ضى القلم

حرامى الورد .. فى عز البرد

خالد النجار
خالد النجار

‎هلت ليالى الشتاء ودقت الأمطار على البيوت، جاء الشتاء متأخرا، فاجأنا بلسعات البرد القارس، وها هى ذكرياته تتداعى وتعود لمة العيلة لكن لم تعد الأيام هى الأيام.


‎ فى قسوة البرد نتذكر رجالا وقفوا مرابطين على الحدود مدافعين عن الأرض وأخرين سهروا يحرسون ممتلكاتنا وأرواحنا ويضحون بأرواحهم.. فى الوقت الذى جلس البعض محتميا بالمدفئة متدثرا ببطانية وممسكا بتليفونه المحمول يطوف عبر فضاء الإنترنت مستمتعا بالطرائف والحكايات يسلى وقته.


‎ هناك من يقف فى عز البرد فى عمله بحثا عن قوت عائلته، خلاف الجنود والضباط هناك عمال فى مجالات عدة يسعون للرزق ولا يهمهم الصقيع، مهن كثيرة تستوجب الوقوف لساعات فى البرد والمطر، عمال النظافة والباعة وغيرهم ممن تتطلب أعمالهم مواجهة وتحمل الجو القاسى يستحقون منا التعاطف، ونحمد الله على أحوالنا فمهما كانت ظروفنا قاسية هناك من هم يملكون ظروفا أقسى.


‎ فى عز البرد تذكر أن هناك من لا يملك غطاء يصد عنه برد الشتاء القارس، وهناك من نام فى العراء لا يملك إقامة سقف لمنزله ونام محتضنا أولاده وفى حاجة لمن يسترهم ويمنع عنهم برد الشتاء.


‎ هى دعوة للشعور بالآخرين والنظر والتدقيق والبحث فيمن حولك من جيرانك أو أقاربك أو معارفك، ربما هناك من منعته عزة نفسه من طلب الدفء والعون والمساعدة، هى دعوة للتفتيش ومساعدة كل محتاج.


‎ هناك العديد من دور الأيتام تحتاج للمواد الغذائية والملابس والأدوات المدرسية والبطاطين ليتنا نبحث لنساعدهم خاصة أن عناوينهم معروفة، وهناك دور الأيتام أصحاب الإعاقة فهم بحاجة أكثر إلى المساعدة، أما دور المسنين فإذا كانوا لا يحتاجون بشدة للطعام والدفء، فإن حاجتهم ملحة للدفء المعنوى.


‎ عناوين دور الأيتام والمسنين موجودة من خلال الإنترنت وإن أردنا الدقة فى وزارة التضامن ومديرياتها بالمحافطات.


‎ فى عز البرد ناس شقيانين وتعبانين يعملون بإخلاص ووطنية، فى عز البرد ناس بتجرى على لقمة عيش حلال وتعمل بجد واتقان.


‎ - حرامى الورد مشهد غريب.. صورة للاستهتار والسرقة، سيارات صغيرة تقف بعد الغروب تسرق الورد وأشجار الزرع الذى انتشر يزين شوارع وميادين التجمع الخامس، يقفون بثقة وثبات ينتقون النباتات الغالية ليجمعوها ويبيعوها من جديد، فى ظل غياب مشرفى الأحياء وعمال الزراعة، أعتقد أن هذا المشهد موجود فى مناطق كثيرة، مشهد السرقة الذى حرمنا من الجمال والخضرة، لفت نظرنا المشهد فرجعنا نسألهم فارتبكوا وفروا هاربين. فى عز البرد حرامية ونصابين زى ما هناك محترمين ومخلصين.


‎ تبدلت سلوكيات الناس وطفت القذارة وأخرج الناس أسوأ مافيهم ولم يعد للخجل وجود، المصالح هى أساس العلاقات، انحطت الأخلاق وتلاشت القيم وقل الحياء.


‎ فتش عن الأخلاق فهى أساس التربية وقوام الدين ونشر التسامح والوئام.. التربية من البيت أولا ليخرج إنسان للدراسة والعمل متسقا ومهذبا وقويما.. تزايدت الفوضى فى الشوارع واختفت القيم النبيلة وتعالت حالة السلبية. كيف يسمح مواطن لنفسه أن يستحل المال العام ويقتلع نبات زين الشارع، لم يعد هناك خير، والسبب انعدام الأخلاق والتربية وعندما تتحدث مع أحد يشبعك وطنية و»كلام فاضى».. مايحدث من كثير هو خروج مخل عن النص وانحطاط.


‎ أعيدوا القيم والأخلاق للناس بضبط الشارع وتهذيب السلوك ليختفى حرامية الورد فهم نواة لحرامية كبار.