خطة من ٣ محاور بمشاركة 7 وزارات

صور| بتكلفة 12 مليار جنيه.. منظومة المخلفات الصلبة تنهي مشاكل «القمامة»

منظومة المخلفات الصلبة تنهى مشاكل «القمامة»
منظومة المخلفات الصلبة تنهى مشاكل «القمامة»

بين ليلة وضُحاها، انبثق شعاعُ أملٍ من رحِمِ اليأس، يحمل بين طياته حلًا سهلًا وبسيطًا لمشكلة «القمامة» يحمى المواطنين من براثِن الأمراض المُعدية والأوبئة، ويُعيد اللمسة الجمالية لشوارع المحروسة ومحافظاتها، يتمثل فى موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسى على تنفيذ منظومة «المخلفات الصلبة» الجديدة اجتمع عليها وزراء البيئة، التنمية المحلية، الإنتاج الحربى، المالية والتخطيط والهيئة العربية للتصنيع والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، مُهمتهم واحدة، وهى رفع ملايين المخلفات التاريخية المُتراكمة خلال السنوات الماضية وإنشاء محطات وسيطة وخلايا دفن صحية خارج التكتُلات السكنية، ورفع كفاءة وإنشاء خطوط التدوير والمعالجة، بالإضافة إلى إحلال وتجديد شبكة مُعدات الوحدات والأحياء بالمحافظات، واستحداث وحدات تدخل سريع لرفع المخلفات بالشوارع.


وبعزيمة وإصرار تحولت أروقة وزارات البيئة والتنمية المحلية والإنتاج الحربى خلال الفترة الماضية لخلية نحل شهدت أكثر من 100 اجتماع ومُباحثات مُتبادلة لإعداد منظومة جديدة لإدارة المخلفات الصلبة ووضع تصور متكامل لآليات تنفيذها على مستوى المحافظات، وخلالها تم إعداد خطة متكاملة تتضمن ثلاثة برامج « تطوير البنية التحتية، تمويل تكاليف التشغيل، والدعم المؤسسى والمجتمعي» بتكلفة حوالى  ١٢ مليار جنيه، وتُنفذ خلال أربع  سنوات بداية من العام الماضى 2019 حتى يونيه 2023،  نجحت المرحلة الأولى للمنظومة الجديدة فى رفع تراكمات 254 ألف طن قمامة من أصل 512 ألف طن والمقرر الانتهاء منها نهاية مايو 2020، وجارٍ إنشاء 22 محطة وسيطة ثابتة ومتحركة و26 خلية دفن صحى آمن بالإضافة إلى إنشاء وتطوير 9 خطوط تدوير مخلفات.


وتضمنت البرامج التنفيذية للمنظومة الجديدة، _ليس فقط إنشاء وتطوير البنية التحتية_ إطلاق مُبادرات شبابية متعددة لدعم المنظومة منها مبادرة «هنجملها بسواعد شبابها» وأخرى «معاً نرتقى» لتجميل جُدران الشوارع الرئيسية والميادين العامة، و«مجلس إدارة الشارع» لفرز المخلفات وتجميعها، بالإضافة لحملات توعوية بالمدارس وندوات للمواطنين وإشراك ذوى القدرات الخاصة فى اتخاذ القرار والمقترحات بشأن المنظومة الجديدة من خلال وحدات تكافؤ الفرص بدواوين المحافظات على مستوى الجمهورية، وتُتابع قيادات التنمية المحلية من خلال الوحدة التنفيذية بالوزارة لحظة بلحظة مراحل تنفيذ المنظومة بكافة مراحلها المختلفة بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المعنية تنفيذًا لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى.

 

«خلية نحل» بالتنمية المحلية لمتابعة التنفيذ

فى وزارة التنمية المحلية لا صوت يعلو فوق صوت منظومة المخلفات الجديدة، هُنا الكُل يدأبُ كبيرًا أو  صغيرًا على إنجاز دورِه المُحدد «التخطيط، التنفيذ أو المتابعة» على أرض الواقع،  وداخل أروقة الوزارة غرفة تُسمى بـ«الوحدة المركزية التنفيذية لمنظومة المخلفات الجديدة»، أنشئت بقرار  اللواء محمود شعراوى رقم 551 لسنة 2019 لإدارة ومتابعة تنفيذ المنظومة الجديدة على مستوى المحافظات، وعلى الفور تم إعداد الشروط المرجعية الخاصة بها، ومهام ومسئوليات مديرى الوحدات وفقا للهيكل المؤسسى.


داخل الغرفة المُغلقة بالوحدة التنفيذية للمنظومة ـ خلية نحل- وتعاون مشترك بين قيادات وزارات التنمية المحلية والبيئة والإنتاج الحربى، يجلسون أمام أجهزة الكمبيوتر المركزية يُتابعون خطة التنفيذ بالمحافظات،  وأثناء تواجد محرر «الأخبار» بالغرفة تلقى ممثلو الوزارات شكاوى واستفسارات هاتفية متعددة وتم البت فيها وحلها فورًا، وطلبات أخرى لجامعى القمامة بتخصيص أراضى لإنشاء مصانع فرز وتدوير القمامة.
فى البداية أكد د.خالد قاسم، مساعد وزير التنمية المحلية للمعرفة والعلوم، ورئيس الوحدة التنفيذية للمنظومة الجديدة، أن ملف القمامة من التكليفات الرئاسية الأربعة الهامة وتسعى الوزارة حاليًا لإنجازه عن طريق الخطة المستقبلية للمنظومة والتى تستهدف رفع معدلات جمع ونقل القمامة من ٥٥ % إلى ٨٨٪ ورفع معدلات التدوير من ٢٠٪ إلى ٦٠٪ وخفض معدلات الدفن من ٨٠٪ إلى ٢٠٪ بالإضافة إلى إنشاء محطات لانتاج الطاقة الكهربائية من المخلفات البلدية.


وأضاف قاسم أن تكلفة منظومة لإدارة المخلفات تبلغ حوالى  ١٢ مليار جنيه، وتضم ثلاثة برامج رئيسية وهى برنامج تطوير البنية التحتية وبرنامج عقود الجمع والنقل ونظافة الشوارع وتمويل عقود إدارة المدافن الصحية الآمنة، بالإضافة إلى برنامج الدعم المؤسسيّ والمجتمعى، مشيرًا إلى انه تم الانتهاء من إعداد قانون موحد للمخلفات الصلبة بالتعاون مع وزارات البيئة والمالية والداخلية وغيرها من الهيئات المعنية وجارى عرضه على مجلس الوزراء وقربيًا سيخرج للنور بعد مناقشته وإقراره بمجلس النواب..وأوضح أحمد عاطف، ممثل وزارة الإنتاج الحربى، انه تم الانتهاء من رفع المساحات والتصميمات الفنية لإنشاء 22 محطة وسطية ومتحركة وحاليًا يجرى على قدم وساق أعمال البنية الأساسية للانتهاء منها خلال العام المالى الحالى، مشيرًا الى إنه سيتم توريد صناديق القمامة ووضعها بالشوارع على مستوى المحافظات خلال شهر أبريل المُقبل..وأشار إلى انه جارٍ الانتهاء من إنشاء 26 خلية دفن صحى بمساحات تتراوح ما بين 5 إلى 10 أفدنة وذلك فى 17 محافظات، بالإضافة إلى رفع كفاءة 4 خطوط لتدوير ومعالجة المخلفات فى محافظة الغربية وجارٍ إنشاء 3 خطوط جديدة بمحافظات سوهاج  والمنيا والغربية.

 

وأضاف المهندس إبراهيم حافظ، مدير البحوث والتنمية الريفية ورئيس لجنة الممارسات، أن المنظومة الجديدة نجحت حتى الآن فى إصلاح ورفع كفاءة 1716 مُعدة مُعطلة «معدات النظافة والإنقاذ ومجابهة الأزمات» بجميع المحافظات من أصل 3879 مُعدة مُعطلة بالتنسيق مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وذلك بتكلفة تُقدر بـ 400 مليون جنيه، مشيرًا إلى أن المُعدات التى تم الانتهاء منها تدخل الخدمة فى الحال وتُشارك فى منظومة المخلفات الجديدة. . وأوضح ممثل وزارة البيئة، أنه تم تنفيذ العديد من المبادرات الشبابية بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية لدعم المنظومة الجديدة منها مبادرة «هنجملها بسواعد شبابها» لزراعة 73500 شجرة بالمحافظات، وأخرى «معاً نرتقي» لتجميل جُدران الشوارع الرئيسية والميادين العامة، و«طرق الأبواب» بالتعاون مع القومى للمرأة، ومبادرة «انتى البداية» لتدوير زيوت الطعام المستخدم، مشيرًا إلى تنفيذ حملة مكبرة لرفع المخلفات حول المسطحات المائية ومنها نهر النيل واستحداث وحدات تدخل سريع للتعامل مع المخلفات.

 

المناطق العشوائية فى «مهب الريح»..ووعى المواطنين ضرورى لنجاح الخطة
بدأت المرحلة الأولى لمنظومة «النظافة» الجديدة تؤتى ثمارها على شوارع وميادين المحروسة العامة، التى شهدت حالة من الانضباط النسبى، ورغم التغيير ورفع المخلفات بصفة مستمرة على مدار اليوم إلا أن سلوك المواطنين أصبح سببًا رئيسًا فى نجاح أو فشل المنظومة الجديدة.
مُحرر «الأخبار» رصد بالكلمة والصورة نتائج تطبيق منظومة المخلفات الصلبة الجديدة بشوارع محافظتى القاهرة والجيزة، وخلال الجولة الميدانية تبين رفع تراكمات القمامة بنطاق تجميعها مرتين يوميًا الأولى فى الساعات المبكرة لبزوغ الشمس والآخر خلال فترة الظهيرة وذلك بالشوراع الرئيسية والميادين العامة، إلا أن الأزقة الفرعية المليئة مازالت مليئة بالمخلفات المصطفة على جانبى الشوارع والطرقات بالداخلية، ورغم جهود الوحدات المحلية لنظافة الشوارع وتوفير صناديق إضافية إلا أن سلوك المواطنين والأهالى شيء مُحزن للغاية بسبب وضع «شُنط» القمامة على جانبى الطريق رغم وجود صناديق القمامة بعد خطوات بسيطة من وضعها دون مراعاة لجهود عُمال النظافة فى رفع وتطهير الشوراع بصفة مستمرة على مدار اليوم.


ففى محافظة القاهرة قامت الأجهزة التنفيذية بحيى روض الفرج وشبرا بتثبت صناديق بلاستيكية صغيرة بأعمدة الإنارة وأخرى أمام المحال التجارية بالإضافة إلى الصناديق الحديدية الكبيرة على جانبى الطريق، ولم يختلف الحال بشارعى فيصل والهرم بمحافظة الجيزة إلا أن سلوك المواطنين شوه المظهر الحضارى لهما بسبب ترك المخلفات فى غير الأماكن المُخصصة لها.


وأثناء جولتنا تلاحظ غرق شوارع المناطق الداخلية فى الاهمال وتراكم مخلفات القمامة وتسببت فى انتشار الروائح الكريهة والأوبئة للمواطنين، فأمام الوحدة المحلية لمنطقة أرض اللواء التابعة لحى العجوزة مقلب قمامة كبير على مسمع ومرأى من رئيس الوحدة المحلية، وكذلك الأمر بشارع الطريق الأبيض بسبب عدم وجود صناديق قمامة مما اضطر الأهالى تجميع القمامة بالقرب من الدائرى واضرام النيران بها، ولم يختلف المشهد بشارع ناهيا التابع لمنطقة بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة حيث تنشر المخلفات بمنتصف وجانبى الطريق مما تُعيق حركة مرور السيارات رغم اعتباره شارعًا رئيسيًا.


وأكد المواطنون أن منظومة النظافة الجديدة نجحت فى رفع العديد من مخلفات القمامة اليومية المنتشرة بالشوارع الرئيسية إلا أن سلوك وكسل بعض المواطنين يُنذر بفشل تلك المنظومة قبل تعميمها، مطالبين الأجهزة التنفيذية بوزارة التنمية المحلية التشديد على رؤساء الأحياء العشوائية بتوفير صناديق القمامة ورفع تجمعات المخلفات بصورة يومية خاصة بمحيط المدارس وذلك منعًا لتراكم المخلفات وانتشار الأمراض والأوبئة بين الطلاب والمواطنين.


وأوضح محمد مصطفى، موظف، أن هناك طفرة بقطاع النظافة والتجميل شهدتها بالشوارع وخاصة بعد تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى لوزيرى التنمية المحلية والبيئة بسرعة تنفيذ منظومة النظافة الجديدة، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية بالدولة تولى هذا الملف اهتمامًا كبيرًا بعد تزايد معدلات تراكم القمامة وتشوه المظهر الحضارى والجمالى لشوارع العاصمة.


وأضاف هانى السعيد، محامى، أن الدولة وضعت يدها على أسباب المشكلة وتسعى حاليًا لحلها فى إطار جديد «منظومة المخلفات الصلبة» إلا أن سلوك المواطنين بحاجة إلى حملات ومبادرات لتوعيتهم  بخطورة القمامة على الصحة والمبالغ المُنفقة على المنظومة الجديدة وذلك لتغيير سلوكهم ومساعدة الدولة فى تنفيذها لإعادة اللمسة الجمالية التى تميزت بها مصر خلال الحقائب السابقة.


وأشار السيد رمضان، مدرس، إلى أن حل مشكلة تراكم القمامة بالشوارع يُكمن فى التعاقد مع شركات «متعهد» لجمع المخلفات من المنازل وفرزها ونقلها للمحطات الوسطية دون الحاجة إلى وضعها بالشوارع، مضيفًا بضرورة فرض عقوبات قاسية على المخالفين وتاركى القمامة بالشوارع أو فى الأماكن المخصصة لها، سرعة إقرار وتطبيق قانون النظافة الجديد لإعادة اللمسة الجمالية للشوارع.