فى الصميم

«قطار الصناعة» على الطريق الصحيح

جـلال عـارف
جـلال عـارف

قصة هذه الشركة تكشف ما تعرضت له الصناعة المصرية فى سنوات التراجع، وتعطى الأمل فى قدرتنا على تدارك الأمر وإصلاح ما أفسدته سياسة السمسرة وضرب كل ما صنع فى مصر لحساب الأجنبى ووكلائه والمستفيدين وصفقات حصار الصناعة الوطنية!!
كان لدينا صناعة واعدة لقطارات السكة الحديد. وظروف ملائمة من حيث السوق الواسعة والاحتياجات المتزايدة وامكانيات التسويق فى الخارج إذا تطورت هذه الصناعة كما كان مخططا، ورغم أن الاحتياجات تضاعفت مع دخول مترو الأنفاق، فإن الزمن كان قد تغير. وبدلا من تطوير الصناعة المحلية انفتح الباب للاستيراد على البحرى، لتتدهور أحوال المصنع ويصبح على وشك التصفية.
ثم كانت النجاة مع انتقال مصنع «سيماف» إلى الهيئة العربية للتصنيع، وبدء خطوات الانقاذ والإصلاح. وبالأمس كان الإعلان عن خطوة كبيرة بالتعاقد مع شركة كندية عالمية للاستشارات لوضع خطة شاملة للتطوير ليكون لدينا بعد فترة قصيرة مصنع يضاهى أرقى مصانع العالم لإنتاج عربات السكة الحديد والمترو بجودة عالمية، وعلى أيدى كوادر مصرية يتم تدريبها فى الداخل والخارج، إلى جانب الوصول لمرحلة تصنيع الجرارات الديزل والكهرباء، وفقا لأعلى مواصفات الجودة.
هذا نموذج يكشف الكثير عما فعلته بنا سنوات إهمال الصناعة وتراجع الإنتاج، والانفتاح السبهللى الذى جعل السمسرة أساس الاقتصاد، ونهب أراضى الدولة هو الباب السرى للثراء غير المشروع، وسيادة ثقافة الاستهلاك وتفضيل «الأجنبى» حتى ولو كان من زبالة ما يصنع فى الخارج.
وهو الآن يتحول إلى نموذج لإصلاح أخطاء الماضى، وإلى عنوان لتوجه الدولة بكل طاقاتها نحو دعم الصناعة الوطنية، والتكنولوجيا الحديثة، وتقديم كل التسهيلات لكى تحتل مكانتها كقاطرة للاقتصاد الوطنى.
قد يكون هذا هو الطريق الأصعب، لكنه الطريق الذى لا بديل عنه إذا أردنا نهضة حقيقية واقتصادا متقدما يكون فيه ما «صنع فى مصر» مصدر فخر، وأساس بناء القوة الاقتصادية التى تستحقها مصر وتملك كل مقوماتها.