53 ألفًا في 4 شهور فقط| الشائعات.. «سرطان خبيث»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

عالم اجتماع : تعاون وزارتي الثقافة والإعلام لبناء فكر للمواطن يمكنه من مواجهة الشائعات

الإعلام هو يد الدولة لنشر الأخبار الصحيحة وصمته يؤكد الشائعات

أساتذة النفس: نحتاج متخصصين في الحرب النفسية.. ومحاربة الفكر بالفكر

 

تعيش مصر خلال الفترة الأخيرة حرب شائعات لا مثيل لها، ما جعل هذه الظاهرة محل دراسات عدّة فهي أخطر من الرصاص والمتفجرات والقنابل وهي أحد حروب الجيل الرابع.. ولن ينتهي تناول هذه الظاهرة بالبحث والتحليل والتدقيق وكشف الأسباب وطرح الحلول، في ظل تنامي الشائعات واستمرارها في مصر.

وقد رصد خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، ووفقًا لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، نحو 53 ألف شائعة، وفي يوم واحد تم بث 118 شائعة مجهولة المصدر، بينما تم خلال هذه الفترة بث أكثر من 700 شائعة تتعلق بالجانب الحكومي، الأمر الذي يعمل على بث نوع ونشر حالة من السخط والإحباط وإيقاع المواطن فريسة سهلة لإسقاط الدولة.

 «الأخبار» رصدت في هذا التحقيق، أبرز الشائعات التي انتشرت خلال الفترة الأخيرة ووجهت الأسئلة للخبراء والمتخصصين لمعرفة كيفية القضاء على هذا السرطان خلال العام الجديد.

البداية عند مفهوم الشائعة والتي تعني نشر وقائع غير صحيحة في صورة معلومة أو خبر صحيح ؛ ولها أنواع عديدة منها شائعات الوهم، والتمويل، والعنف، والخوف والأمل، والكراهية، وقد زادت بنسبة كبيرة فى الفترة الأخيرة، وكما تؤكد نظرية العالم كارل يونغ أن الإثارة العاطفية ضرورية لاستمرار حياة الشائعة التى تتعدد دوافع ترويجها ما بين جذب الانتباه، إذ يريد الفرد الناقل للشائعة أن يشعر بأن له مكانة عند الآخرين، والعدوان من خلال إيقاع الأذى بسامعها، ومن صور العدوان النكتة التى تعبّر عن خبر وتروّج له».

ومن أبرز الأمثلة على هذه الشائعات؛ تسريح العمالة والموظفين قبل انتقالهم للعاصمة الإدارية الجديدة، استيراد أرز صينى بلاستيك، إضافة مادة للخبز تسبب العقم للحد من الكثافة السكانية بمصر، دخول الطلاب للمدارس بتذكرة يومية ثمنها جنيه مصري، فرض 150 جنيهاً رسوما على دفن الموتي، بيع اصول مصر الالكترونية، حذف عشوائى للمواطنين من بطاقات التموين، تأجيل تطبيق التأمين الصحي، فرض رسوم إجبارية على العمرة، زيادة أسعار تذاكر الطيران، إصدار ورقة نقدية بـ500 جنيه، إلغاء إجازة يوم السبت، نقل حديقة الحيوان بالجيزة للعاصمة الإدارية الجديدة، ظهور فيروسات وبكتيريا معدية فى الجو وغيرها من الشائعات التى لا أساس لها من الصحة.

تفنيد الأدلة

وفى هذا الصدد يؤكد د. سامي عبد العزيز الخبير الإعلامي، أن الأمانة مع النفس تقتضى القول أن الشائعات تؤدي إلى بعض الخدوش والشجاعة تقتضى دون مجاملة أو نفاق ان أول من يتصدى للشائعات هو الرئيس بأحاديثه أو مداخلته خلال المناسبات العامة وبحكم مصداقيته عند الرأى العام كان أول حوائط الصد، وتلقائيته «المحسوبة» وإصراره على المواجهة والمصارحة منذ توليه رئاسة البلد كانت حائط الصد رقم 2 فالرئيس يواجه الشائعة دون خوف.

أما حوائط الصد الأخرى تأتي دائما متأخرة وإن أتت تأتي برد مقتضب على الشائعات، وهذا غير سليم، ولضرب الشائعات في المهد يجب أن نبادر بشرح وتفنيد الأدلة بالتفصيل، بأداء سريع للغاية بالإضافة للاحترافية، وأقترح تكوين فريق محترف متفرغ للرد على الشائعات.

وأضاف عبد العزيز: "أتفهم أن الحكومات في العالم كله محل تشكك، وأن الاعتماد على المواطن الطرف المحايد يكون مقنعا للغاية بمعنى لماذا لا نعتمد على المواطن في قتل الشائعات وصدها، يجب أن يتم فتح الباب للمواطن العادي للرد على الشائعة فبمنتهى البساطة بالموبايل المواطن قادر على قتل الشائعة من خلال مسؤوليته تجاه البلد".

ويقترح أستاذ الإعلام، مسابقة لمن يبادر بالكشف ويفند شائعة لتشجيع المواطنين للوقوف أمام الشائعات، ويتم تحليل الشائعات وتوقيتها، والمبادرة من خلال الحكومة لإشراك المواطن فى المسؤولية.

واختتم أن الرئيس أول من يبادر بالرد والتصدى للشائعات ولكن لا يكفى الرئيس وحده، والجهات المنوطة تتباطأ فى الرد والتعامل مع الشائعات.

الطابور الخامس

ويؤكد د.  جمال فرويز الخبير النفسي، على خطورة عناصر الطابور الخامس الموجود في مصر والتى تعمل لصالح دول معادية، خاصة بعد التواجد التركي بجانب مصر فى ليبيا، وهو ما سيزيد الشائعات فى عام 2020، خاصة وان احتمال التصادم وارد حتى لو بصورة غير مباشرة، وأعتقد وجود بعض العناصر الاخوانية المستترة داخل النسيج المصرى سيساعد تركيا فى بث الكثير من الشائعات.

وحاول أعداؤنا تدمير مصر عن طريق تغيير الهوية الثقافية وهو ما نجحوا فيه، وحاولوا تكرار الامر فى بث الفرقة بين الجيش والشعب، ولكن علاقة الشعب المصرى والجيش علاقة فريدة غير موجودة فى أى دولة فى العالم وهو ما اتضح لجميع الدول المعادية فى عدة مواقف مما يقلقهم ويجعلهم فى إصرار لتدمير مصر خاصة أن الجيش المصرى الوحيد المتماسك فى المنطقة.

وأضاف أنه يتوقع ان هناك أفلاما وقصصا وشائعات سيتم بثها تحض على كراهية الجيش، والذى يؤثر بشكل سلبى على الشباب لان مواجهتنا للأمر أكاديمية فقط، نحن فى حاجة للمتخصصين الذين خاضوا الحروب النفسية وأصحاب الخبرة فى هذا الأمر ويجب استغلالهم فى هذه المواجهات.

مؤكدًا أن هناك عناصر إخوانية تجهر بكرهها لمصر وصلت أن أحدهم قد أعلن انضمامه لتركيا إذا اندلعت الحرب مع مصر، وأنهم ليس لديهم مانع فى تحطيم مصر بكل الطرق مثل السيناريو العراقى والسورى وكله باسم الدين.

وعن روشتة محاربة الشائعات، يقول الدكتور جمال فرويز يجب محاربة الفكر بالفكر وليس بالعنف لأن الإخوان، يصدرون مشهد إلقاء القبض على المتهمين للعالم

بصورة ظلم واضطهاد وقمع طوال الوقت وهو ما يزيد نسبة التعاطف معهم، مؤكدًا أن هناك الكثير منهم مازال داخل مؤسسات الدولة ويغرسون كره الوطن داخل نفوس المصريين بخطه ممنهجة، واضاف أنه على الدولة مصارحة الرأى العام بما يحدث حتى لا يصطاد الأعداء فى الماء العكر ويبثوا الشائعات.

أثر سلبي

ومن جانبها أضافت د. سامية خضر استاذ علم الاجتماع «إننا دائما عندما نشعر بالخطر نبدأ باتخاذ الخطوة الأولى، ثم بعد ذلك نتوقف وذلك ما نفعله تجاه أي مشكلة من مشكلاتنا المجتمعية، وهو ما حدث بالفعل فى مواجهة الشائعات ايضا شعرنا بخطورتها على المجتمع وتم البدء فى صد بعض الشائعات التى كان لها بلغ الأثر السلبى على المجتمع، ولكننا لم نستمر فى ذلك بدليل انتشار العديد من الشائعات التى تهدد أمن المجتمع واستقراره ولا تجد من يتصدى لها، فنحن نفتقد الاستمرار فى حل المشكلات بشدة رغم شعورنا بالخطر، مؤكدة ان مواجهة الشائعات تحتاج إلى ثقافة نابعة من المواطن نفسه وهذا لن يتحقق الا بالتنسيق مع الجهات المعنية مثل وزارة الثقافة والاعلام وغيرهم للعمل على جعل المواطن يملك الثقافة التى تمكنه من مواجهة الشائعات بنفسه والتصدى لها وحماية المجتمع منها.

تأخر إصدار البيانات

فيما أكد د. صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن انتشار الشائعات نتيجة لعدم شفافية الإعلام حيث إنه لا يتم نشر الحقائق سواء سلبية او إيجابية مما يؤدي إلى انتشار الكثير من الأكاذيب والاقوال الكاذبة التي تؤثر على المجتمع وهذه الاخبار الكاذبة تجعل الكثير من الناس تحبط وينعكس ذلك عليهم فى حياتهم العامة.

وأضاف بأن الإعلام الآن؛ لم يعد كما كان فى الماضي فلم يعد يوجد رقابة عليه مما أدى إلى قلة المواضيع الهامة وعدم متابعة الشائعات أولا بأول والقيام بنفيها مما يؤدي إلى انتشارها بين الناس ويصبح من الصعب على الاعلام اقناع المجتمع بالعكس او بالمعلومة الصحيحة لان الاخبار لم تأت من عندهم بل اتت عن طريق الاعلام المضاد وخاصة ان معظم القنوات المعارضة او المضادة لديها الان مواقع الكترونية تستغل هذه الفرص وتقوم بنشر ما تريد فى الازمات والمشاكل.. ايضا سكوت الاعلام فى الكثير من المواقف يؤدى إلى تأكيد الشائعات لان الاعلام هو يد الدولة لنشر الاخبار الصحيحة وبصمته يؤدى ويؤكد المعلومات والشائعات المنشورة.