الصحة العالمية: حجم انتقال كورونا داخل المجتمع غير مفهوم بشكل تام

جانب من مؤتمر المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية حول فيروس كورونا
جانب من مؤتمر المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية حول فيروس كورونا
احمد جلال
 

عقد المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، مؤتمرا صحفيا، في مقره بالقاهرة اليوم الأحد 2 فبراير، للكشف عن أخر مستجدات الوضع الصحي لانتشار فيروس كرونا المستجد في الصين ونحو 18 دولة أخرى. 


يأتي ذلك على خلفية إعلان مدير عام منظمة الصحة العالمية، د.تيدروس أدهانوم، بأن الانتشار المرض بهذه الكيفية، يعتبر حالة طوارئ صحية عامة تسبب قلقا دوليا، وأكد ممثل المنظمة في مصر د.جون جابور، في كلمته خلال المؤتمر، أن هذا الإعلان يتطلب من الجميع العمل معا للحفاظ على سلامة العالم، لأن فاشية فيروس كورونا تسبب مشكلة دولية تهدد الصحة العامة، ولا يعود السبب في ذلك إلى ما يحدث في الصين فقط، إنما هي مبعث قلق بسبب الخطر الذي تمثله على البلدان الأخرى، لاسيما البلدان ذات النظم الصحية الضعيفة.

 

وأشار د.جون جابور إلى أن المكتب الإقليمي لشرق المتوسط دعا إلى عقد هذا المؤتمر اليوم لإطلاع الجميع على المستجدات بشأن الفيروس، ومدى انتشاره، وكيفية العمل مع الدول الأعضاء على تعزيز قدرات التأهب والاستجابة على الصعيدين الإقليمي والقطري، مؤكدا أن وسائل الإعلام تعد شریكا للمنظمة في إذكاء الوعي بشأن أمور الصحة العامة.

وأضاف قائلأ "أنتم تقومون بدور رئيسي في دعم المنظمة، ووزارات الصحة، وغيرها من السلطات، والتصدي للشائعات، وتصحيح البيانات غير الدقيقة، وتفنيد المعلومات المغلوطة، والتي قد تضلل العامة، وتعرض صحتهم وحياتهم للخطر، وتشكل عقبة كبيرة أمام وقف الفاشية، ونحن نعتمد على كل واحد منكم أن يساعدنا في نشر المعلومات الدقيقة والملائمة والمسندة بالبيانات".

وقال جون جابور إنه سيبدأ اليوم بإطلاع الإعلام على مستجدات الوضع، ومناقشة الفيروس، ثم الحديث عن جهود التأهب الإقليمية، وأين نقف الآن، وما الذي يمكن القيام به في مواجهة مستجدات الوضع، مضيفا: "فيما يتعلق بسؤال أين نحن من الأرقام ومعدل الانتشار، أود أن أذكر الجميع بأننا في منعطف مهم في التعامل مع هذه الفاشية، ولدينا الفرصة أن نضع لها نهاية، أو الحد من أثرها على الأقل".

وأكد أنه حتى تاريخه، يوجد 11953 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، وأغلب هذه الإصابات في الصين، إما في إقليم شرق المتوسط، والحالات الموثقة حتى الآن هي لستة أفراد، أربعة منهم ينتمون إلى نفس العائلة في الإمارات العربية المتحدة، وبالنظر إلى مدى تطور الفاشية، ليس من المستبعد ظهور حالات مؤكدة جديدة في مناطق وبلدان أخرى.

وتابع: "توضح البيانات الوبائية أن العدوى بفيروس كورونا المستجد تنتقل من شخص إلى آخر عبر الرذاذ الأنفي، ولكن لا يزال حجم انتقاله داخل المجتمع وأماكن الرعاية الصحية غير مفهوم بشكل تام ويخضع للاستقصاء؛ لذلك يجب على الأفراد اتخاذ التدابير الوقائية الأساسية من أجل تقليل التعرض المحتمل للأمراض التنفسية الحادة وانتقالها، وتشمل هذه التدابير غسل اليدين بشكل صحيح، وإتباع آداب السعال، من خلال تغطية الفم والأنف بقناع أو منديل وحيد الاستعمال عند السعال، إضافة إلى ذلك، يجب على المرافق الصحية تعزيز جهود الوقاية من العدوى ومكافحتها".

وقال: "في معظم الحالات، يسبب المرض أعراضها بسيطة تشبه الأنفلونزا، ولكن قد يؤدي إلى مرض أكثر وخامة، ويبدو أن المرض يتطور لدى حوالي 20% من الحالات إلى مرض وخيم، بما يشمل الالتهاب الرئوي والفشل التنفسي  وفي بعض الحالات الوفاة".

وأبلغت السلطات الصينية عن وفاة شخصين إلى 4 أشخاص من بين كل 100 شخص مصاب بالفيروس، رغم أن تحديد معدل إماتة الحالات لا يزال من الصعب تقييمه، لأن إجمالي عدد حالات العدوى لا يزال غير معروف، إلا أن هذا المرض جديد، وفهمنا له يتحسن بسرعة.

و تواصل المنظمة تحليل المعلومات بشأن الحالات الحالية والجديدة، وذلك لاستباق الأحداث وفهم مدى وخامة هذا المرض.

تقييم المخاطر
فيما يتعلق بتقييم المنظمة للمخاطر، صنفت المنظمة خطر فاشية فيروس كورونا على أنه مرتفع، من حيث تأثيره على صحة الإنسان، وانتقاله من شخص إلى آخر، وقدرات التأهب الحالية، ويعد الخطر مرتفعا في هذا الإقليم بسبب الرحلات الجوية الدولية القادمة من الصين بشكل مباشر وغير مباشر، ولأن العديد من البلدان في الإقليم تواجه حالات طوارئ معقدة أو تتعافى منها في ظل وجود نظم صحية هشة.

أما عن الإجراءات التي يتم اتخاذها للحد من هذا الخطر فأكدت المنظمة أنها تشمل كل من:

التأهب
ذلك عن طريق العمل المنظم على مدار الساعة، ليس فقط على مستوى العالم مع شبكات من أخصائي الوبائيات والأطباء السريريين والعلماء وغيرهم من الخبراء، ولكن أيضا على مستوى الإقليم هنا مع البلدان من أجل تعزيز التأهب الجماعي وعلى وجه التحديد، مع تقديم المشورة للبلدان والتعاون معها على تعزيز قدراتها العامة في نقاط الدخول إلى الدول من أجل الوقاية من وفود العدوى، وتعزيز ترصد المرض، والكشف المبكر عن الحالات المحتملة، والتدبير العلاجي للمرضى المشتبه في إصابتهم بالفيروس، وتتبع المخالطين - وذلك بهدف تحسين فرص مكافحة انتقال المرض في المستقبل، كما تعمل على تعزيز قدرات التشخيص للمختبرات، من خلال تزويد المختبرات الوطنية بالإمدادات الأساسية والإرشادات التقنية.

وفيما يتعلق بالعلاج، تقدم المنظمة المشورة لوزارات الصحة بشأن التدبير العلاجي المناسب للمرضى الذين أصيبوا بالمرض، وتوفر الإرشادات بشأن الوقاية من العدوى ومكافحتها، بهدف الوقاية من انتشارها داخل المرافق.

الصحبة
وبينما لا يوجد بعد لقاح أو علاج محدد للفيروس، أثبت العلاج الداعم فعاليته مع أغلب المرضى، وفي نفس الوقت، تساعد المنظمة في تنسيق الجهود العالمية بين الباحثين الذين يعملون على تطوير لقاحات وعلاجات ممكنة.

وعبر المركز الإقليمي للإمدادات اللوجستية بمدينة دبي، جهزت المنظمة الإمدادات مسبقا، وبدأت في شراء سبعة ملايين قفاز، وخمسة ملايين قناع جراحي، ومليون رداء وقائي لتوزيعها على الدول الأعضاء بالإقليم حسب الحاجة. كما أصدرت مجموعة أدوات للاستجابة الأولية تغطي احتياجات 50 عاملا في مجال الرعاية الصحية للوقاية من العدوى ومكافحتها، وستقوم  بإرسال إمدادات للمختبرات من أجل دعم جهود الترصد في 10 بلدان معرضة لخطر مرتفع.

السفر
بالنسبة للسفر، لا توصي المنظمة في الوقت الحالي بفرض أي قيود غير ضرورية تتعلق بفاشية فيروس كورونا على السفر أو التجارة، ومع ذلك، قد تتخذ الحكومات الوطنية قرارات أخرى بشأن السفر، بالنظر إلى سباقاتها الخاصة، وستواصل المنظمة تزويدها بالمشورة بشأن كيفية التعامل مع وفود الحالات.


الشائعات والمعلومات المغلوطة
وأشار جون جابور إلى أنه بخصوص المعلومات المغلوطة والخوف المنتشر عن منشأ فيروس كورونا وتأثيره، ستواصل المنظمة والشركاء ضمان تزويد الجميع بأحدث المعلومات وأفضلها بشأن كيفية التصدي لهذا الفيروس، وتتوفر هذه المعلومات على المنصات الإلكترونية للمنظمة.

وأضاف قائلا"نعتمد عليكم في مشاركتها مع جماهيركم، والمساهمة في إذكاء الوعي بالحقائق عن هذه الفاشية، وتدابير المكافحة الأكثر فعالية؛ فأنتم الحليف الأقوى، ونتطلع إلى مواصلة التعاون معكم في هذه القضية، وفي واقع الأمر، أطلب من المعنيين بالأمر منکم، تشكيل فرقة عمل مشتركة معنا، لإيجاد أفضل ممثل الوصول إلى الناس، وتوعيتهم، وتفنيد المعلومات المغلوطة".

واختتم د.جون جابور حديثه، قائلا: "اسمحوا لي أن أختم حديثي بأن المنظمة تشاطر جميع من بداخل هذه القاعة وخارجها القلق على صحتكم وصحة أسركم وأصدقائكم، فظهور أي مسبب مرض جديد، قد يؤدي إلى الإصابة بمرض وخيم والوفاة، يبعث على القلق البالغ، ويجب التعامل معه بمنتهى الجدية، ولكن السبيل الوحيد للقضاء على هذه الفاشية هو أن تعمل جميع البلدان والجهات المؤثرة الرئيسية على التحلي بروح التضامن والتعاون، ونحن نواجه هذا الموقف معا".