العار| جريمة شرف في قنا

صورة موضوعية
صورة موضوعية

القاتل: قتلتها لأغسل عاري بيدي

المجني عليها دفعت حياتها ثمنًا لقصة حب فاشلة

لم تُدمر شخص بمفرده وإنما دمرت أسرة بالكامل، أما شقيقها لم يخطر في خياله أن يقف في هذا الموقف العصيب، ربما لم تراوده من الأساس فكرة قتل شقيقته ولو في الكوابيس، لكنها دفعته دفعًا للإجرام، أجبرته على قتلها، بعدما شوهت سمعة العائلة ولحق بهم العار، لم يحتمل نظرات الناس له، ولم يكن هناك أي مفر من قتلها بشكل بشع، حكمت الفتاة على نفسها بالإعدام في اليوم التي قررت فيه الزواج عرفيًا، حكم الإعدام كان حكمًا نهائيًا أصدرته العائلة وتطوع شقيقها لتنفيذ المهمة دون نقض أو استئناف بسبب جريمة شرف..

دارت وقائع الجريمة في مدينة دشنا التابعة لمحافظة قنا حيث العادات والتقاليد، بطلة القصة «المجني عليها»، حياتها كانت بسيطة وتسير على وتيرة هادئة، كانت تتمتع بالدلال والدلع من كل أفراد الأسرة، كان الجميع يغدق عليها ويغمرها بالحب، كانت تسير على أفضل ما يكون، سلوكياتها وأخلاقها كان يشهد لها الجميع، تبدلت أحوالها تمامًا عندما وقعت في غرام أحد الأصدقاء من نفس قريتها، نجح في لفت انتباهها، جمع الحب بينهما، رسما سويًا طريق الحب المفروش بالورود وعاشا قصة حب خيالية واتفقا على الزواج، كان حبيبها يخشى أن تضعف حبيبته أمام الضغوط الرهيبة التي قد تتعرض لها إذا ما طرق الخُطاب بابها طالبين يدها للزواج، لذا قرر أن يخوض مغامرة مجنونة مع حبيبته وهو لا يعلم أنه يفتح أبواب الجحيم!.

زواج عرفي

اقترح الشاب العاشق على حبيبته أن يتزوجا عرفيًا حتى يضمن عدم قيامها بالزواج من غيره، واقنع حبيبته أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستجعلهما سويًا دون أن يتمكن أي شخص من التفريق بينهما، ووعدها أنه في غضون شهور قليلة سيكون انتهى من شراء شقة الزوجية حتى يتمكن من التقدم لخطبتها، ووافقت الفتاة على مضض حتى تحافظ على حب عمرها وهي لا تعلم ماذا تخبئ لها الأيام المقبلة، خصوصًا وأنها بموافقتها على إتمام هذا العقد العرفي تكون قد وقعت عقدًا مع الموت والأهوال التي سنوضحها لاحقًا، استمرت العلاقة بينهما على هذا الحال لأكثر من عام كامل في الخفاء.

حدث ما توقعه العاشق الولهان، بدأ الخطاب يطرقون باب أسرة حبيبته طالبين يد الفتاة للزواج، لكنها كانت ترفض بحجج مختلفة وواهية، اختلقت الأعذار الواحد تلو الأخر حتى فرغت تقريبا كل الحجج والأسباب المنطقية وغير المنطقية لرفض العرسان الواحد تلو الأخر، أصبح الأمر مُقلقًا ومريبًا للدرجة التي أزعجت أسرتها بشدة، ما دفع شقيقها لوضعها تحت الرقابة المُشددة، وشاء القدر ان ينكشف أمر شقيقته بعدما علم أنها علاقة بأحد الأشخاص.

كانت الحقيقة صادمة ومؤلمة، حاولت الأسرة أن تُلملم شُتات سمعتها التي أصبحت على المحك، خصوصًا أن كريمتهم حملت سفاحًا من صديقها، بعد فترة من المداولات والتنازلات من جانب الأسرة، وافق العريس الشاب على عقد قرانه على الفتاة وإشهار الزواج، لكن قبل موعد الزفاف بساعات قليلة وقع ما لم يكن في الحسبان، تهرب العريس من إتمام ما تم الاتفاق عليه بسبب رفض أسرته هذه الزيجة، ما دفع شقيق الفتاة إلى ذبحها مثل الشاة حتى يتخلص من فضيحتها.

جثة على الطريق

على الجانب الآخر تلقت الأجهزة الأمنية بقنا بلاغ مثير من الأهالي يفيد بالعثور على جثة لفتاة مذبوحة وملقاة على إحدى جوانب الطريق، البلاغ كان خطيرًا ومثيرًا، كانت الأولوية هي تحديد هوية السيدة صاحبة الجثة، للامساك بطرف الخيط الأول الذي سيفتح باقي الأبواب المُغلقة في القضية.

بدأت خطة البحث أولاً بفحص جميع الحالات المبلغ بغيابهم، بغيابهم وبسؤال أهالي المنطقة المحيطة بمكان العثور على الجثة تم التعرف على صاحبة الجثة المجهولة، وبتكثيف التحريات حولها بدأت المفاجآت تتفجر، فالسيناريو الذي كشفت عنه التحريات أكد أن هذه الجريمة جريمة شرف لكن من نوع مختلف، فالمجني عليها فتاة فوق مستوى الشبهات، لكن التحريات كشفت أن أسرتها اكتشفت زواجها سرا وحملها سفاحًا، حتى توصل رجال المباحث إلى أن شقيق المجني عليها هو القاتل، حيث تم إلقاء القبض عليه واعترف تفصيليًا بارتكابه الجريمة حتى يمحو العار الذي لحق به وبأسرته بسبب تصرفات شقيقته..

يذكر أن أحداث القضية تعود إلى 28 سبتمبر 2015، حيث تلقت الأجهزة الأمنية بقنا، بلاغًا يفيد العثور على جثة سماح.ر.ا، 29 عامًا، مذبوحة وملقاة في الشارع بمدينة دشنا،وكشفت التحريات  أن وراء ارتكاب الواقعة شقيقها نعمان، 19 عامًا، طالب، ذبح  شقيقته عمدًا، بسكين مطبخ، وألقى جثتها في الشارع لزواجها عرفيًا من شاب وحملها منه سفاحًا.

فجرت التحريات مفاجأة تفيد أن المجني عليها، قبل ارتكاب الواقعة، ذهبت إلى مركز الشرطة، للإبلاغ بأنها تزوجت عرفيا من شاب، ووعدها بعقد قرانها شرعيًا، وأنها حامل، وتم تحديد موعد لإتمام الزواج بشكل رسمي، وأثناء انتظار المأذون حضر ثلاثة من أقاربه، إلى منزل والدها، وأخذوا ابنهم قبل إتمام الزواج، لرفضهم ذلك.

وأشارت التحريات، إلى أن شقيقها قام بذبحها وألقى جثتها في الشارع، واعترف بارتكابه الواقعة، في القضية التي حملت رقم 728 لسنة 2016 جنايات دشنا، والمقيدة برقم 357 لسنة 2016 كلي قنا، وتم إحالة القضية إلى محكمة الجنايات التي عاقبت المتهم بالسجن 3 سنوات.

صدر الحكم برئاسة المستشار عثمان سيد محمدين، وعضوية المستشارين أحمد إسماعيل عبد العزيز، ومحمود شوقي موافي.