حكايات| «بحر الأشجار» الياباني.. رحلة السفر الأخيرة للمنتحرين

أحد المنتحرين في بحر الأشجار لم يتبق منه إلا سترته
أحد المنتحرين في بحر الأشجار لم يتبق منه إلا سترته

خطوة.. خطوتان.. ثلاثة.. أربعة.. خامسة.. أنت في طريقك للموت فقد سلكت دربا من دروب الهلاك، الغموض يلفك من حولك، لا تحاول التدقيق في ملامح المكان فلن تصل إلى السر، متاهة تتعطل فيها «البوصلة» أو أي وسيلة تواصل، فقد تتعثر قدماك في جثة أو اثنتان كانت تسكنها أرواح ضاعت بين أشجارها.. أنت هنا في غابة أوكيغارا باليابان.     

 

فكر ألف مرة.. هنا «بوابة الموت»

هنا «بوابة الموت»، والسفر إلى المجهول، حيث غابة أوكيغارا باليابان الموقع الأكثر غموضا في العالم، يحذب اليائسين من الحياة، ففكر ألف مرة قبل أن تطأها قدماك، فإذا قررت خوض التجربة فربما لن تعود أبدا، منطقة لا يقصدها إلا الراغبون في الانتحار، أو المتطوعون الباحثون عن جثث فارقتها الأرواح.

 

منظمة الصحة العالمية، تؤكد أن هناك أكثر من مليون حالة انتحار ناجحة كل عام، ما يعني وفاة شخص كل 40 ثانية، لكن من المفارقات أن هذه الأعمال اليائسة غالباً ما تنفذ في بعض من أجمل المواقع في العالم.  

 

أفلام الرعب أمام عينيك

فغابة أوكيغارا مكان خلاب ملهم لمخرجي أفلام الرعب، لا يدخلها الضوء، وبمجرد دخولها يفقد هاتفك وظيفته حيث تنعدم فيها التواصل مع أي شبكات هوائية للاتصال أو طلب المساعدة، ومما يزيد الأمور تعقيداً تعطل البوصلة فيها مهما كانت دقتها بسبب الرواسب الغنية بالحديد المغناطيسي في التربة البركانية في المنطقة.

«بحر الأشجار».. الأولى في نسب الانتحار 


«بحر الأشجار» موقع في الغابة يعد المكان الأول في نسب الانتحار في العالم، قالوا عنه إنها منطقة مسكونة بالأرواح الغاضبة، فقبل الدخول إلى الغابة تجد علامات وضعتها الحكومة اليابانية تقدم رسائل، منها «فكر جيدًا في أطفالك وعائلتك»، «حياتك هدية ثمينة»، «يرجى استشارة الشرطة قبل أن تقرر الموت»، «أطلب المساعدة».

 

أشباح المنتحرين تجذب المحزونين


رائحة الموت تشعر بها في كل مكان، فالروحيون اليابانيون يعتقدون أن حالات الانتحار التي ارتكبت في الغابة قد تخللت أشجار أوكيغارا، التي تمنع متاهتها العودة أو الفرار من الغابة، وأن الأشباح أو الأرواح الحزينة للمنتحرين في الغابة يجذبون أمثالهم من الذين يشعرون بالحزن والضياع.

جثث بين الأشجار


كل تلك الأوصاف المرعبة لم تردع الناس من الانتحار في هذه الغابة الكثيفة، فكل عام يعثر المتطوعون الذين يتولون تنظيف الغابات على عشرات الجثث، لكن هناك الكثير يضيع إلى الأبد بين الأشجار الكثيفة، حتى توقفت السلطات اليابانية عن نشر الأرقام الحقيقية لحالات الانتحار حتى  لا تتحول تلك المنطقة لشهرة شعبية.

 


في أوائل العقد الأول من القرن العشرين، تم الكشف أن هناك من 70 إلى 100 شخص يتخلصون من حياتهم بالانتحار كل عام في تلك الغابة، وعادة ما يقوم المتطوعون الذين يبحثون في المنطقة عن الجثث وأولئك الذين يفكرون في الانتحار بتحديد طريقهم بربط شريط بلاستيك حول الأشجار حتى لا يفقدون طريقهم، وحتى إذا تراجع أحدهم عن الانتحار، يجد طريقا للفرار.


الغابة ليست كلها مسرحا للموت، بل يمكن للسياح الاستمتاع بمناظرها الخلابة مثل جبل فوجي والتجول بين المعالم البارزة فيها مثل هضبة الحمم البركانية المميزة والأشجار التي يبلغ عمرها 300 عام.. فهل تحب زيارتها؟