حروف ثائرة

مر السبت.. وماذا بعد ؟!

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

 كالمتوقع.. مر السبت الماضى هادئا.. الا من صخب وحيد لاحتفال أعداد من المواطنين برجال الشرطة فى ميادين المحافظات بعيدهم.. وسقطت من جديد دعوات التظاهر والتخريب لإسقاط النظام.. لا استغرب هنا التهويل لتلك الدعوات من قنوات وإعلام ونشطاء لا هم لهم الا التربص بمصر وتقبيح كل جميل بها.. وتهويل كل هين.. وتشويه كل تقدم ليظلوا فى حلمهم وغيهم ان تسقط مصر فيسهل إخضاع المنطقة لأوهام السلطان العثمانى فى خلافة زائفة.. او تركيعها تماما للمشروع الأنجلو صهيونى ومد مخالبهم أكثر بمنطقتنا بعد إسقاط عمود خيمتها.. لكن ما استغربه تخوف بعض القوى الشعبية والوطنية من هذا اليوم وتحسبهم له.. وما لم يعجبنى تهليل تلك القوى للهدوء الذى شهده واعتبارهم انه هزيمة للممثل المغمور محمد على ونهاية لمشواره السياسى «على أساس ان هذا المشوار قد بدأ او أن هناك مشوارا أصلا».
ان من راهن على هذا اليوم سلبا وإيجابا لم يفهم طبيعة المصريين.. قد يسهل خداعهم.. لكن يقف هذا الخداع عند حدود تماسك دولتهم.. لقد كتبت هنا عند دعوات محمد على الأولى للتظاهر بعنوان «الليلة والبارحة.. والسيناريو الأسود» مؤكدا أن هناك قوى تربصت بمصر فى يناير 2011 لصعودها الاقتصادى واستغلوا محبى هذا الوطن وخاصة زهرة شبابه بدعاوى تغيير النظام.. وتحمس الكثيرون لتلك الدعوات  وأعترف أنى كنت واحدا من هؤلاء الواهمين الفرحين بما حدث لروعته وطهارته قبل أن ينقض على الثورة المتربصون وتحويل دفتها لاتجاه خططت له قوى كبرى تكيد لمصر.. وقلت إن السيناريو يعاد لكن مع فارق كبير وهو وعى المصريين بما يحاك لدولتهم. وللأفاعى التى لازالت تحاول التسلل لمجتمعنا لتنخر فى عظمه محاولة إسقاطه.. وهناك أيضا وعى المصريين بما يتحقق فى ربوع وطنهم من تنمية وتطور.
لقد ثبت أن المصريين لن ينخدعوا بأية دعوات تخريبية جديدة.. لكن قد يسألنى سائل.. لماذا استجابوا لدعوات يناير 2011 ورفضوها فى يناير 2020 رغم أن وضعهم الاقتصادى وقتها كان متميزا.. سؤال منطقى.. وإذا أخذت من نفسى مثالا أقول أن التجربة أصقلتهم وزادت وعيهم.. فقد استجاب الكثيرون للدعوات السابقة سعيا لإصلاح سياسى شامل بعد نهضة اقتصادية قوية.. لكن اتضح أن الإصلاح السياسى لو تم بأسلوب يناير 2011 سيقتلع الأخضر واليابس ويسقط الدولة تماما.. ولنفكر بعقل وهدوء..هل كان يصلح مع مصر السنوات الماضية الإصلاح السياسى وهى على حافة هاوية اقتصادية ؟.. إننى اعشق الحرية السياسية لكن عشقى لبلدى يفوق أى عشق.
الان وبعد ان «حصحص الحق» وثبت تحمل الشعب للكثير من أجل بناء دولتهم.. وبعد أن رفضوا دعاوى الإفك داعمين للرئيس السيسى ونظامه فى الحكم.. وبعد أن ثبت بعد نظرهم ونجاح تلك التجربة السياسية فى بعث وطننا من ممات محقق ووضعه على أول طريق الدول الكبرى.. أعتقد انه ان الاوان لإصلاحات سياسية يستحقها هذا الشعب العظيم من السعى وبقوة لإنشاء حياة حزبية حقيقية بأحزاب مؤثرة.. واستكمال الإصلاح الإعلامى لبناء منظومة اعلامية قوية.. يتواكب معها إصلاح دينى حقيقى طال انتظارنا له وإطلاق حملات توعية للحفاظ على وطننا والتمهيد للإصلاح الحقيقى.
أعلم أن ما أطلبه يحتاج لعقود وأجيال.. لكن النظام الذى حقق ما حققه من نهضة اقتصادية انتشلتنا من العدم فى سنوات معدودات لقادر على ان يفعلها فى الإصلاح السياسى وأثق أنه سيفعلها.. وعلى الله قصد السبيل.