نادي النساء السري| أشرس تنظيم للقتل برعاية أشهر سفاحة في التاريخ

السفاحة جوليا توفانا
السفاحة جوليا توفانا

«جوليانا توفانا» صاحبة أشهر تنظيم سري للقتل بالسم الهاري

نادي النساء السري| برعاية أشهر سفاحة في التاريخ

 

يمتلئ التاريخ بالعديد من القصص المختلفة والأحداث المثيرة منها ما هو مأساوي ومنها ما هو غريب ومثير، ففي منتصف القرن السابع عشر الميلادي انتشرت حالات الوفاة بين الأزواج تحديدًا دون سبب ظاهري معلوم، كان الأمر آنذاك محيرًا ويدعو للريبة ومثير للتساؤلات لكن لم يكن هناك أي دليل مادي واضح يشير أن هذا الأمر بفعل فاعل، مرتكب سلسلة هذه الجرائم لم يكن مجرم عادي، لكن المفاجأة التي تم الكشف عنها فيما بعد أن هذه الجرائم يقف ورائها أرملة ايطالية شابة تدعى «جوليا توفانا».

كانت«جوليا توفانا» صاحبة محل لبيع المكياج وخلطات التجميل، وساعدتها هذه المهنة في صنع خلطة سحرية سامة للتخلص من زوجها بعدما منعتها القوانين والأعراف وقتها من الحصول على الطلاق بشكل طبيعي، ما دفعها لاختراع نوع مختلف من السم الذي يقضي على حياة من يتناوله بالبطيء دون أن يترك أي أثر وسرعان ما تحولت هذه الخلطة إلى أيقونة تابعة لتنظيم سري للتخلص من الأزواج ومنح الحرية للزوجات الراغبات في الطلاق أو في التخلص من أزواجهم، قصة مثيرة جدًا مليئة بالتفاصيل المشوقة والبشعة في نفس الوقت خصوصًا إذا علمنا أن ضحايا هذا التنظيم السري لقتل الأزواج تجاوز الـ600 زوج، وتعتبر قصة «جوليا توفانا» هي أنجح سلسلة قتل قادتها امرأة سفاحة على مر التاريخ، وخلال 50 عامًا نجحت في الحفاظ على سرية هذا التنظيم دون أن يكتشف أمرها أحد أو يتم القبض عليها، ولولا خطأ وحيد ارتكبته إحدى الزوجات نتج عنه الكشف عن أعضاء التنظيم السري للقتل لظلت قصة جوليا في طي النسيان وماتت ودفن سرها معها.

الطلاق المستحيل

بدأت القصة خلال القرن السابع عشر ميلاديًا، وتحديدًا خلال عصر النهضة الأوروبي، كانت النساء في هذا الوقت يخضعن للزواج في سن مبكرة، كان الزواج سهلاً والطلاق مستحيلاً، وبعد إتمام الزواج يكون الرجل صاحب السيطرة الكاملة على زوجته، ولم يكن للمرأة في هذا الوقت القدرة على التصرف أو التحكم في حياتها بمجرد الزواج، وليس لها أية حقوق تذكر فكانت الفتاة بمجرد أن تدخل بقدميها إلى الحياة الزوجية فلا يكون لها أية سيطرة على حياتها، ويكون للزوج كامل التصرف بحرية حتى أن بعض الأزواج كانوا يعرضون إلى الكثير من العنف، وتقليل الشأن وغيره من الأمور التي يستحيل معها الحياة، ولم يكن أمام الزوجات سوى التأقلم مع الواضع الراهن أو الانتظار لحين وفاة الزوج للتخلص من هذه الحياة القاسية.

الموت البطيء

كان الوضع السائد في هذا التوقيت بين الأوساط النسائية هو الخنوع، لكن سيدة واحدة فقط لم تكن مثل باقي السيدات، رفضت الخضوع والتأقلم مع هذا الوضع تدعى«جوليا توفان بالإيطالية Giulia Tofana»، تعرضت توفانا مثل غيرها من النساء إلى الكثير من أعمال الإهانة والقمع من جانب زوجها قادت «جوليا» أول حركة تمرد للسيدات في القرن الـ17، كانت لا تزال صغيرة في السن وتتمتع بالجمال، خشيت على نفسها أن يذهب هذا الجمال ضحية عنف زوجها الذي اعتبرها أداه للمتعة فقط، لذا فكرت في أن تلقنه درسًا قاسيًا لتنتقم لكرامتها وكبريائها المجروح من خلال قتله بالبطيء لكي تستمتع بتعذيبه أمامها.

السم الهاري بالخلطة السرية

كانت جوليا، تمتلك متجر صغير لبيع المكياج وخلطات التجميل، وفكرت في استغلال عملها للتخلص من زوجها، وبعد تفكير عميق هداها تفكيرها الشيطاني ودفعتها رغبتها في الانتقام للتوصل إلى خلطة سرية عالية السُمية تصيب من يتناولها بالموت البطيء دون أن تترك أي أثر، صنعت «جوليا توفانا» هذه الخلطة من المواد السامة المتوفرة لديها في محل بيع المكياج المكون الأساسي هو «الزرنيخ» الذي كان يستخدم في تبييض لون البشرة، ويُعرف «الزرنيخ» بأنه ملك السموم، وله الفضل في قتل عدد كبير من ملوك روما القديمة، ومن أعراضه لمن يتناوله القيء والإسهال، وهي أعراض يمكن بسهولة تطابقها مع أعراض الإصابة بالعديد من الأمراض الشائعة، ويتميز «الزرنيخ» بأن جرعة صغيرة جداً منه عالية السمية وقادرة على القتل ببطء شديد.

أما المكون الآخر كان نبات «البيلادونا» ويعني السيدة الجميلة باللغة الإيطالية وهي مادة كانت تستخدمها النساء في توسيع حدقة العين فإن هذا المكون المستخرج من نبات التوت عالي السمية جدًا ومن آثاره الشائعة زيادة معدل ضربات القلب، وعدم وضوح الرؤية، وربما الإصابة بالعمى.

فكرة القتل بالسُم تاريخيًا

مزجت «جوليا»، هذا الخليط الخطير، وأطلقت عليه أسم سم الـ«أكوا توفانا» الذي تميز بأنه عديم الطعم وعديم اللون وعديم الرائحة، ما جعل منه سماً ممتازًا خصوصًا بعد مزجه مع النبيذ أو أي شراب آخر فكمية «الزرنيخ والبيلادونا» في هذه الخلطة كانت كافية لقتل رجل بأربع قطرات صغيرة تعطى له على مدار عدة أيام لكي لا يكتشف الأطباء السبب الحقيقي للموت.

ويمكن الجزم أن جوليا، لم تكن أولى النساء استخداما للزرنيخ، في القتل، ففي أواخر القرن الخامس عشر، صعدت عائلة «بورجيا» إلى السلطة عندما أصبح «رودريغو بورجيا» البابا ألكسندر السادس، وكانت له ابنة تُدعى «لوكريزيا» تزوجت 3 مرات، ودارت الشائعات حول هذه الفتاة التي كانت في عمر الـ22 فقط، وأُشيع آنذاك أنها كانت تقتل أزواجها بخليط النبيذ والزرنيخ، ويقال إنها كانت تضع «السم في خاتم ضخم»، تضعه باستمرار في إصبعها، وتفتحه فوق كأس النبيذ، وقت تقديمه إلى الضيوف دون لفت الانتباه، وربما من هنا حصلت «جوليا توفانا» على فكرتها القاتلة.

اختمرت الفكرة في عقل «جوليا» وقررت اختبار خلطتها شديدة السُمية على زوجها، حيث دست له السم في الشراب وتلذذت بتعذيبه وهي تشاهده يئن ويصرخ من شدة الألم على مدار عدة أيام دون أن يرمش لها جفن أو يأخذها به شفقة أو رحمة، كان مرضه غريبًا وقتها واحتار فيه أطباء هذا الزمان الوحيد الذي كان يعلم السر هي «جوليا» حتى فقد زوجها قدرته على الحركة وخارت قواه ولقي مصرعه بشكل طبيعي.

نادي النساء السري لقتل الأزواج

أدركت جوليا، بعد وفاة زوجها أن خلطتها السرية نجحت بشكل منقطع النظير، ما دفعها لتكوين تنظيم سري نسائي مكون من الزوجات الراغبات في التخلص من أزواجهم وبالتالي كانت على علم بأغلب قصصهن الحزينة، ومعاناة الزوجات اللاتي لا تملكن سبيلا للخروج من هذا الرباط بشكل قانوني، للحصول على الميراث والتمتع بأموالهم والتخلص من قسوتهم، لم تكن «جوليا» بحاجة إلى الثروة والسلطة لتقتل، لكن كان هدفها الوحيد هو مساعدة الأرامل، وتقديم حل سريعا للزوجات غير السعيدات مع أزواجهن، ما دفع «جوليا»، لصنع عشرات الزجاجات من خلطتها السرية السامة وأطلقت عليها اسم «الأكوا توفانا» كانت «جوليا» تضع خلطتها السامة في عبوات مستحضرات التجميل مما يسمح للزوجة الراغبة في قتل زوجها بوضع عبوة السم في غرفتها بشكل اعتيادي دون أن يشتبه زوجها في الأمر كانت «جوليا» تؤمن أنها تساعد النساء غير السعيدات في حياتهن الزوجية على الخلاص من هذه الحياة بمساعدتهن على قتل أزواجهن وكانت تعتقد أن هذا السبب مبرر كاف لقيامها بالمساعدة على القتل.

كشف المستور

ظلت «جوليا توفانا» تخدع السلطات، وتقتل الرجال على مدار 50 عاماً، وفي عام 1650، اشترت سيدة “السم” منها، ودسته في الحساء لزوجها، لكن فجأة شعرت المرأة بالندم، ومنعت زوجها من تناول الحساء، وبعد ذلك أجبرها الزوج على معرفة الحقيقة كاملة فاعترفت له بكل التفاصيل وأخبرته أنها دست له السم أخذ الرجل زوجته إلى السلطات البابوية في روما وهناك اعترفت الزوجة أنها اشترت الخلطة من «جوليا توفانا» وعندما علمت جوليا، أن السلطات ستلقي القبض عليها فهربت إلى الكنيسة لأنها كانت تعتبر ملاذاً آمناً في هذا التوقيت.

ليلة سقوط الأرملة القاتلة

انتشرت بعد فترة شائعة بأن «جوليا» سممت المياه في روما، وتم اقتحام الدير للقبض عليها، وسلمت إلى السلطات البابوية وعذبت السلطات «جوليا توفانا» حتى اعترفت بأنها قتلت 600 رجل بخلطتها السرية من السم، بمساعدة زوجاتهن بين عامي 1633 إلى م1651، وقد يكون الرقم الحقيقي أكبر من ذلك بكثير، كما تبين أيضاً أن «جوليا توفانا» هي ابنة «ثافانيا دادامو» التي أعدمت في «باليرمو» في جزيرة صقلية عام 1633 بعد اتهامها بتسميم زوجها !

أعدمت جوليا في عام 1659مع أبنتها التي كانت مساعدتها الأولى بالإضافة إلى ثلاث موظفات كن يعملن لديها تم إعدامهن في ساحة «كامبو دي فيوري» في روما أمام سكان المدينة بعد اعترافات جوليا، حاولت العديد من عميلاتها التظاهر بالجهل وادعين أنهن اشترين خلطة الـ«أكوا توفانا» لأغرض تجميلية لكن سجنت السلطات بعضهن وتم إعدام أخريات.

 هل مات الموسيقار «موتسارت» بسم الزرنيخ؟

استمرت شهرة سم الـ«أكوا توفانا» على مدار 100 عام بعد إعدام «جوليا توفانا»، خلطة شائعة، وقصة متداولة بشدة، حتى أنه في عام 1791، ادعى الموسيقار النمساوي العالمي «فولفجانج أماديوس موتسارت» أنه تم تسميمه باختراع «جوليا توفانا»، وبعد إصابته بمرض خطير، وعلى فراش موته قال موتسارت، «أشعر بالتأكيد أنني لن أستمر لفترة أطول، أنا متأكد من أنني تعرضت للتسمم، شخص ما أعطاني سُم أكوا توفانا، وحسب الوقت الدقيق لوفاتي»، إلا أن البعض رجح أن التسمم لم يقتل «موتسارت»، لكن في حقيقة الأمر فإن الثابت تاريخيًا أن وصفة «توفانا» كانت لا تزال شائعة حتى ذلك الحين، وكان السم معروفًا بسلاح المرأة المفضل، إذا أرادت قتل شخص ما في أوروبا في العصور الوسطى وأوائل أوروبا الحديثة.