حكايات| سر «الفيروز».. ماذا تقول نقوش كهف «سرابيط الخادم» المكتشف في سيناء ؟

نقوش كهف «سرابيط الخادم»
نقوش كهف «سرابيط الخادم»

لم يأت إطلاق اسم أرض الفيروز على شبه جزيرة سيناء من فراغ، بل يبدو ان التسمية جاءت لأسباب أعمق وأقدم مما نتخيل، فما يبوح به الكهف الأثري المكتشف حديثا في سيناء، بأسرار عن الفيروز وأسراره.


وكانت البعثة الأثرية التابعة لوزارة السياحة والآثار، قد انتهت من توثيق نقوش أثرية ملونة، عثر عليها بكهف أثري، يقع على بعد حوالي 60 كم جنوب شرق سرابيط الخادم، و30 كم شمال مدينة سانت كاترين.

 

العصر النحاسي
الكهف المكتشف حديثا، وُجد به نقوش تصور العديد من المناظر المتنوعة، والتي ترجع إلى عصور مختلفة، تم تقسيمها إلى عدد من المجموعات لتشمل المجموعة الاولى مرسومة على أقدم طبقة من سقف الكهف، وهي تعتبر الأقدم بحيث يمكن تأريخها مبدئياً لفترة من 5500 إلى 10 آلاف عام قبل الميلاد، وتتميز باللون الأحمر الداكن وعليها مناظر لحيوانات مثل الحمار أو بغل، وتتميز بالتناسق فى جسم الحيوانات عكس باقى المناظر، كما يمكن تمييز خمسة حيوانات من نفس العصر على السقف فى مدخل المأوى، وأيضاً مجموعة من الكفوف الأدمية مرسومة على السقف ومجموعة أخرى على صخرة فى وسط الكهف والتي تعرف باسم Hand prints.


أما المجموعة الثانية، يرجح أنها ترجع للعصر النحاسى وتتميز بمناظر سيدات، إلى جانب مناظر حيوانات، والمجموعة الثالثة والأخيرة، ربما ترجع لعصور ما بعد الميلاد حيث تصور أشخاصًا فى هودج جمل.


كما عثرت البعثة أيضًا داخل الكهف على كميات كبيرة من فضلات الحيوانات التي تشير إلى استخدامه كملجأ للبدو والماشية للحماية من الأمطار والعواصف والبرد في عصور لاحقة.


الفيروز
يقول خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء، أن سيناء كانت مصدر الفيروز في مصر القديمة، وقد تجسّدت العمارة في معبد سرابيط الخادم بجنوب سيناء، وقد سجلت أخبار حملات تعدين الفيروز على صخور معبد سرابيط الخادم بسيناء الذى يبعد 268 كم عن القاهرة، والتي تؤكد أن إطلاق أرض الفيروز على شبه جزيرة سيناء لم يأت من فراغ، بل من واقع أثرى تجسده العمارة المصرية القديمة والفنون والنقوش الصخرية والطبيعة السيناوية.


يضيف «ريحان» إن سبب التسمية بسرابيط الخادم هو أن السربوط مفرد سرابيط وتعني عند أهل سيناء الصخرة الكبيرة القائمة بذاتها، وهو ما يعرف بالأنصاب ومفردها نصب، وكانت كل حملة تتجه إلى سيناء لتعدين الفيروز منذ الأسرة الثالثة وحتى الأسرة العشرون، تنقش أخبارها على هذه الصخرة الكبيرة القائمة بذاتها الموجودة بالمعبد، أما كلمة الخادم فلأن هناك أعمدة بالمعبد تشبه الخدم السود البشرة.


ويكمل: «منطقة سرابيط الخادم لا تمثل منجم الفيروز لمصر القديمة فقط، بل تضم أقدم كتابة في العالم وهي ما تعرف بالأبجدية السينائية المبكرة  Proto- Sinatic Alphabet، وهي الأبجدية الأم في سيناء التي تعود لما بين القرنين 20- 18 ق.م فى منطقة سرابيط الخادم، ثم انتقلت إلى فلسطين، فيما عرفت بالأبجدية الكنعانية ما بين القرنين 17 – 15 قبل الميلاد، حتى انتقلت هذه الكتابة للأرض الفينيقية».

الأبجدية السيناوية
ونوه إلى أن التلفزيون الإنجليزي قام في فبراير 2019 بتصوير فيلم بمعبد سرابيط الخادم «بداية الكتابة»، وأخرجه مخرج إنجليزي ومصور فرنسي ومهندسة صوت ألمانية وأذيع بالتيلفزيون الفرنسي والإنجليزي، وهو يمثل أكبر دعاية للمعبد خاصة ولمصر عامة وشارك في الفيلم المؤرخ والآثاري الشهير بيير تاليه الأستاذ بجامعة السربون.

ولفت ريحان إلى دراسة علمية للدكتور مصطفى محمد نور الدين مدير مركز تدريب جنوب سيناء والبحر الأحمر، تشير إلى أن الفيلم يعتمد في مادته العلمية على آثاري صاحب اكتشافات مهمة بالمنطقة، وهو الآثاري الشهير بيير تاليه مكتشف روض العير عام 2012 على بعد 18 كم من جبل حمام فرعون، وكشف به عن أقدم نقوش مصرية قديمة شملت أسماء الملوك "ارى حور، نعر مر، جر" كما عثر على اسم الملكة "نيت حتب" من ملكات الأسرة الأولى وأكد من خلال اكتشافاته مصرية سيناء.

وتابع: الدراسة أكدت أن النقوش البروتو سيناتك بسرابيط الخادم ووادي النصب ووادي المغارة بجنوب سيناء تعتبر بداية لكل أبجديات العالم، حيث قام العمال الآسيويين الذين استعان بهم ملوك الدولة الوسطى في عمليات التعدين بسيناء بكتابة ومحاولة تقليد الكتابة المصرية القديمة.

وتطورت اللغة المصرية القديمة فى مناطق مختلفة من العالم لتصبح اللغات السامية المعروفة التى تشمل اللاتينية والثمودية والعبرية وهى أصل الكتابة النبطية ومن الخط النبطى جاء الخط العربى.