السيسي لشباب العالم: لا نقدم النصائح التي تؤدي إلى خراب الأمم

الرئيس عبدالفتاح السيسي
الرئيس عبدالفتاح السيسي

أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم، أن مصر لا تقدم النصائح التي تؤدي إلى خراب الأمم والشعوب .. مشددا على أن الجسور دائما بين الدول ولكن بالسلام.

وردا على سؤال من إحدى المشاركات حول رؤيته لمستقبل الكرد خاصة بعد ما تعرضوا إليه..قال السيسي - خلال لقاء مفتوح مع مجموعة من شباب العالم من مختلف الجنسيات تشارك في منتدى شرم الشيخ - "إن وضع الكرد مؤلم خاصة بعد تقسيم الدولة الكردية القديمة على مدار 70 عاما والتي أفرزت الواقع في سوريا وتركيا والعراق وغيره"..مشددا في الوقت ذاته على أنه لن يستطيع أحد محو هوية الأمم ومن بينها الأمة الكردية ، والدليل على ذلك أنه لا أحد يمكنه طمس لغتها وعاداتها وتقاليدها.

وأضاف الرئيس : "إن هناك من يحاول إشعال المواقف التي تكون قابلة بالفعل للاشتعال ، وأن البعض الآخر يحاول تغذية نزعة الانفصال داخل المجتمعات".. لافتا إلى أن ما يحدث الآن هو اقتتال على مدار 60 عاما وكان الأفضل أن يتم بناء التنمية والتعليم والصحة.

وأكد السيسي على أن الجسور ستمد رغما عن ما يحدث من بعض الدول الآن ولكن بالسلام .. قائلا : "إن المستقبل والبناء والتنمية هو ما يمكن أن تقوم به الشعوب الآن".

وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي : "أية دولة تكون مقوماتها كبيرة جدا ، وأنا هنا لا أتحدث عن الأكراد ، أتحدث بصفة عامة، فمثلا دولة مساحتها 2 مليون كيلومتر ولها جيش واحد وحكومة واحدة وسفارة واحدة ، عندما يحدث لها انقسام فإن هذه الجهات ستكون منقسمة على اثنين أو ثلاثة ".. متسائلا هل قدراتنا وإمكانياتنا تسمح ببناء هذا ولا تبقي دولا هشة وضعيفة وغير قابلة للاستمرار والنجاح؟.

وأضاف السيسي : "أنا إنسان مسالم جدا ، لكنني أكون مقاتلا عندما يُفرض علي القتال ، أقاتل بأشرس مما تتصورون ولكن قبل ذلك أدفع بالحسنة أو بالطيب والمعروف والإنسانية قبل اللجوء للعمل العنيف".

واستشهد الرئيس بما حصل في يوغسلافيا في الثمانينات والتسعينات.. مشيرا إلى أنها كانت دولة واحدة بقوميات مختلفة إلا أنها لم تنفصل؟ .. منوها بأن الرئيس تيتو كان يتعامل مع شعبه على أنه نسيج واحد وهذا الامر انعكس على تماسك الدولة.

ووجه السيسي حديثه للمتسائلة قائلا : "أنا طيع مع القدر والذي حصل في التاريخ كان قدرا لم تكونوا مسؤولين عنه ولكن ما ستفعلوه الآن أنتم مسؤولون عنه .. اجعلوا عملكم كله هو بناء وتنمية وسلام لأن الهوية لن يأخذها أحد كما أن الثقافة لن تطمس".

وقال :"لو تصورنا أن كل القتال الموجود هو بناء من أجل القدرة وبناء الكفاءة في أي من المناطق الموجودة في سوريا أو العراق وفي تركيا أو في أي مكان آخر..كل الجهد الموجود وكل الغضب والألم وكل الرفض تحول لطاقة عمل وبناء وتعمير".

وأضاف الرئيس : "أن الأفكار تطرح كي تأكل الأمم بعضها وتدمر مقدراتها على مدى سنوات طويلة جدا دون أن يتحقق شيئا ، والإرهاب كفكرة تم عمله كي تموّت الدول في نفسها ، وهذا وذاك لن ينجحا" .. مدللا على أن الإرهاب في مصر موجود منذ 60 -70 عاما إلا أنه فشل في وقف العمل والتنمية والبناء والتعمير لأن أي مشروع مبني على الاقتتال والتدمير والخراب لن يكتب له النجاح.

وعن فكرة الاقتتال من أجل الهوية..قال السيسي : "إن كثيرا يراها مشروعة وأنا أقول إنها محتاجة تتصوب حتى لا تضيع الأمل في مستقبل أفضل لسنوات طويلة قادمة ، وهذه وجهة نظري وأرجو أن تقبليها مني وتسمعيها وتضعيها ضمن الذي تسمعيه عن هذه الفكرة".

وردا على سؤال حول طموح القيادة السياسية في اختيار نواب المحافظين من الشباب ورؤيتهم لدورهم في المرحلة القادمة .. أجاب الرئيس عبدالفتاح السيسي قائلا : "إن التوجه العام للدولة هو المشاركة والتشارك مع الجميع وأن نعطي فرصة لشبابنا عشان يبقى مع مصر".

ومازح الرئيس السيسي نائب محافظ المنوفية محمد موسي ، "خلي بالك أنت بقيت في الحكومة" .. داعيا المحافظين والوزراء إلى ضرورة تمكينهم وتدريبهم وإعطائهم الفرصة.

وقال : "إن هذا الوطن ليس ملكا لشخص واحد ، وإنما ملك للجميع ، فجميعنا نتشارك فيه ، والفكرة أن ندفع بشبابنا وفتياتنا بصفة عامة كي يدخلوا معنا في العمل العام والشأن العام ، أنشأنا الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب على القيادة واخترنا وسوف نختار"..مضيفا : "كانت هناك مطالبات بتضمين فقرة في الدستور بأن يكون التوظيف من خلال الأكاديمية إلا أنني قلت يجب أن تبقى وسيلة لتأهيل وإعداد القادة لتبوء المناصب القيادية أو مناصب الدولة".

وتابع:"إنني مع تمكين الشباب بصفة عامة ، وناديت بفكرة تقوية الأحزاب خلال السنوات الماضية كي يشاركون في الانتخابات التشريعية والمحلية ويصبح لهم مكان ثم نعين منهم ، إلا أنني أرى أنه من الممكن أن نسبق خطوة للأمام ونعين منهم حاليا وعندما تقوى الأحزاب ستكون الفرصة متاحة بالتدافع الطبيعي".

وردا على السؤال الخاص بالتحديات التي تواجه القارة الإفريقية في طريق أهداف أجندة إفريقيا 2063 ..قال السيسي : "إننا ننظر إلى إفريقيا على أننا جزء أصيل منها ، ومنذ توليت المسؤولية قلت أننا عدنا إلى أشقائنا أو إلى إفريقيا ، وهذا هو الوضع الطبيعي ، وفي خلال فترة ليست بالطويلة كانت النتيجة أننا تولينا رئاسة الاتحاد وأصبح لدينا مكان وصوت بالاعتدال والتوازن والإخلاص تجاه افريقيا بأكملها".

وأضاف :"إن هناك نزاعات نجحنا فيها ، وهناك نزاعات ستأخذ وقتا ، وفي العام القادم سنطلق مبادرة "إسكات البنادق 2020" ، ودور مصر لن ينتهي بتسليم رئاسة الاتحاد لجنوب أفريقيا ولكن سنستمر في دعم جنوب أفريقيا في مساعي إنهاء الأزمات الموجودة وتحسين وتطوير الأداء"..منوها في هذا الصدد بالجهات المنوطة والمعنية بهذا الموضوع وهي مجلس السلم والأمن في إفريقيا ولجنة التنبؤ بالمنازعات ولجنة الحكماء وصندوق السلام.

وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي :"إن مصر كان لها دور كبير في تهدئة الأوضاع في جنوب السودان وفي العديد من المناطق الأخرى، وهذا الأمر كان يتم تناوله في الإعلام ويتم الحديث عنه ، ولكن لم يكن في بؤرة اهتمام المواطن المصري العادي في ظل الظروف الحالية".

وأضاف السيسي :"إننا لا نترك دول الساحل والصحراء تقاتل بمفردها لأنها ليست قادرة بمواردها وقدراتها الأمنية ولا بقدارتها الاقتصادية على الاستمرار في هذه الحرب، ولا أريد أن أسبق الأحداث حتى نحقق ما نصبو إليه ".

وحول المبادرة الخاصة بالبنية الأساسية .. قال الرئيس : "إن هناك ارتباطا كبيرا بين الاستقرار والنزاع ، التنمية والصراع ، كلما تم التركيز على التنمية كلما كانت فرص الصراع قليلة، لاحظتم عندما توقفت التنمية في بعض الدول خلال السنوات الماضية كيف كان رد فعل الرأي العام والشعب، الشباب يريد أن يعيش مثلما قلت".. لافتا إلى أن الشباب سيتحرك لا محالة في الدول لم تقم بتنمية نفسها وتقدم فرص لشبابها.

وشدد على ضرورة فض المنازعات في القارة الأفريقية .. قائلا : "إن هذا الموضوع لا يتطلب فقط العمل العسكري وإنما بناء قدرة تنمية هائلة في افريقيا مما سيسهم في تحقيق الاستقرار بشكل كامل"..مضيفا : "يمكن أن تخرج من مصر إلى غانا أو السنغال أو نيجيريا سواء بالسكك الحديدية أو بالطرق البرية أو حتى بخطوط طيران ، حتى الآن دول كثيرة منها يتم الذهاب إليها بشكل غير مباشر ، لا يوجد خط طيران مباشر مثلا بين دولة أفريقية ودولة أخرى، يمكنك الذهاب إلى دولة أفريقية عن طريق أوروبا ، هذا لا يحدث إلا في أفريقيا".

وردا على سؤال إحدى المشاركات من دولة التشيك والتي تعيش حاليا في العراق حول مقارنة الأوضاع بين مصر والعراق في مجال التنمية وإتاحة الفرص للشباب..أجاب السيسي : "إن العراق كانت دولة مستقرة وقوية ومتطورة ومتقدمة اقتصاديا ، لديها العلم والمعرفة قياسا بالدول العربية وقتها ..ولكن - هذه الكلمة أوجهها لنفسي - المسؤول عن الدولة إذا أخطأ فإن خطأه يدفع ثمنه الوطن كله ، هناك خطأ كبير حصل من القيادة العراقية في الفترة 90/ 91 وترتب عليها تداعيات كثيرة جدا حدثت في العراق.

وأضاف الرئيس : "إن أي دولة في العالم عندما تتداعى ، فمن الصعب إيقاف مسلسل تراجع قدراتها وأدائها إلا بظروف خاصة جدا ، يعني لغاية 2003 كان من الممكن أن يعوض العراق الخطأ أو يصوب الخطأ الذي حصل ويستعيده عافيته في سنوات قليلة إلا أن التدخل الذي وقع في العام ذاته تسبب في إسقاط الدولة ومؤسساتها وكان على رأس المؤسسات الجيش العراقي والمؤسسات الأمنية".

وقال : "إن إعادة التعمير والبناء يحتاج سنوات طويلة وأموالا طائلة ، مليارات من الدولارات ، مع فرضية نجاح الخطة ، لأننا في النهاية نتعامل مع بشر ، مع كيانات ، مع ظروف كثيرة جدا "..مضيفا :"إنني أطالب شعوب العالم بالحفاظ على بلدانهم لأن ما يتم هدمه ، يصعب بناؤه ، إن الدول إذا تعرضت للهدم من الصعب أن تستعيد واقعها مرة ثانية ".. لافتا إلى أنه عندما حصل التقاتل مع داعش ، جندت كل قدرات العراق لهذا الأمر.

وتابع الرئيس :"زملائي في الحكومة كانوا يرون أنني أريد اختزال الوقت في تنفيذ المشروعات ، أنني أتعجل في تنفيذ المشروعات ؛ لأنني أخاف على المصريين وأرغب في ألا يعانوا من الظروف الصعبة مرة أخرى لأنه إذا تحركت الجماهير فمن الصعب إيقافهم".

وردا على سؤالين آخرين من من الشاب المغربي حاتم أزماك أحد المشاركين في المنتدى حول جعل منتدى الشباب المصري والنموذج التنموي المغربي فرصة للتقارب بين الشعبين والتجربتين الرائدتين في مجال إشراك الشباب وكذلك أن تمثل دفعة للعلاقات بين البلدين ، ومن أحد الشباب المشاركين من سلطنة عمان حول البرنامج الرئاسي للقيادات الشابة ومن أين استوحت الإدارة المصرية هذه الفكرة وما مدى تطبيقها في الدول المجاولة ومدى نجاحها .. قال الرئيس ": نحن قريبون جدا من بعضنا البعض".

وعن الوضع العربي الراهن..قال الرئيس عبدالفتاح السيسي :"أتصور أن وضع المنطقة الراهن في أصعب حالاته .. نحن بحاجة لنبقى مع بعضنا بشكل أكبر .. وأن تتم استعادة الدولة الوطنية ؛ لأن الدول المستقرة تتقارب مع بعضها أكثر وتتعاون مع بعضها أكثر وتنسق مع بعضها أكثر حتى تكون محصلة قوانا ضخمة في مواجهة التحدي الذي يمر بمنطقتنا وحتى نستطيع تجاوزه بتعاونا مع بعض الواقع الصعب اللي بنعيش فيه" .
وحول رؤية مصر 2030 .. قال السيسي : "هناك برامج تجاوزنا فيها الخطة والمدى الزمني الخاص بها مثل الطاقة على سبيل المثال ، تجازونا المستهدف في التوقيت تماما ، بفضل الله سبحانه وتعالى ، ثم بفضل جهد الحكومة والمصريين ، كما أن هناك بعض المستهدفات تجاوزت المدى الزمني المخطط، مثل شبكة الطرق".
وبالنسبة للبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب ..أكد الرئيس أن الدولة جادة في تمكين الشباب كي يتولى المسئولية ، قائلا :"أتمنى أن نستمر في انتقاء أفضل العناصر ، فهناك دورات تستمر 9 شهور ، وهناك دورات أقل من ذلك لإعدادهم وتجهيزهم".. مشيرا إلى أنه يتم تخريج 3 دورات ، كل دورة تشمل 500 شاب وفتاة.
وأضاف : "أخذنا حوالي 200 شاب وشابة أكثر تأهيلا من حملة الماجستير والدكتوراة ، وأخذنا مجموعة شباب من أفريقيا لنعطيهم دورة لمدة 45 يوما ثم يرجعوا لبلادهم ، ونحن مستعدون بالتنسيق مع حكومات الدول لاستقبال ذلك لأننا حريصون على تأهيل الشباب العربي مع الشباب الأفريقي مع الشباب المصري ، هذا أمر ندعمه بشكل أو بآخر".
وتابع الرئيس :"هذا هو دور الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب ، وأي دور لأي مؤسسة إذا اتسم بالجدية والمسؤولية والنزاهة سوف ينجح ، تجرد في الاختيار والانتقاء والمسؤولية والجدية في التأهيل ستنجح التجربة سواء كانت في مصر أو أي دولة .. وأي تجربة لدينا فهي متاحة للجميع .. وأنا قلت هذا الكلام لأشقائنا في أفريقيا .. لأننا نتمنى أن نرى الدنيا كلها متقدمة ومتطورة".
وقال السيسي :"المخرجات حتى الآن جيدة ونتمنى أن تتحسن أفضل من ذلك ؛ لأنه كلما كان التأهيل والإعداد جيدا كلما كانت النتائج جيدة ، ولن نقف عند حدود معينة بل سنواصل العمل والتقدم ؛ لأن الإنسانية لا تقف عند حدود في تطويرها أو تحسين مستواها".