«المنطقة الحرة».. اقتصاد جديد لأسوان ونواة للسوق الأفريقية المشتركة

المنطقة الحرة اقتصاد جديد لأسوان ونواة للسوق الأفريقية المشتركة
المنطقة الحرة اقتصاد جديد لأسوان ونواة للسوق الأفريقية المشتركة

إقامة منطقة حرة على الحدود المصرية السودانية حلم ظل يراود تجار ومستثمرو أسوان خاصة والصعيد عامة، على مدار عقود طويلة مضت. وفى 2016 أعلن محافظ أسوان  "مجدى حجازى"عن موافقة وزير الاستثمار فى ذلك الوقت "أشرف سالمان" على إقامة 2 منطقة حرة شمال مينائى قسطل وآرقين البريان، على الحدود المصرية السودانية من أجل زيادة معدلات الحركة التجارية بين مصر والسودان بشكل خاص وأيضاً فتح الأسواق الأفريقية أمام المنتجات المصرية، إلا ان ذلك لم يتم .
 حتى جاء إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي أسوان عاصمة للاقتصاد الأفريقى، وبوابة مصر على القارة الأفريقية، ليقترب الحلم من الواقع، بعد صدور قرارمجلس الوزراء رقم 14 لعام 2019 بإنشاء منطقة حرة عامة جنوب غرب مدينة أسوان الجديدة، على مساحة 187 فداناً، والواقعة داخل كردون المدينة، والمطلة على طريق القاهرة – أسوان الصحراوي الغربى، وذلك لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى هذه المنطقة وإقامة مشروعات استثمارية تزاول أنشطة تصديرية في عدد من المجالات.
وقد جاء الإعلان عن إقامة المنطقة الحرة مبهمًا لمعظم أهالى أسوان، حيث لم يتضمن سوى إحداثيات وحدود المنطقة الحرة، ولم يتضمن الإعلان من له الحق فى العمل أو الاستثمار فى المنطقة الحرة ولاشروط التقدم للحصول على مشروع بها، ولا نوع المشروعات المستهدفة بالمنطقة الحرة، ثم ما الذى سيعود على المواطن الأسوانى من إقامة المنطقة فى أسوان، وللبحث عن إجابة لتساؤلات المواطن الأسوانى كان للأخبار هذه اللقاءات التي تلقي الضوء على ما هى المنطقة الحرة.
وفى البداية نوضح أن هيئة الاستثمارعرفت المناطق الحرة العامة على أنها  مساحة من الأرض داخل حدود الدولة مملوكة لها وتخضع لسيادتها وسلطتها الإدارية، ويحيط بها أسوار لفصلها عن الأراضي المجاورة وهى مخصصة لإقامة المشروعات الاستثمارية الصناعية والخدمية والتخزينية، وتخصص المساحات بها للمشروعات بنظام مقابل الانتفاع السنوي/م2، وذلك وفقاً للمزايا والاشتراطات التي حددها قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 ولائحته التنفيذية وتعديلاتهما.  
وتضم كل منطقة حرة وحدة جمركية متكاملة مستقلة بكل منطقة لخدمة المشروعات المقامة بها، ووحدة لشرطة أمن الموانئ، ووحدة أمن بكل منطقة حرة عامة لتأمينها على مدار 24 ساعة.
وتتمتع المنطاق الحرة بعدد من الحوافز والمزايا الاستثمارية والضريبية ويتم التعامل فيه وفقا لأحكام ضريبية وجمركية ونقدية خاصة، حيث تختلف أوجه التعامل الخاصة بحركة البضائع دخولاً إليها وخروجاً منها جمركياً واستيرادياً ونقدياً إلى غيرها من أوجه التعامل عن الإجراءات المطبقة داخل البلاد على مثل هذه المعاملات.
وقال هشام عبد المنعم الدالى أمين صندوق جمعية رجال الأعمال، وجود منطقة حرة فى أسوان يغير اقتصاد أسوان بنسبة 180 درجة، لأن من شأنه جلب مستثمرين جدد وإدخال صناعات جديدة على أسوان مما يوفر العديد من فرص العمل، ويخلق نوع من النشاط التجارى حيث تنشط التجارة لتوفيرالسلع والخدمات وتنتعش الصناعات الوسيطة والتكاملية، لأن وجود صناعات جديدة سيحتاج  لصناعات صغيرة وورش حرفية، تمد المنتجات الصناعية الجديدة ببعض مستلزماتها، هذا فضلًا عن أن المنطقة الحرة سيتبعها الاحتياج لموانئ بحرية على شواطىء برنيس بالإضافة إلى الموانئ البرية والنهرية والجوية المتوفرة فى أسوان، كما ستخلق المنطقة الحرة مجتمع عمرانى جديد، وما يتبعه من فتح وتمهيد طرق ومحاور جديدة، موضحًا أن ذلك سيعود بالنفع على المواطن الأسوانى فى مجالات متعددة، كما سيوفر فرص عمل لخريجيه، ويحقق انتعاش لحركة التبادل التجارى، على حد سواء مع الدول الأفريقية أو داخل الأسواق الأسوانية أوبينها وبين محافظات مصر.

وأكد الدالى أن المنطقة الحرة ستساهم فى تنمية الاقتصاد القومي من خلال إقامة صناعات تصديرية وجلب التكنولوجيا الحديثة وتوفير فرص للعمالة وتعظيم الموارد من النقد الأجنبي وذلك في ظل ما تتمتع به المناطق الحرة من مزايا وحوافز وإعفاءات جمركية وضريبية. 
وقال الجيولوجى محمد عبد ربه رئيس لجنة التعدين بجمعية المستثمرين بأسوان، إن إقامة منطقة حرة سيؤدى لتنشيط حركة التجارة، والارتقاء بالمنتجات المحجرية والتعدينية، حيث ستجذب المنطقة الحرة رأس المال الأجنبى لإقامة مصانع تقوم على الخامات المحجرية والمنجمية المنتشرة فى أسوان لتصنيعها وتشكيلها لمنتجات جاهزة وصالحة للأستخدام مباشرة، أوالدخول فى منتج آخر بالمنطقة الحرة حيث يسهل تصديرها من خلال المنطقة الحرة، وبالتالى قيام صناعات تكاملية وسيطة للصناعات الرئيسية مما يروج للصناعة والمنتج المصرى.

وأضاف عبد ربه، أن إقامة هذه المنطقة سيساهم في تدعيم وتعزيز التجارة البينية الأفريقية، ويجعل المحافظة منطقة لوجيستية إستراتيجية مهمة تربط بين مصر ودول أفريقيا، واستحداث محاور وطرق ووسائل نقل مشتركة سواء كانت بحرية أو نهرية وبرية وجوية بين أسوان ودول أفريقيا.
وأكد المحاسب القانونى مصطفى محمد فتحى، على أن المنطقة الحرة تتمتع بمزايا وحوافز عظيمة من أهمها حرية تحويل رأس مال المستثمر وأرباحه للخارج، وحرية الاستيراد والتصدير دون القيد بسجل المصدرين والمستوردين، وأيضا يعطى المستثمر حرية فى اختيار مجال الاستثمار، وفى اختيار الشكل القانونى للمشروع، والحرية المطلقة فى الاستيراد من الأسواق المحلية أو الخارجية، بالإضافة لحرية تحديد أسعار السلع أو الخدمات وأيضا هامش الربح.

وأشار فتحى، أن للمستثمر مزايا أيضا فلا يوجد قيود على جنسية رأس المال أونسبته ولا يوجد حد أدنى أو أقصى لقيمة رأس المال المستثمر، والأهم من كل ذلك عدم خضوع مشروعات المنطقة الحرة وأرباحها للقوانين والتشريعات الضريبية والجمركية، وبالتالى عدم خضوع الواردات والصادرات للإجراءات الجمركية والقواعد الاستيرادية.

وألمح أن هناك أيضا ضمانات للمستثمر تضمن عدم خضوع مشروعات المناطق الحرة للتأميم أو المصادرة، وعدم جواز إقامة دعوى قضائية على مشروعات المناطق الحرة دون موافقة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة. وأيضا عدم جواز فرض الحراسة على المشروعات أو الحجز على أموالها أوالاستيلاء أو التحفظ عليها أو تجميدها أو مصادرتها من غير الطريق القضائي. 
وقال عادل بشرى تناغو صاحب بازار سياحى:«إنشاء منطقة حرة فى أسوان سيؤدى لرواج السياحة، وازدهار الصناعات اليدوية والحرفية البيئية، وصناعة التحف والهدايا التذكارية، كما يؤدى لدخول أجيال جديدة لصناعات المشغولات الفضية والذهبية والحلى والأحجار الكريمة، التى يمكن أن تلقى رواجًا فى الأسواق الأفريقية، ووجه تناغو الدعوة للمستثمرين لإقامة مشروع يتضمن هذه الأنشطة داخل المنطقة الحرة.

أكد اللواء أحمد إبراهيم محافظ أسوان، أن المنطقة الحرة المزمع إقامتها بأسوان هى المنطقة الثانية التى تقام فى الصعيد بعد المنطقة الحرة بمحافظة المنيا، لافتًا لأنها ستكون منطقة واعدة، لأن أسوان مؤهلة لتكون قاطرة التنمية لمصر بما تحتوية من كنوز تعدينية ومحجرية ومنجمية ومقومات سياحية وصناعية وأراض زراعية وطقس معتدل وشمس ساطعة طوال العام، بالإضافة لوجود كنوز من الذهب الأسود فى باطن جبالها وأوديتها، وأيضا العديد من الصناعات المختلفة، ووجه إبراهيم دعوة لجميع المستثمرين لإقامة مشروعات على أرض أسوان، خاصة في ظل المناخ الآمن والمناسب لذلك،  مشيرًا لأن أسوان أصبحت مركزاً لوجستياً هاماً وقاعدة انطلاق نحو أفريقيا بعد افتتاح ميناء قسطل البرى وميناء آرقين لتكتمل بالمنطقة الحرة وقاعدة البنية الأساسية المطلوبة لجذب المزيد من الاستثمارات والمتوافر منها حالياً مطارى أسوان وأبوسمبل وموانئ نهرية وشبكة طرق وسكك حديدية وموقع جغرافى نافذ مباشرة إلى أفريقيا الواعدة، فضلًا عن محور برنيس العلاقى النافد لميناء برنيس على البحر الأحمر، مؤكدًا أن المنطقة الحرة من شأنها أن تكون نواة للسوق الأفريقية المشتركة.
يذكر أن د.سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، أعلنت أن هناك 48 مستثمرًا تقدموا بطلبات لتوفير 233.4 ألف مترمربع من المساحات المخططة للاستثمار بالمنطقة قبل البدء فى إنشائها باستثمارات 60 مليون دولار.

وأوضحت ان المنطقة ستتضمن 160مشروعًا باستثمارات تصل إلى 2.3 مليار دولار وتوفر 15 ألف فرصة عمل مباشرة، ومن المتوقع أن تحقق المنطقة 1.1 مليار جنيه قيمة مضافة للناتج المحلى، وتساهم فى نمو الصادرات الخارجية بقيمة 675 مليون دولار سنويا، والمنطقة تستهدف تصنيع وتعليب الأسماك التي تشتهر بها بحيرة ناصر، وتصنيع الأغذية وتجفيف وتدريج وتغليف الحاصلات الزراعية التي تشتهر بها توشكى والوديان المتاخمة لمدينة أسوان. وتصنيع الألواح الإلكترونية والخلايا والعواكس الكهروضوئية من الرمال البيضاء "سليكا 98% "، وتصنيع البرمجيات وتطبيقات الحاسب الآلي والصناعات المتعلقة بها
وتصنيع المشغولات الذهبية والأحجار الكريمة والهدايا التذكارية والمفروشات والملابس والمشغولات اليدوية والسجاد والمنتجات النسيجية بالإضافة لخدمات تخزين وإعادة تصدير البضائع والمنتجات المختلفة. 
وبعد العرض السابق فإن شعب أسوان يطالب باتخاذ إجراءات عاجلة وغير تقليدية للانتهاء من تفعيل وبدء العمل فى إقامة المنطقة الحرة التى من شأنها تغيير وجه الحياة فى محافظة أسوان.