها زوج مخلص وزوج غير مخلص.. فيه زوج اتقفش وزوج لسه..