حكاية «معبد عمدا» الذي تم إنقاذه بمعجزة هندسية

صورة نادرة لـ"معبدعمدا "
صورة نادرة لـ"معبدعمدا "

على بعد مجموعة من الكيلومترات وبالتحديد في منطقة النوبة، يقع معبد «عمدا» الذي يعد أقدم المعابد على بحيرة ناصر، فبعد أن شيده تحتمس الثالث وأكمل بنائه ابنه أمنحوتب الثاني ثم حفيده تحتمس الرابع، حدث تلف في بعض أجزائه فتم إنقاذه بمعجزة هندسية.

تسلط "بوابة أخباراليوم" الضوء علي قصة معبد «عمدا»، التي تم نقله بواسطة البعثة الفرنسية العاملة بمشروع إنقاذ أثار النوبة والذي تم إنقاذه بمعجزة هندسية من خلال السطورالتالية:

من جانبه، قال الباحث الأثري حسام عبود، لـ" بوابة أخبار اليوم" إن البعثة الفرنسية قامت وحدها دون اشتراك آية دولة أخري بإنقاذ معبد "عمدا" بعد نفاذ ميزانية اليونسكو وكانت طريقة الإنقاذ مختلفة شيئا ما حيث تم تربيط المعبد كله وكأنه صندوق كبير ونقله على 3 خطوط حديدية مزدوجة من مكانه الأصلي إلى المكان التالي.

وهذا المعبد يزيد حوالي 600 طن لذلك كان لا بد من تزويد القاطرة بجهاز ليمنع ارتجاع أو تذبذب أحجار المعبد وحتى لا يتحطم أثناء النقل ولكن المشكلة كانت عدم كفاية الخطوط أو القضبان الحديدية المستعملة في النقل لذلك كان لا بد من فك الأجزاء الخلفية من تلك القضبان وتركيبها مرة أخري أمام المعبد في اتجاه النقل للمكان الجديد وهكذا من مكان لأخر حتى وصل المعبد إلي موقعه الحالي ،ومن خلال فك الجزء الأمامي منه ونقلها كأحجار، أما الحجرات الداخلية فقد تم رفعها هيدروليكيًا ككتلة واحدة ثم سحبها على قضبان سكة حديدية لمسافة 2.6 كم أعلى الهضبة أثناء حملة إنقاذ النوبة، حيث تكون في أمان من مياه السد العالي، وكان المعبد يتحرك بمعدل 25 متراً يومياً.

بناء معبد "عمدا" الملك تحتمس الثالث:

بدأ بناء معبد عمدا الملك تحتمس الثالث من مصر الدولة الحديثة في القرن 15 ق.م.، وأكمله ابنه أمنحوتب الثاني ثم حفيده تحتمس الرابع وقام رمسيس الثاني بوضع خرطوشة على المدخل من الشمال لكن هناك بعض التلف الذي حدث بالمعبد بواسطة اخناتون وأعوانه لأن المعبد كان مكرس "لأمون رع "إلا أنه تم إصلاحه بقدر الإمكان علي يد "سيتي الأول" وكان الملك تحتمس الثالث يحترم ويقدر الملك سنوسرت الثالث "دولة وسطي " كمحارب عظيم مثله والذي كان قد فتح النوبة قبل ذلك لهذا عندما وجد تحتمس الثالث من حروبه في سوريا كان يقوم بالحرب ضد النوبة وذلك لكثرة ثورات النوبة في ملك مصر ولقد وجدت صخور كبيرة بالمنطقة " قبل غرقها " علي مخطوطات كثيرة للأسرة الثانية عشر تذكر الفتوحات المصرية والغزوات داخل بلاد النوبة.

أقدم المعابد المصرية في النوبة:

وأشار "عبود" إلى أن معبد عمدا يعد من أقدم المعابد المصرية في النوبة وهو مكرس للمعبود آمون، ورع حور آختي، شيد معبد عمدا تحتمس الثالث وأمنحتب الثاني.

وقاما ببناء الجزء الداخلي من المعبد ثم أضيف للمعبد في وقت لاحق صالة الأعمدة الأمامية بواسطة تحتمس الثالث وتحتمس الرابع احتفالًا بانتصارات معركة جبيل الثانية، وقد تم ترميمه وتجديده الملك سيتي الأول، وحول المعبد إلى كنيسة في الفترة المسيحية المبكرة؛ فتم بناء قبة من الطوب اللبن فوق سطح المعبد وغطيت النقوش بطبقة من الجص ؛ لذا يعد معبد عمدا أقدم المعابد المصرية بالنوبة وأكثرها حفظًا للنقوش.

وتمتع معبد عمدا بأهمية بالغة في عصر الدولة الحديثة نظرًا لموقعه الإستراتيجي الذي يؤكد السيادة المصرية على الحدود الجنوبية ويظهر ذلك واضحًا من خلال المناظر التي حرص الملوك المصريين على تسجيلها على جدران المعبد؛ ومن أهم تلك النقوش نقش الملك "أمنحتب الثاني" الذي يوثق انتصاراته بحملة سوريا (١٤٢٤ ق.م)، وكذلك نص يسجل اكتمال بناء المعبد في العام الثالث من حكم الملك "أمنحتب الثاني"، وكذلك منظر آخر للملك "مرنبتاح" يوثق نجاح الملك في صد الهجمات الليبية على الحدود المصرية (١٢٠٩ ق.م).

وتم نقل معبد عمدا بواسطة البعثة الفرنسية العاملة بمشروع إنقاذ أثار النوبة عام 1962 كقطعه واحده وذلك عن طريق وضع قضبان حديديه أسفل أساسات المعبد وتحميل المعبد على السكك الحديدية وجرها لمسافة مائه متر يوميا حتى استقر في مكانه الجديد هالا أن هذا الأسلوب رفض في باقي مشروعات نقل الآثار نظرا لخطورته على الأثر.

ويمكن الوصول لمعبد "عمدا " لزيارته بطريقتين:

الأولى: عن طريق البواخر السياحية ببحيرة ناصر وتستغرق الرحلة من أسوان يومين.

الثانية: عن طريق سيارة خاصة عبر الطريق البرى أسوان أبو سمبل لمسافة 200 كيلو متر ثم نتجه شرقا عند مدخل قرية توماس وعافيه لمسافة 80 كيلومتر.

وفي سياق آخر، أكد الباحث الأثري مجدي شاكر، لـ" بوابة أخبار اليوم"، أن "عمدا" هو من ضمن معابد النوبة التي تم تفكيكها ونقلها من أمكانها الأصلية لمسافات ابعد وأماكن أعلى وذلك نتيجة أنشاء مصر لمشروع السد العالي والذي كان يهدد بغرق جميع هذه المعابد السبع عشر .

وأضاف أن الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة سابقا والإرشاد القومي آنذاك بإطلاق النداء الدولي، فقام لإنقاذ أثار النوبة في مارس ١٩٥٩ وأستمر حتى ١٩٦٨ وساهمت في الإنقاذ العديد من دول العالم والمنظمات المتهمة بالثقافة من خلال منظمة اليونسكوـ وكان من ضمنها معبد عمدا، يقع معبد عمدا، على بعد ١١٥كم جنوب أسوان تولت فرنسا مهمة نقله وكانت لمسافة ٢.٥كم من مكانه الأصلي.

وأضاف "عبود" ، أن المعبد يرجع إلى الملك تحتمس الثالث، وأكمل في عهد حفيده الملك تحتمس الرابع بعد أن أضاف صالة الأعمدة.

وأكد أن معبد عمدا يبدأ ببوابة حجرية كانت في الأصل محاطة بصرح من الطوب اللبن، ويوجد على الجانب الأيمن لهذه البوابة منظر يصور الملك تحتمس الثالث، وعلى الجانب الأيسر من البوابة ولده أمنحتب الثاني أمام رع حور أختي.

كانت المشكلة أن جدران المعبد متصدعة ولو فكك يمكن تدميره أثناء الفك والتركيب فوجدوا أفضل حل هو نقل المعبد بحالته ودعموا الزوايا ولفوه بأسلاك فولاذ وعوارض اسمنت تحت المعبد ورفعوا المعبد ووزنه ٩٠٠ طن ولصغر حجمه نقل مرة واحدة.

وتابع ، عملوا مجموعة سكك حديد ولأن المسافة بعيدة كانوا يركبون السكة إلا في الخلف في الأمام.

واختاروا سكك متعرجة ليبعدوا عن التلال والرمال والأراضي الغير مستوية وبعد عملية أخدت حوالي ٣ شهور ومسافة ٢,٥كم وارتفاع حوالي ٦٥م استقر المعبد في مكانه بسلام.

أما عن المعبد فقد شيده تحتمس الثالث، وأكمله وزخرفه ابنه الملك "أمنحتب الثاني" بينما وسع هذا المعبد الملك "تحتمس الرابع" بعد أن أضاف صالة الأعمدة أمام المعبد ترك الملك "اخناتون" بصمته علي جدران هذا المعبد وقام بمحو صور وأشكال الإله أمون ، ولكن الملك " سيتي الأول " رمم ما فعله اخناتون.

 يبدأ المعبد بما شيده الملك تحتمس الرابع وهو عبارة عن بوابة حجرية كانت في الأصل محاطة بصرح من الطوب اللبن ، ويوجد علي الجانب الأيمن لهذه البوابة منظر يصور الملك تحتمس الثالث ، وعلي الجانب الأيسر من البوابة ولده أمنحتب الثاني أمام الإله رع حور أختي ، ويوجد علي السمك الأيسر داخل البوابة نقشا يشير إلي الحملة التي قام بها الملك "مرنبتاح" علي النوبة ويظهر خلف صورة الملك "مرنبتاح سيتاو" حاكم النوبة.

ويقع خلف البوابة فناء محاط بحوائط من الطوب اللبن وينتهي الفناء بشرفة تستند علي أربعة أعمدة, وتحول هذا الفناء في عهد تحتمس الرابع إلي صالة أعمدة بعد أن أضاف لها 12 عمود وتسجل هذه الأعمدة نقوش إهداء للملكين تحتمس الثالث وولده أمنحتب الثاني، وتصور نقوش الجدار الشرقي لهذه الفناء الملك تحتمس الرابع واقفا بين الإله خنوم والإلهة ايزيس وهو يرضع من الإلهة حتحور، وعلي الجدار الغربي الملك تحتمس الرابع في صحبة الإلهة رع حور أختي و أمون رع وإيزيس.

وصف المعبد

ويبدأ بعد ذلك البناء الأصلي لمعبد عمدا والذي بناه تحتمس الثالث وابنه أمنحتب الثاني ، وهو عبارة عن صالة مستعرضة ،ويوجد بها مناظر علي يمين ويسار الداخل للجدران الخارجية للصالة المستعرضة والتي تطل علي فناء تحتمس الرابع ، فعلي اليمين الملك تحتمس الثالث في صحبة الإلهة خنوم و رع حور أختي و أمون ، وعلي اليسار نفس الملك في صحبة رع حور أختي و عنقت ، وعلي جدران الصالة المستعرضة صورت الإلهة إيزيس وهي تحتضن الملك تحتمس الثالث ، ثم الملك أمنحتب الثاني يقدم الأضاحي إلي أمون رع ، وعلي اليسار الإلهة تحوت وحورس الادفوي وهما يصبان الماء المقدس علي الملك أمنحتب الثاني ، ويوجد في الحائط الخلفي لهذه الصالة ثلاثة أبواب الأوسط يؤدي إلي قدس الأقداس والآخران يؤديان إلي غرف جانبية أهمهما الغرفة اليمني التي تصور الطقوس المرتبطة بتأسيس هذا المعبد.

ويوجد في نهاية المعبد قدس الأقداس وخلف قدس الأقداس والغرف الملحقة توجد مناظر ونصوص تاريخية هامة ، فعلي اليسار يوجد نص مكتوب بالهيروغليفية يؤرخ بالعام الثالث من عصر الملك أمنحتب الثاني ، ويسجل اكتمال بناء المعبد .

كما يذكر حملة عسكرية قام بها الملك علي سوريا وفيها قبض الملك علي سبعة من الأمراء السوريين ،وقام بشنق ستة منهم علي أبواب طيبة والسابع علي أبواب نباتا بالسودان، وفوق النص صور الملك امنحتب الثاني وهو يقدم خمرا للالهين رع حور أختي و أمون رع وهما يجلسان علي مركب ، وعلي اليمين صور الملكان تحتمس الثالث وولده امنحتب الثاني مع إلهة مختلفة.