قلب وقلم

.. افتقدنا حضور وديع سعادة

عبد الهادى عباس
عبد الهادى عباس

وجه حضارى مشرق يُثبت أن مصر قادرة على دحر أى أفكار شاردة عن سياقها الثقافى العتيد.. كان ذلك انطباعى منذ اليوم الأول لمعرض الكتاب هذا العام؛ فقد بذل المشاركون فى التنظيم جميعًا وعلى كل المستويات جهدا كبيرا ليستمتع الزوار: المصريون والعرب والأجانب بالمعرض تحت شعار: متجمّعين فى مصر؛ فلم يغفلوا عن أدق التفاصيل، فى النظافة والنظام والمساعدة والتوجيه ورعاية أصحاب الهمم من ذوى الإعاقة.. كما لم يكن الكتاب وحده هو البطل وإنما نافسته ورش لتدريب الأطفال على الرسم والخط امتاز بها الجناح المتفرد للأزهر الشريف الذى تركزت إصداراته على الكتب الفكرية لتوافق التوجه العام لتجديد الخطاب الدينى.. كل هذا الجهد المحمود من د.هيثم الحاج علي، والذين معه، لا يعنى أن الصورة كانت مكتملة الأركان، وأن الحياة بلون البنفسج؛ إذ كانت هناك عدة سلبيات نالت من هذا العرس الثقافى وسكبت عليه أوحالا شائنة.. وعلى رأسها تلكؤ الهيئة فى إصدار الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر اللبنانى الكبير وديع سعادة، رغم أنها تعمل عليها منذ عدة أشهر، بل وأعلنت من قبل عن حضوره المعرض ليكون أيقونته، خاصة أنه أحد كبار الشعراء العرب الموجودين الآن، ثم حالت البيروقراطية التى تضرب بجذورها فى الهيئة العتيدة دون ذلك، لتعيد مطابعها طباعة المطبوع ونشر المنشور، ومجاملة فلان، ومراضاة علان، وتجنب تشنيع ترتان، فتصبح لدينا «كومة» من الإصدارات التى لا تُغنى ولا تُسمن من ثقافة، ولتغلب «حيلة» الموظف «فكر» المثقف، وهو ما تحاول مصر «الجديدة» أن تلفظه عن نفسها.. كانت هناك مثالب أخرى فى التنظيم تمثلت فى الندوات التى لم تكن على مستوى الحدث الثقافى الكبير، والتى فتحت الباب أمام الحضور «الهزيل» عن عدد من علامات الاستفهام عن كُتاب عرب لا يحضرون الندوات رغم توافر تذاكر السفر على «نفقتنا»، وحضور كُتاب آخرين على «نفقتنا» أيضًا دون أن يُشاركوا فى الندوات أو تكون لهم برامج ثقافية مُحددة!.. كل هذا بالطبع لا يقدح فى الصورة المبهرة التى جعلت من المعرض فى مكانه الجديد شبيهًا بالمعارض الأوربية.. فقط نرجو أن يتم تدارك تلك الهفوات العام المقبل، لنقول مع الشاعر: «وما محاسن شيء كله حسن».. ولاتزال هناك فرصة لمن لم يدخل «جنة» الكتاب.. خذ أبناءك واذهب، صدقنى ستستمتع!