24 عامًا مضت.. معاهدة سلام قادت «البوسنة والهرسك» لأكثر أنظمة الحكم تعقيدًا

24 عامًا مضت.. معاهدة سلام قادت «البوسنة والهرسك» لأكثر أنظمة الحكم تعقيدًا
24 عامًا مضت.. معاهدة سلام قادت «البوسنة والهرسك» لأكثر أنظمة الحكم تعقيدًا

قبل 24 عامًا من الآن، كانت بوادر إنهاء النزاع والحرب الأهلية تلوح في أفق جمهورية البوسنة والهرسك، والتي عاشت سنواتٍ عصيبةً جراء الصراع الأهلي بين طوائف المجتمع الثلاث المشكلة للبلد الوليد آنذاك.


في الحادي والعشرين من نوفمبر عام 1995، وقعت الأطراف المتنازعة على معاهدة "دايتون" للسلام، ليتم وضع حدٍ لواحدة من أبشع حروب التطهير العرقي في العالم، والتي قدحت في أرض البوسنة والهرسك. 


وأصبحت جمهورية البوسنة والهرسك، تملك على إثر ذلك واحدًا من أكثر أنظمة الحكم تعقيدًا في العالم، والذي يقسم السلطة بين ثلاث طوائف في المجتمع البوسني، وهم مسلمو البوشناق وصرب البوسنة وكروات البوسنة.


الحرب والسلام
البوسنة والهرسك هي جمهورية تأسست بعد انفصالها عن يوغسلافيا عام 1992، وأدى ذلك الانفصال إلى حربٍ ضروسٍ، حيث خاض العرق الصربي حربًا ضد مسلمي البوشناق والكروات، بدعمٍ من بلجراد، بعدما كان صرب البوسنة يرفضون الانفصال عن يوغسلافيا.


وأدت الصراع العرقي إلى مقتل ما يربو على 100 ألف شخصٍ، خلال حربٍ دارت رحاها بين عامي 1992 و1995، ووضعت أوزارها بتوقيع معاهدة دايتون للسلام عام 1995، والتي تعتبر بمثابة ملحقٍ لدستور البلاد.


ودارت مفاوضات معاهدة دايتون في قاعدة رايت بيترسن الجوية قرب مدينة دايتون الأمريكية، في نوفمبر عام 1995، واستمرت لثلاثة أسابيع، بدءًا من الفاتح من شهر نوفمبر، وحتى الحادي والعشرين من الشهر ذات، قبل أن تفضي إلى بلورة اتفاقية سلام بين طرفي النزاع في البوسنة والهرسك.


نظام حكم معقد
ونصت المعاهدة على تقاسم السلطة بين طوائف المجتمع الثلاث، بالتساوي فيما بينهما، رغم اختلاف تمثيل كل طائفة داخل البوسنة من حيث الكتلة السكانية.


ويمثل مسلمو البوشناق الأكثرية في جمهورية البوسنة والهرسك، ونسبتهم 48%، ثم صرب البوسنة يمثلون 37.1% من إجمالي السكان، والكروات تبلغ نسبتهم 14.3%.


ونظام الحكم في البوسنة والهرسك هو مختلطٌ بين الرئاسة والبرلمان. وللبلاد ثلاثة رؤساء يشكلون المجلس الرئاسي، حيث تُمثل كل طائفة برئيسٍ لها في المجلس الرئاسي، وتنتخب كل طائفة ممثلها في المجلس.


مدة ولاية المجلس الرئاسي أربع سنوات، ولا يجوز إعادة انتخاب ممثل الرئاسة عن كل شعبٍ من الشعوب الثلاثة إلا لمرةٍ أخرى فقط.


ويتناوب الرؤساء الثلاثة على رئاسة المجلس كل ثمانية أشهر، بواقع مرتين لكل ممثل، إلى حين انقضاء الولاية الرئاسية.
وضعية البرلمان


أما بالنسبة للبرلمان، فهو يتشكل من مجدلسي النواب والشعب، فمجلس النواب يتألف من 42 عضوًا، ينتخبون جميعهم بنظام التمثيل النسبي، وتبلغ حصة كل طائفة 14 مقعدًا، ويتم انتخاب صرب البوسنة لحصتهم البالغة أربعة عشر مقعدًا بمفردهم، في حين يُنتخب الـ28 عضوًا، الممثلين لكيان اتحاد البوسنة الكرواتي، الذي يضم مسلمي البوشناق والكروات، مجتمعين على حدٍ سواء، بمنأى عن صرب البوسنة.


وبالنسبة لمجلس الشعب، فهو يتألف من 15 عضوًا، تبلغ حصة كل طائفة عرقية خمسة أعضاء، بالتساوي بين الطوائف الثلاث.
ومسألة اتخاذ أي قرار في البرلمان سواء في مجلس النواب أو مجلس الشعب تبقى من الأمور المعقدة، ففي مجلس النواب، علاوةً على ضرورة تصويت الأغلبية المطلقة لصالح أي قرار (نسبة الـ50%+1")، والتي تبلغ 22 عضوًا على الأقل، ينبغي أن يُصوت ثلث كل طائفة على الأقل لصالح هذا القرار، بواقع خمسة أعضاء من كل شعبٍ كحدٍ أدنى.


أما في مجلس الشعب، فينبغي موافقة تسعة أعضاء على الأقل على مشروع أي قرار من أصل خمسة عشر، على أن يكون كل طائفة قد صوت ثلاثة من ممثليها لصالح هذا القرار أو مشروع القانون.


جدير بالذكر أن الكيانين الممثلين لدولة البوسنة والهرسك سواء الاتحاد البوسني الكرواتي وجمهورية صرب البوسنة لهما برلمانهما الوطني المستقل لكلٍ منهما، ويبلغ أعضاء برلمان الاتحاد البوسني الكرواتي 98 عضوًا، وجمهورية صرب البوسنة 83 عضوًا.


وخلاصة القول أن نظام المحاصصة السياسية في البوسنة والهرسك لا يتمتع فيه المسلمون، أصحاب الأكثرية، بأي ميزةٍ بالنسبة لعددهم، سواء في التمثيل داخل البرلمان أو تصدر مشهد الحكم.