فيديو| أول تعليق من رئيس جامعة القاهرة بعد تحريف كلمته مع شيخ الأزهر

د.محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة
د.محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة

علق رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد الخشت، على الهجوم عليه والذي اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، مدعيين أن حربا قامت بينه وبين فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، خلال مؤتمر الأزهر العالمي.

ونشر «الخشت»، عبر حسابه الشخصي على موقع «فيسبوك»، فيديو كلمته، معلقا عليه: «نص وفيديو رد الدكتور محمد الخشت على الدكتور أحمد الطيب في مؤتمر (التجديد في الفكر الإسلامي) بالأزهر، الرد الذي قام البعض بإخفائه بعد المناظرة، وحاولوا التحريف فيه في الأداء واللفظ ومحاولة تشويهه بتدخلات تقنية».

وجاءت نصه كالتالي:
«في رده على انتقادات د.أحمد الطيب، عقب د.محمد الخشت بعده مباشرة على المنصة، قائلًا:
أسعد الله مساءكم بكل خير..
فضيلة الإمام، أنا على علاقة كبيرة جدًا به، وأشرف بعضوية مجلس إدارة حوار الأديان بالأزهر، لكن اليوم أنا فعلًا واجهت طريقة غير متوقعة في فهم كلامي، ولا أريد أن أقع في نفس الفخ، بأن ألقي اتهامات مقابلة.
أولا لأنه تم قياس كلامي على تيار آخر، وتم تحميل كلامي معاني تيار آخر مضاد للأزهر!».
«وهذا ليس حقيقيًا، أنا عندما أقول، أعني ما أقول وبدقة، أنا أول مؤلفاتي دُرِّسَت في الجامعات السعودية والعربية سنة ١٩٨٦م، كتابي مفاتيح علوم الحديث، تحقيقي المقاصد الحسنة للسخاوي، وتحقيقي كتاب تمييز الطيب من الخبيث، ٦٧ كتابا مؤلفا وتحقيقا يا دكتور حاتم، فأنا أعني ما أقول».

« فضيلة الإمام.. لم أكن أريد حِجاجا، ولكن كنت أريد حوارا، وبحثا عن أرضية مشتركة، عندما أتحدث عن أمور نتفق فيها، يُرَد عليَّ أيضا!! أقول نأخذ عقائدنا من المتواتر وليس من الآحاد، يُرد عليَّ أيضا؟! يعني لو اتفقنا يُرد عليَّ أو اختلفنا يُرد عليَّ؟!».

« أما موضوع القطعي والظني، أنا كان أمامي عشر دقائق فقط، لذلك أتحدث في عبارات سريعة، لكن إن أردت أن تعرف الضوابط، شرفني في جامعة القاهرة يا دكتور حاتم، وأنا أوضح لك هذا، فأنا لا أتحدث عن ضوابط ، أنا أتحدث عن أرضية مشتركة بيننا جميعا، التمييز بين القطعي والظني، بين المتواتر والآحاد».

«فضيلة العميد (عميد كلية أصول الدين) يقول لي: اطمئن، نحن نعمل ذلك، أنا مطمئن، لماذا أخذتم الكلام على أنه هجوم؟!، البعض يفكر بطريقة (إما ..أو)، .. إما الخشت معنا أو ضدنا !!».
«هذا تفكير أرسطو، القائم على الفصل الابستمولوجي المعرفي القائم على الفصل بين بديلين، والإسلام لا يقوم على الفصل (إما .. أو )».

« لا يستطيع أحد الزعم بامتلاك الحقيقة المطلقة..
(وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)..
من قائل هذه العبارة؟! أريد أن أسمع!! ومن قال: (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم)، طبعا ستقول لي : يا دكتور الخشت ذاكر كتب التراث، ستجد المفسرين يقولون: الظن هنا بمعني اليقين، وأنا أسأل: لماذا لم يستخدم ربي لفظ (يوقنون)؟!».

«الإمام الشافعي، إذا عاد إلى عصرنا سيأتي بفقه مختلف؟!
لقد اتفقتم معي في ذلك، فلماذا الحديث عن هذا الرأي ثم مناقضته؟!
يعني إذا اتفقنا يحصل ردّ، وإذا اختلفنا يحصل ردّ؟!».

« تجاوز التراث ماذا يعني؟
مَن فهم تجاوز التراث بالمعني العامي، فقد فهم غلط! لأن التجاوز هنا لا يعني أنك نفيته، التجاوز يحمل معني النسخ، ويحمل معنى التقدم إلى الأمام، ويحمل معنى التضمن، مثل لفظ النسخ، والنسخ يعني الحذف والإلغاء أم يعني أيضا الإثبات والاستنساخ!».

«أريد أن أسمع!!
النسخ في اللغة العربية يحمل المعنيين، وكلمة تجاوز تعادل في الألمانية (aufheben)، والتجاوز ليس معناه النفي والإلغاء وحدهما، التجاوز معناه الإلغاء والحفظ معًا، أن يكون عندي مجموعة من النقائض المتصارعة، عليّ أنا أن أشتغل عليها لكي تتفاعل وأصل إلى مُرَكّب جديد، والمركب الجديد ليس نفيا للتراث بشكل مطلق».

«نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، هل جاء ليؤكد اليهودية في مقابل المسيحية؟! أم جاء ليؤكد المسيحية في مقابل اليهودية؟!
أم أن علماءنا يقولون لنا إن الإسلام مهيمن ومصدق لما بين يديه من الكتاب، سواء كان توراة أو إنجيلا، فهو مُركّب... (نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل)، مصدق ومهيمن لكنه ليس تكرارًا ولا تقليدًا».

« أنا استشهدت بالإمام أحمد بن حنبل، فكيف يزعم أحد أنني ألغي التراث بإطلاق؟
إذن كيف أقلدهم؟!
أن آخذ بمناهجهم في التجديد، وموقفي من التراث دون تهوين أو تهويل أو تقديس. أنا حاولت أن أتجاوز التهوين والتهويل، لا إهانة للتراث ولا تقديس للتراث...
هل أظل متمسك بكل شيء في التراث قديما؟
إذن لو كان هذا حقيقيا، نوقف الكون!».

« فضيلة الإمام - وهو عارف أنا أحبه قد إيه- انتهي في كلامه إلى أننا أخفقنا جميعا، وأن الأمم سبقتنا..
ألم تقل حضرتك هذا؟
( رد من فضيلة الإمام: بس مش التراث هو السبب ..)
أنا لم أقل التراث وحده، هذه أشياء كثيرة، أنا لا يصح أن أحكم على التراث كله مرة واحدة، يعني لا يصح أن أقول التراث كله جيد، أو أن التراث كله غير جيد، لا يصح، (قل سيروا في الأرض فانظروا)، لابد أن نميز في التراث، الذي صنع التراث أحد مثل فضيلتك، ومثلي، سيادتك تصيب وتخطئ أم لا؟ تصيب وتخطئ، وأنا كذلك أصيب وأخطئ، نحن بشر، أنا لا أتحدث عن الأزهر كمؤسسة، والأزهر أيضا يصيب ويخطئ، وجامعة القاهرة تصيب وتخطئ، والأمم المتحدة تصيب وتخطئ».

«هل المطلق عكس الشكي؟!
أبدا يا فضيلة الإمام، أنت علمتنا في الفلسفة أن المطلق عكسه النسبي، وليس عكسه الشكي...
هل كتابي يقين مطلق؟ طبعا لا.
هل كتابي مشكوك فيه؟ طبعا لا..
لكنه اجتهاد بشري، قابل للصواب والخطأ، يصيب ويخطئ، كلنا نجتهد بشريا، ربنا سبحانه وتعالى، سُنّته أنه أراد لنا الاختلاف والخلاف إلى يوم الدين، وبصمة فضيلة الإمام، غير بصمتي، غير بصمة فضيلة المفتي، غير بصمة السيد عمرو موسي، ربنا لو يريدنا كلنا نسخا واحدة من بعضنا البعض، لم يكن عمل لكل واحد فينا بصمة.
المشكلة أن بعض الزملاء حسبوني على تيار معين.. (إما ... أو...)، وأنا ليس (إما... أو...)».

« أنا لا أنتمي إلا لعقيدتي، أنا مسلم ولست أشعريا، أنا مسلم ولست معتزلا، أنا مسلم ولست ماتريديا، لماذا أحصر فهم العقيدة الإسلامية في فهم الأشعري؟!
الأشعري كان عظيما في عصره يا فضيلة الإمام، وأقدره، لأنه قام بمهمته في الدفاع عن العقائد الإسلامية في مقابل العقائد المنحرفة في ذلك الوقت، وفي مقابل الفتن، وفي مقابل الشُّكاك.
لو أنا حبيت أكون مثل الأشعري.. هل أمشي على آرائه بالضبط؟! أم أرد على العصر بأساليب العصر؟! أرد على العصر بأساليب العصر».

« فضيلتكم، لو كلنا أخفقنا كما قلت حضرتك، هذا معناه أننا سائرون في طريق غلط، أكيد الطريقة غلط، ومنهجنا غلط، وطريقة تفكيرنا غلط.. إذن لابد أن نراجع أنفسنا.
العقل الديني ليس مقصودًا به القرآن الكريم، العقل الديني مقصود به طريقتنا نحن في التفكير، وهذه طريقة بشرية».

« الأزهر.. أنا أقف إجلالا للشيخ شلتوت، قلت هذا في كلمتي الأولى، وتعلمت من د. عبد الله درّاز. بالله عليك يا فضيلة الإمام، كتاب (دستور الأخلاق في القرآن) الذي عمله عبد الله دراز، أنا أقترح أنه لازم يُدرس، لأنه انفتح على علوم أخرى.
انا أحترم الأزهر، واتفق معه في بعض الأشياء واختلف، عادي، هل نحن ضد الأزهر، لا طبعا. نحن دولة واحدة، والدولة الوطنية معناها دولة مؤسسات، لابد أن نتآزر، ولابد أن نصل إلى أرضية مشتركة».

« نظرية الطلاق وتوثيقه، حضرتك تطلب يا دكتور حاتم دليلا عقليا، أقدمه لك: هو نظرية الأشكال القانونية المتوازية الحديثة. وأنا لن أقول لك الحقيقة المطلقة، أنا أطرح رأيي في مقابل الآراء الأخرى، وفي الآخر المسألة اتفاق جمعي على التشريع في البرلمان».

«فضيلة الإمام، الصحابة رضي الله عنهم، عظماء؟ نعم، رجال لا يُضاهون في التاريخ؟ نعم، ولكن هل هم معصومون؟ أبداً، هل هذا إهانة لهم؟ أبدا، لا أنا ولا غيري نقدر نكون عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولا أبو بكر رضي الله عنه، هم صنعوا تراثا عظيما، وحضارة عظيمة. ولما ساروا على المنهج وعلى الطريق، الأمة الإسلامية ارتفعت. لو نريد أن نكون مثلهم نبحث عن شروط النهضة، وشروط الانتقال من عصر إلى عصر، وليس بتقليد الآراء».

« فضيلة الشيخ.. أنا أدعو حضرتك، وأدعو أولادي من الأزهر وجامعة القاهرة أن ندع طريقة التفكير (إما ... أو...)، (إما معي، أو ضدي)، أنا لست معك في كل شيء، ولست ضدك في كل شيء، أنا أُجِلّك واحترمك وأقدر رأيك يا فضيلة الإمام، وأنا لا أملك الحقيقة المطلقة، لكن آرائي ليس مشكوكا فيها، آرائي نسبية تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ، مثل أرائك.
أرجو من أولادي وأصدقائي علماء الأزهر، أن يفهموا هذا الكلام، لأننا نريد أن ننتقل إلى مرحلة فكرية جديدة، ولا ندخل في نظام الحِجاج، واتهام الآخر، نسمع الكلام في ضوء سياقه، وفي سياق عباراته، ولا نحسبه على تيار آخر».

« وأنا دعوت فضيلة الإمام أن يأتي إلى جامعة القاهرة، وأن يتحدث إلى أبنائي، لأني عارف أنهم سيكونون في أيد أمينة.
أنا سعيد جدًا بوجودي معكم اليوم، وسعيد بفضيلة الإمام والعلماء لتوضيح الآراء والبحث عن أرضية مشتركة، وربنا يوفقكم جميعا».