مع احترامى

شورت وفانلة وكاب

فرج أبوالعز
فرج أبوالعز

يعجنى دروس التربية السياسية التى كثيرا ما يلجأ إليها الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب واستثمار خبرته كأستاذ للقانون الدستورى فى تثقيف النواب بمنهاجية معالجة بعض القضايا، الأمر الذى ينبهنا لغياب معاهد للتثقيف السياسى لمن يمتهنون العمل السياسى والعمل العام بشكل شامل.
أحدث الوقائع تأكيده على عدم وجود كيدية فى جريمة تحرير الشيكات بدون رصيد أثناء مناقشة البرلمان تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية حول طلب النائب العام برفع الحصانة عن نائب لاتخاذ الإجراءات الجنائية تجاهه لارتكابه جنحة إصدار شيك دون رصيد، مؤكدا بما لا يقبل الشك على أن جريمة «الشيك بدون رصيد» ليس فيها كيدية وإنما هى بمثابة عدم الوفاء بحقوق والحصانة متعلقة بالمصلحة العامة لكن إذا تعلقت بحقوق الغير يجب أن ننظر إليها.. وفى اعتقادى أن د.عبد العال أوضح نقطة قانونية مهمة حول الشيك دون رصيد تفيدنا جميعا وليس نواب البرلمان فقط.
الأمر الثانى والذى أعتقده أكثر خطورة ما يتعلق بمشروع قانون الذوق العام المقدم من النائبة غادة عجمى و60 نائبا والذى أثار الكثير من الجدل ورفضته اللجنة التشريعية والدستورية بالمجلس بسبب ما يشوبه من غموض وعوار على مستوى الفن التشريعى وما تضمنه من عبارات لا تتفق مع ضوابط التشريع والصياغة التى يتعين أن تكون موجودة فى التشريع بشكل واضح وجلى، حيث قال د.عبد العال: استوقفنى تعبير الذوق العام، فهى عبارة لا يُمكن ضبطها، ولا تدخل فى السلوك، وهناك أمور جيدة قد يراها شخص آخر أمورا قبيحة، أرجو ألا ندخل فى الأمور المتعلقة بالسلوك الشخصى، نحن دولة تقبل الجميع دون تمييز ومُنفتحة على كل حضارات وثقافات العالم تاريخيا وأرجو أن ينتبه الجميع.
ورغم اتفاقى التام مع د.عبد العال واللجنة التى رفضت مشروع القانون لكننا يجب ألا نغفل أن جرح وإيذاء الذوق العام لا يتعلق فقط بمن يلبس البنطال المقطوع أو يمشى فى الأماكن العامة ويستخدم المواصلات بشورت وفانلة وكاب وإنما هو تعبير شامل تراعيه غالبية دول العالم بما يتفق مع المعيار الموحد للقيم السائدة فى المجتمع حتى فى نماذج عمارة مبانيها ليبدو الشكل العام متناسقا ويعطى سمة واضحة للمدينة مثل واشنطن العاصمة التى لا يوجد فيها مبنى أعلى من بناية البوسطة ولا خلاف هناك على ذلك بينما نيويورك ذات المساحة الجغرافية الضيقة فهى مدينة ناطحات السحاب.
مشكلتنا الحقيقية فى غياب نموذج موحد للقيم لدينا بفعل اختلاط الحضارات والجنسيات نعم نحن مع التنوع لكن علينا أن نتفق على نموذج موحد للقيم نضع بمقتضاه معايير يكون تجاوزها خروجا عن الذوق العام ويستوجب العقاب فجميعنا نتفق على ضرورة مراعاة الذوق العام فهل هناك من يرضى بالتحرش وهل هناك من يرضى بارتكاب المنكرات فى الأماكن العامة وهل هناك من يرضى على مظاهر التسول الكريهة المنتشرة فى شوارعنا وكذلك فى المواصلات العامة وهل هناك من يرضى ببنايات عشوائية الشكل والعمران تشوه صورة أحيائنا.. أعتقد أن هناك سلوكيات نتفق جميعا على رفضها ويجب على مجلس النواب بما يضمنه من أساطين التشريع من وضع نظام موحد للسلوكيات التى يرفضها الجميع.
علينا أن نجتهد فى بناء نموذج موحد للقيم فلا يعقل أن تسير فى شوارع مدننا أحدث ماركات السيارات وبجانبها عربات الكارو والجمال (بكسر الجيم).