عاجل

إنها مصر

معاك معاك.. عليك عليك!

كرم جبر
كرم جبر

إذا كتبت بوست فى فيس بوك «فلان كويس»، انهالت التعليقات تمتدح صفاته وتفتش فى ماضيه السعيد، وإذا كتبت عنه «وحش»، انبرى أهل الخير للبحث فى ماضيه الأسود وأعماله السيئة، «معاك معاك.. عليك عليك».
هكذا فيس بوك بعضه «خير» ومعظمه «شر»، الخير فى أنه ملتقى لمعرفة أخبار أصدقاء لا تسمح الظروف بالالتقاء بهم، وشر فى حفنة من المتنمرين والشتامين، ومنهم شخصيات وهمية.
فيس بوك لم يعد عالماً افتراضياً فقط، فبعضه معلوم وبعضه مجهول، وكثيرون ينتحلون أسماء غير أسمائهم وصوراً غير صورهم، ويجب إغلاقهم أولاً بأول لأنهم لصوص متخفون، والعدد ليس فى الليمون.
فيس بوك أصبح مصدراً لرزق البعض، عن طريق الصفحات الوهمية التى تستحوذ عددا كبيرا من اللينكات، ثم بيعها لآخرين، بحثاً عن متابعين جدد، فتكون العملية كلها وهم فى وهم.
هذه النافذة السحرية أصبحت تمسك بتلابيب الرأى العام، وتصنع ضغوطاً على المسئولين والحكومات، فيستجيبون لها خوفاً من الغضب الشعبى، وحدث فى مصر عشرات القضايا ينطبق عليها ذلك.
>>>
فيس بوك وتويتر وغيرهما من وسائل سوشيال ميديا، أصبحت تؤثر فى الرأى العام، أكثر من وسائل الإعلام التقليدية «الصحف والفضائيات»، والزمن القادم سيشهد مولداً لإعلام شعبى هائل واختفاء للإعلام الحالى.
الإعلام الجديد يخرج عن سيطرة الحكومات والأنظمة المعمول بها فى سائر الدول، ولا يمكن فرض الرقابة والقيود عليه، وهنا مكمن الخطر الذى لن يستمر طويلاً.
ليس مقبولاً أن يكون مصير الإعلام فى مختلف الدول وتشكيل وعى الشعوب فى يد «الأخ مارك»، ينشر ويمنع ويتحفظ، ويضع الضوابط التى يراها من وجهة نظره، حتى لو كانت غير صحيحة.
التجربة الصينية فى صنع سوشيال ميديا محلية تحت الرقابة، سوف تجذب الكثير من الدول فى السنوات القادمة، بعد استشراء الفوضى، وتزايد المخاطر وضيق الدول والحكومات.
>>>
أكبر مخاطر سوشيال ميديا توظيفها من قبل الجماعات الإرهابية، واستخدامها فى التخطيط والتنفيذ وتصنيع الأسلحة والمتفجرات، وقدمت لهم تسهيلات كبيرة كان من المستحيل توفيرها.
تليفونات الثريا والأقمار الصناعية وخرائط جوجل وغيرها، أصبحت فى أيدى الإرهابيين، ويجيدون توظيفها والتواصل مع خلاياهم، مثل الثريا الذى وجده مرسى فى الصحراء مع أحد المارة!!، وأصبحت نظرية «الخلايا العنقودية» من الخدع القديمة.
الجماعات الإرهابية سباقة فى استخدام هذه الوسائل منذ نشأتها، وربما قبل كثير من الدول والأجهزة الأمنية، ولعلنا نذكر أول قضية لخيرت الشاطر فى مصر كانت سنة 1993، مركز سلسبيل للتجسس بأجهزة الكمبيوتر.
الغرف الإليكترونية الإخوانية كانت أدوات حشد الشباب فى الميادين قبل 25 يناير وبعدها، وتدير بمنتهى الإجرام حروب الشائعات ومحاولات هدم الدولة المصرية.
الحرية مطلوبة والقيود مرفوضة، ولكن لابد من وجود خيط رفيع أو سميك يفصل بين أمن العباد والبلاد والاستخدام الإجرامى للتكنولوجيا الحديثة.