فى الصميم

إرهاب لا يعرف طريق التوبة..

جـلال عـارف
جـلال عـارف

رغم أن السلطات البريطانية أكدت أن الحادث الإرهابى الذى شهدته العاصمة «لندن» الجمعة الماضية كان حادثا فرديا، إلا أن الحادث يثير العديد من القضايا ويطرح العديد من الاسئلة التى تبحث عن إجابات.
الحادث الذى قام فيه الإرهابى «عثمان خان» بطعن عدد من المارة وقتل اثنين وجرح آخرين قبل أن يلقى مصرعه، ترافق مع حادث مشابه فى نفس اليوم فى هولندا، ليطرح احتمال أن تكون أوروبا بصدد موجة من هذه الأحداث التى تقوم بها «الذئاب المنفردة» ومدى الاستعداد لمواجهتها.
لكن الأهم كان ما تم كشفه عن أن الإرهابى «خان» كان سجينا منذ ٢٠١٢ بعد إدانته بجرائم إرهابية، ثم أفرج عنه قبل تسعة أشهر فقط ووضع قيد المراقبة ومازال خاضعا لبرامج تأهيل.
الشرطة قالت إنها مطالبة بمراقبة ٢٠ ألفا لكنها تعانى من نقص الامكانيات البشرية والمادية، ورئيس الوزراء طلب إعادة النظر فى الافراج عن المدانين  بقضايا الإرهاب قبل قضاء كامل العقوبة فى السجن، والمجتمع يطالب بإجراءات أشد للمراقبة، ويتساءل: هل يمكن لبرامج التأهيل أن تكون فاعلة مع الإرهابيين؟.. وهو سؤال يكتسب أهمية فى ظل المشكلة الأعقد التى تواجهها دول أوروبا وغيرها مع «الدواعش» من مواطنيها الذين ذهبوا للقتال فى سوريا والعراق، ومع مطالب عودتهم إلى مواطنهم الأصلية.
وسط كل هذه التساؤلات تكون هناك مفارقة أخري. فبينما كانت هناك إشادات كبيرة بدور المواطنين الذين قاموا بالامساك بالإرهابى القاتل «خان» وتجريده من سلاحه قبل وصول الشرطة.. يتبين أن واحدا من هؤلاء الذين منعوا المضى فى الجريمة لمدى أكبر وأوسع، كان هو الآخر رهن السجن بتهمة  القتل فى جريمة جنائية، وأنه خرج بعد ١٥ سنة ليجد نفسه أمام هذا الموقف الذى أدى فيه دورا نال تقدير الكثيرين.
قد يكون الفارق هنا هو بين مجرم جنائى وبين إرهابى يقتل عن عقيدة مجنونة وفكر مريض يستعصى على الشفاء إلا فى حالات استثنائية محدودة للغاية.
وتبقى الحقيقة المؤكدة: مواجهة الفكر الإرهابى المتطرف هى المهمة الأساسية، واجتثاث جذور الإرهاب هو الأصل. والتأخر فى الاصلاح الدينى الحقيقى هو الجريمة الاساسية التى يجب أن تتوقف.