9 سنوات من «الخريف العربي».. سوريا تبكي دمًا

سوريا
سوريا

حروب مدمرة.. أوضاع إنسانية مأساوية.. وملايين النازحين واللاجئين

«أنا الدمشقى.. لو شرحتم جسدى لسال منه عناقيدٌ وتفـاح، ولو فتحتم شرايينى بمديتكم سمعتم فى دمى أصوات من راحوا».. أبيات من شعر نزار قبانى فى مدح مدينة دمشق كتبها أثناء اغترابه عن وطنه سوريا.

ذلك الوطن الذى تنبض مدنه وشوارعه بعبق التاريخ والحضارة، أصبح اليوم ينظر على ماضيه بحسرة بعد أن سال فى أراضيه بحر من دماء أبنائه، وتحولت منازله إلى رماد بعد ما يسمى بثورة عام 2011 التى تحولت إلى حرب أهلية مدمرة.

البداية فى منتصف مارس 2011، حيث شهدت سوريا احتجاجات شعبية ضد الحكومة والمطالبة بالحرية وتحسين الأوضاع الساسية والاقتصادية على غرار ما حدث فى تونس ومصر، ولكن سرعان ما تحولت إلى نزاع دام مع استخدام السلطة للعنف فى قمع التظاهرات وحدوث انشقاقات كبيرة داخل الجيش.

قبل أن يتحول المشهد إلى حرب ضروس تشارك فيها أطراف عدة، فالوضع حتى الآن فى صراعات دامية بين الحكومة السورية بقيادة الأسد، وقوات المعارضة المسلحة، إلى جانب الجماعات الإسلامية والتنظيمات المتشددة.

وباتت القوات الحكومية تسيطر على نحو ثلثى مساحة سوريا، وتنتشر فى مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد فى شمال شرق البلاد، بموجب اتفاق بين الطرفين بعد الهجوم التركى على المنطقة الحدودية، وتظل محافظة إدلب آخر معاقل المعارضة السورية المسلحة الآن والتى تشهد قصف متواصل من قوات النظام السورى.

بحر الدماء

دخلت سوريا ضمن الدول العربية التى شملتها الموجة الأولى لما يسمى بثورات الربيع العربى والتى تسببت فى خسائر فادحة لا تعوض على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمادية، فضلاً عن بحر الدماء الذى غرقت فيه البلاد.

فبحسب ما نشره المرصد السورى لحقوق الإنسان فقد تسببت الحرب منذ اندلاعها قبل تسع سنوات بمقتل أكثر من 380 ألف شخص، بينهم ما يزيد عن 115 ألف مدنى، منهم 22 ألف طفل وأكثر من 13 ألف امرأة.

وبخلاف الخسائر البشرية، أحدثت هذه الحرب منذ اندلاعها دماراً هائلاً فى البنية التحتية، حيث قدرت الأمم المتحدة كلفتها بنحو 400 مليار دولار، كما تسبب بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وفى الوقت الحالى فرض الأسد نفسه عسكرياً، لكن الأمن والسلام لا يعم سوريا، وفى المجمل يمكن القول بأن نظام الأسد فى 2020 سيتوطد، وسط توقعات بالقضاء على آخر معاقل المعارضة، ففى هذا الصدد صرح بشار الجعفرى، مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة أن الدولة السورية لن تتخلى عن حقها السيادى وواجبها فى القضاء على آخر معاقل المعارضة فى إدلب، مندداً بدور تركيا فى دعم وتزويد التنظيمات المسلحة فى سوريا بالمزيد من الأسلحة بما فيها الطائرات المسيرة.

المساعدة الإنسانية

وتعيش سوريا وضعاً إنسانياً يرثى له، مع انهيار الوضع الاقتصادى وتهدم مدن بأكملها ونزوح الملايين، وانعدام الخدمات، خاصة فى محافظة إدلب التى تشهد قصفا متواصلا.

وقد أكد مارك لوكوك وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية، أن هناك أكثر من 11 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية فى أسرع وقت بسوريا، وأضاف أنه فى هذا العام، تمكنت الأمم المتحدة وشركاؤها من الوصول إلى 5,6 مليون شخص فى كل أنحاء سوريا، مع إعطاء الأولوية لمن هم فى أمس الحاجة إلى المساعدات.

فيما يعيش ما يقدر بنحو 83% من السوريين تحت خط الفقر.. والأمر لا يختلف بالنسبة للاجئين السوريين من حيث المعاناة والصعوبات والظروف الإنسانية الصعبة، حيث تعد موجة هجرة اللاجئين السوريين هى الأكبر والأصعب إنسانيا منذ الحرب العالمية الثانية.

ووفقاً لتأكيدات فيليبو جراندى، المفوض السامى للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، فإن حوالى 70% من اللاجئين السوريين يعيشون على المحك وتحت خط الفقر ، مع وجود أكثر من 5,6 مليون لاجئ سورى مسجلين فى جميع أنحاء المنطقة.