حكايات| لعنة «تيمورلنك».. عند استيقاظي من الموت سيرتعش العالم‎

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

لا تُقلقوا مضاجع الموتى.. دعوا الجماجم في ثباتها.. لا تطلقوا عنان الروح من مرقدها.. لا تنبشوا المقابر حتى لا تصيبكم اللعنة.. خاصة إن كان الميت رجل تتاري بساقٍ عرجاء، وصاحب إمبراطورية عظيمة امتدت من بلاد ما وراء النهر إلى الهند وروسيا والعراق والشام، وكان لقبه «قاهر الملوك والسلاطين»، إنه الحاكم «تيمورلنك» الذي أسس دولة قوية امتدت من آسيا الصغرى وحتى الصين، وتمكنت جيوشه من سحق دول عظمى في آسيا مثل القبيلة الذهبية والهند وبلاد فارس والإمبراطورية العثمانية.

 

17 مليون قتيل

قائد الإمبراطورية المنغولية «تيمورلنك»، لم يكن قائدا أو محاربا عاديا في زمنه، بل كان أشرس قائد في القرن الـ 14 ميلادية، إذ قتلت جيوشه نحو 17 مليون شخصا على مدار سنوات حكمه، بل إنه لم يكتف بما أحدثه من رعب في نفوس من حوله في حياته، فترك لهم لعنة شهيرة بداخل مقبرته، أثارت الجدل لسنوات طويلة حتى بعد موته. وصفه معاصروه بأنه «طويل القامة، عظيم الهامة، كبير الجبهة، شديد القوة، أبيض اللون مشربا بحمرة، عريض الأكتاف، غليظ الأصابع، مستكمل البنية، مسترسل اللحية، أشل اليد، أعرج اليمنى، تتوقد عيناه، جهوري الصوت، لا يهاب الموت»، ولقب بـ«الأعرج» لتعرضه لإصابة عندما كان صغيرًا، وعاش صباه في قبيلة «البرلاس»، وأتقن فنون الحرب الشائعة في الصحراء من الصيد والفروسية ورمي السهام حتى غدا فارسًا ماهرًا، واعتنق المذهب الشيعي على يد شخص يدعى «السيد بركة».

 

إمبراطورية الجماجم

ويقول المؤرخون إن من جرائمه ما حدث في إقليم خراسان عندما هاجم مدينة سبزوار، واستمات أهلها في الدفاع عن مدينتهم ولكن في نهاية الأمر استولى تيمور على المدينة، وأمر برفع الراية السوداء - ومعناها الأمر بالقتل العام الذي استمر حتى الغروب - فكان عدد القتلى 90 ألف قتيل، وأجبر الباقين على قيد الحياة من الأهالي بفصل روؤس القتلى عن أجسادهم وأمر المعمارين والمهندسين في جيشه بأن يبنوا برجين من هذه الرؤوس»، كما أمر بدفن 2000 رجل من الأسرى أحياء ثم أمر بتسوية المدينة بالأرض كي لا تتجرأ المدن الآخرى على مقاومته.

 

المؤرخون، رووا أيضا أنه عندما اقتحم مدينة أصفهان بإيران، كان جنوده يبقرون بطون الناس ويستخرجون أحشاءهم فلا يجدون فيها إلا القليل من الأعشاب وورق الأشجار الذي أصبح قوت الناس بعد أن أكلوا كل شيء من الخيول والبغال والقطط والفئران.

 

ويُقال أن أحد الشيوخ جمع الأطفال وجعلهم على طريق «تيمورلينك» لكي يستميل قلبه ويرحم بالبقية الباقية من أهالي المدينة، ولكنه قام وجنوده بدهس الأطفال تحت حوافر خيولهم وقتلهم جميعًا، وأمر جنوده بألا يتوقفوا عن القتل حتى يجمعوا 70 ألف رأس، فأخذوا يقطعون الرؤوس حتى لم يبق رجل في المدينة ليقطعوا رأسه فأخذوا يقطعون رؤوس النساء والأطفال حتى جمعوا العدد المطلوب، فأمر تيمور ببناء 24 منارة من هذه الرؤوس تركها خلفه لكي تكون عبرة لكل من يجرأ على مقاومته.

 

الحرب العالمية الثانية

«عند استيقاظي من الموت، لابد أن يرتعش العالم»، كلمات تم نقشها على مقبرة القائد تيمورلنك، والتي تقع في دولة أوزباكستان التي تتوسط القارة الآسيوية، حيث بنيت على الطراز الذي ميز أغلب مقابر رجال الإمبراطورية المنغولية آنذاك، ولكن باختلاف بسيط بداخلها.

 

«تيمورلنك»؛ حينما توفي عام 1405، ونقل جثمانه إلى عاصمته في مدينة سمرقند ودفن في ضريح فاخر يدعى بكور أمير، ظهرت أسطورة تحكي عن لعنة باشتعال حرب رهيبة وعظيمة إن تعرضت جثته لأي قلق، ذلك وعلى مدار 5 قرون لم يجرؤ أحد على خرق وانتهاك حرمة الضريح؛ إلى أن جاء شهر يونيو من عام 1941 عندما أمر جوزيف ستالين بإرسال بعثة علمية إلى سمرقند لنبش قبر تيمورلنك حيث كان ينوي نقل رفاته إلى موسكو ليدفن مع القادة والأبطال الروس العظماء أمثال ألكسندر نيفيسكي وبوجارسكي وغيرهم، وما أن قامت البعثة السوفيتية بنبش القبر حتى هاجمت ألمانيا النازية تحت قيادة القائد الغاشم أدولف هتلر الاتحاد السوفيتي في صباح الثاني والعشرين من الشهر نفسه أي بعد يومين فقط من واقعة نبش القبر، ما دفع الكثيرون للربط بين «لعنة تيمورلنك» وبداية حرب دموية شرسة، وهي الحرب العالمية الثانية.

 

لعنة المقبرة

«أولئك الذين سيفتحون القبر سيهزمون من قبل عدو أكثر هولا مني»؛ مخطوطة قديمة أخرجها رجل عجوز وتلاها على مسامع بعض أفراد بعثة جوزيف ستالين خلال جلوسهم في مقهى، وفق ما حكى مصور البعثة «مالك كيوموف» الذي قرر أن ينقل ما سمعه ورآه إلى علماء البعثة، لكنهم ضحكوا منه وسخروا واعتبروا أن كل ذلك خرافة لا أكثر ولا أقل.

 

وفي اليوم التالي أزال علماء بعثة ستالين بلاطة الرخام التي كانت تغطي قبر «تيمورلنك» وكان تحتها تابوت خشبي مازال يحافظ على شكله ورونقه وكأن لم يمر عليه أكثر من 500 عام، وما أن رفع العلماء غطاء التابوت حتى انطفأت الأضواء التي كانت تنير ظلمة القبر فجأة، وانتشر في الهوا عبير ورائحة مسكرة. لم يعرف العلماء سر انقطاع الكهرباء، ولكنهم رجحوا أن تكون تلك الروائح ناتجة من بخور تم دفنها مع التابوت.

الخوف الذي أنتاب العلماء جعلهم ينهون إخراج عظام «تيمورلنك» ووضعوها في صندوق خاص وقاموا بإرسالها إلى موسكو، ولكن تحقيقا لنبوءة اللعنة في اليوم التالي جاء نبأ اندلاع الحرب مع ألمانيا، وهنا تذكر الجميع ما قاله مصور البعثة «كيوموف» عن قصة الرجل العجوز من المقهى في سمرقند، وأخذوا يبحثون عنه لكن دون جدوى.

 

إعادة الرفات

الألمان بدؤوا عملية باربروسا الشهيرة ضد الاتحاد السوفيتي، وشنوا هجوما خاطفا كبدوا الروس خلاله خسائر هائلة في الأرواح والمعدات واحتلوا مساحات شاسعة من الأراضي السوفيتية، وعندما وصلت الحرب إلى ذروتها قام «كيوموف» والذي أصبح يعمل مصورا حربيا في الجبهة بعد انتهاء عمل البعثة الآثرية، بإخبار المارشال السوفيتي الشهير «غيورغي جوكوف» بأمر «لعنة تيمورلنك»، الذي قام بدوره بإخبار ستالين الذي أمر بإعادة رفات «تيمورلنك» إلى سمرقند ودفنه على الطريقة الإسلامية.

 

لم تمر أيام على إعادة رفات «تيمورلنك» إلى سمرقند حتى تحولت الحرب لصالح السوفيت، وتمكنوا من دحر الألمان في معركة ستالينجراد، وبعدها توالت الانتصارات حتى وصلوا إلى برلين ورفعوا الراية الحمراء فوق قصر الرايستاج «مقر برلمان الإمبراطورية الألمانية».