العلامات الإرشادية «تائهة»| لافتة كوبري أكتوبر «فوق الرصيف».. والدائري «بدون علامات»

العلامات الإرشادية «تائهة» - صورة مجمعة
العلامات الإرشادية «تائهة» - صورة مجمعة

لافتات مكتوبة بخط اليد.. وأخرى سقطت من مكانها وملقاة أعلى الرصيف.. وغيرها موجود فى اتجاه عكس الاتجاه الصحيح، هذا ليس وصفا لمشاهد كوميدية.. لكنه واقع حقيقى لما أصبحت عليه بعض العلامات الإرشادية على الطرق وفوق الكبارى، فى مناطق مختلفة، بالقاهرة والجيزة بل فى بعض المحاور الرئيسية المهمة.

فبدلا من أن تؤدى هذه العلامات دورها الرئيسى فى توجيه السائق وارشاده إلى المكان الصحيح أصبحت سببا فى تشتيته وارباكه بسبب ما يعانيه من وضعها فى أماكن غير صحيحة أو عدم وضوحها أو عدم توافرها من الأساس فى بعض المناطق الحيوية وخاصة أعلى بعض الكبارى الأمر الذى يتسبب فى الكثير من الأحيان بحوادث تعطيل للسيارت بسبب عدم معرفة المكان الصحيح للسائق أو بحوادث بسبب ما يلجأ إليه البعض من السير بعكس الاتجاه للجهل بالمكان المطلوب وعدم وجود لافتة توضح ذلك.

شكوى دائمة من المواطنين وتشتت الجهات فى إعلان مسئوليتها عن هذه اللوحات ما بين أحياء ومرور وغيرها جعل حال العلامات الارشادية يرثى له. «الأخبار» قامت برصد حال بعض اللافتات وآراء المواطنين فى معاناتهم معها وناقشت الخبراء فى طرح حلول لهذه الظاهرة.

كوبري أكتوبر

يتعدى عدد مستخدمي كوبرى أكتوبر يوميا المئات خاصة أنه أحد الشرايين الحيوية والتى تربط بين مصر الجديدة ومدينة نصر والجيزة ووسط البلد، و لكن أعلى الكوبرى وتحديدا عند مخرج منطقة الزمالك ستجد اللوحة الارشادية الخاصة بتعريف المخارج والمطالع الخاصة بالطريق على الكوبرى قد سقطت من اعلى العمود الذى كانت مثبتة عليه ويصبح وضعها الحالى «مسنودة» على العمود وملقاة على الأرض وذلك الوضع مستمر لأكثر من شهر على مرأى ومسمع من الجميع ودون أن تتكلف الجهات المسئولة اعادتها إلى مكانها وتثبيتها أعلى العمود من جديد. ولايعد هذا الخطأ الوحيد أعلى الكبارى فبعض العلامات الارشادية الخاصة «بالدوران للخلف» أو «الاتجاه الإجبارى» والأسهم الخاصة بالاتجاهات معلقة خارج أسوار الكبارى من الاتجاه الآخر وبالتالى يصعب على السائق رؤيته بينما تكون مرئية للمشاة أو السائقين من اتجاه آخر تماما وبالتالى لا تفى العلامة بالغرض المطلوب منها.

كوبري الساحل

أما كوبرى الساحل والذى يعد أحد أشهر الكبارى فى القاهرة تشهد عليه اللافتات مشهدا كوميديا، فالعلامات الموجودة بالقرب من كل نزلة أصبحت شبه مطموسة بسبب أن أسماء المناطق والشوارع المؤدية إليها غير واضحة بالمرة، الأمر الذى جعل «فاعل خير» يتطوع ويقوم بإعادة كتابة المناطق على اللوحة «يدويا» من أجل مساعدة مرتادي هذا الكوبرى للوصول إلى النزلة المرجوة سواء بمنطقة إمبابة القومية أو اتجاه الكورنيش.

نزلة عرابي والدائري

نفس المعاناة تشهدها نزلة عرابى من عدم وجود علامات ارشادية توضح مطالع ومنازل هذا الطريق ليضطر اى شخص من مكان بعيد او من محافظة أخرى إلى الوقوف اكثر من مرة للسؤال عن المكان الذى يريد الوصول إليه و نظرا لانه طريق سريع فيجد السائق صعوبة فى إيقاف سيارة أجرة أو ملاكى وذلك قد يعرضه للخطر أو يفعل كما يعتاد البعض بالرجوع إلى الخلف عكس اتجاه الطريق وهذا يتسبب فى وقوع العديد من الحوادث.

ونفس الحال يشهده الطريق الدائرى خاصة فى اتجاه المريوطية والمنصورية وأكتوبر فلا يوجد اى علامة تحدد اسم «النزلة « الامر الذى يتسبب فى التكدس عند السؤال لمعرفة الطريق المؤدى لها. و الأمر الأكثر دهشة أنه على الطريق الدائرى المؤدى إلى منزل المهندسين وقبلها بعدة أمتار يوجد لافتة ارشادية كبيرة مكتوب عليها «الشيخ زايد على بعد ٥٠٠ متر»، الامر الذى قد يتسبب فى ربكة لسائقى المركبات لان الوضع الصحيح لهذه اللافتة هو الاتجاه الاخر المؤدى إلى اكتوبر والشيخ زايد وليس المهندسين ونزلة عرابى!.

الشوارع والميادين

لا تقتصر معاناة المواطنين مع العلامات الارشادية على الكبارى فقط بل تمتد المأساة إلى الشوارع أيضا، فأغلب اللافتات أصبحت غير واضحة المعالم بسبب الغبار والاتربة التى تغطيها ليجد المواطن نفسه تائها فى شوارع العاصمة محاولا قراءة المكتوب على اللافتة بصعوبة بالغة. ففى منطقة إمبابة بطريق الكورنيش وتحديدا قبل طلعة الكوبرى توجد علامة ارشادية كبيرة مطموسة البيانات بسبب الغبار والاتربة بالاضافة إلى تواجدها بين أشجار كثيفة تكاد تخفيها وكأنها غير موجودة.

ولا تقف مشكلات اللافتات على الأتربة فقط بل يعانى أغلب السائقين أيضا من الاماكن غير المناسبة لوضع هذه العلامات فعلى سبيل المثال بمنطقة كوبرى الخشب وقبل الصعود إلى «الدائرى» بأمتار قليلة منه توجد كتلة إسمنتية مثبت عليها لافتة لتوضيح الاتجاهين ولكنها موجودة فى المكان غير المناسب وهذا يتكرر مع العديد من العلامات الارشادية وأحد اهم الأخطاء التى تقع فيها الجهات المسئولة ويقع المواطن ضحية لها.

طرق تقليدية

فى الوقت الذى تظل فيه العلامات الارشادية غائبة عن أعين المسئولين، يطالب المواطنون بضرورة النظر إلى هذه اللافتات من أجل أن تؤدى دورها ولمنع الارتباك الذى يتسبب به عدم وضوحها أو اختفائها من أماكنها. فيقول مصطفى رمضان موظف: أصبح البحث فى بعض المناطق عن اللافتة الارشادية اشبه بالبحث عن كنز.. وكأنه ليس من حق المواطن أن يجد ما يرشده إلى الطريق الذى يريده وعليه ان يتبع الطرق التقليدية وأن يقف للسؤال عن الطريق أكثر من مرة خاصة إن كان مغتربا ليس من العاصمة. ويضيف: تعرضت لعدة مواقف بسبب اللافتات ولكن أغربها كان اننى كنت أبحث عن أحد الشوارع بمنطقة إمبابة ونظرا لان اللافتة كانت شبه مختفية وغير واضحة البيانات ظللت أبحث فى نفس الشارع الذى أريده.

بدون علامات

وتضيف مريم خليل طالبة أن أزمة اللافتات تحولت إلى مأساة لدى المواطنين والأمر أصبح لا يقتصر على المنطق المزدحمة ووسط العاصمة فقط، بل حتى المدن الجديدة تشهد نفس المشكلة، فسواء منطقة الشيخ زايد أو التجمع او غيرها من المدن الجديدة تكاد تخلو تماما من العلامات الارشادية وهذا يعرض مرتاديها وأحيانا سكانها إلى العديد من المشكلات.

وفى نفس السياق أكدت نسمة عبد الظاهر انها كثيرا ما تتعرض للتشتت فى شوارع منطقة وسط البلد، حيث هناك تخبط بين العلامات فمنها ما يشير إلى السير عكس الاتجاه ولكنها تكون نتيجة تحركها من مكانها ولم يتم عمل صيانة لها.

الكود المصري

"الأخبار" قامت برصد آراء الخبراء حول ما يحدث من اهمال تجاه هذه العلامات ففى البداية يقول د. مجدى صلاح الدين، أستاذ هندسة الطرق والكبارى بجامعة القاهرة، إن إهمال اللافتات التى تحمل العلامات الإرشادية وعدم الاهتمام بمتابعتها وإصلاحها يسبب الكثير من المشاكل، ً موضحا أن هناك ما يسمى الكود المصرى للطرق وهى مجموعة خاصة من المواصفات الخاصة بالطرق ومن ضمنها العلامات الإرشادية، ويكون منصوصا فى هذا الكود على كل شيء عنها سواء كان مكانها ومقاسها أوالرسالة التى عليها ومدى وضوحها، وبالنسبة للمسئول عنها فى الطرق الخارجية يكون الهيئة العامة للطرق والكبارى أما الطرق الداخلية يكون مديريات الطرق فى المحافظات المختلفة.

ويضيف أستاذ هندسة الطرق أن وراء الإهمال فى الكثير من الأوقات أنه يكون هناك سوء تطبيق حيث إن الذى ينفذ لا يلجأ إلى استخدام الكود المصري، لذلك من المهم ًجدا مراعاة ذلك الكود الموجود لذلك الغرض، لأن الرسائل التى تحملها تلك العلامات مهمة للغاية وتساعد فى إرشاد مستخدمى الطرق وعدم تعرضهم للمشاكل والحوادث، ولابد أن تكون العلامة الإرشادية واضحة ومكانها مدروس قبل وقوع أى مشكلة فتلك العلامات لها مسافات وأبعاد يجب مراعتها.

ويشير صلاح الدين إلى أن هناك العديد من العلامات لا تتبع الكود الصحيح، ويجب على الجهات المختلفة المسئولة عن تنفيذ الطرق أن تلتزم بما جاء فى الكود المصرى للطرق لتجنب المشاكل ويتم مراجعة كل ما هو قائم ويتم تصحيح الأخطاء، ً لافتا إلى أن أبرز المشاكل التى يسببها الإهمال فى تلك العلامات هو عدم وضوح الاتجاهات بالنسبة لمستخدم الطريق مما يؤدى إلى حدوث حوادث خاصة فى الطرق السريعة، ًا أن بالإضافة إلى أنه من المفترض دائم الطريق هو الذى يتحدث إلى سائق المركبات وأسلوب التخاطب فى الطريق هو العلامات الإرشادية فلابد من وضوح رسائلها من أجل الالتزام بقوانين المرور.

تنظيم السير

وفى نفس السياق يؤكد اللواء يسرى الروبي، الأكاديمى والخبير الدولى للمرور والإنقاذ والتدخل السريع بمنطقة الشرق الأوسط، أن هناك علامات دولية للمرور التى تنظم سير الطرق وعدم وقوع حوادث وتنقسم إلى أربعة أقسام هى العلامات التحذيرية والعلامات التنظيمية والعلامات الإرشادية وعلامات الوقوف والانتظار، كل تلك علامات مهمة لابد من وجودها فى الطرق من أجل تنظيمه ويجب الاهتمام بها، ولابد أن توضع على مسافات كافية تسمح باستقبال المعلومة بالعين واتخاذ القرارات والسيطرة على المركبة.

ويشير الروبى، إلى أن العلامات تكون ثلاثة أحجام يجب مراعاتها عند تركيبها فى الطريق حسب سرعته وذلك للمحافظة على وجودها، ً لافتا إلى أن إهمال تلك العلامات ومقاساتها قد يسبب الحوادث لذلك لابد من متابعتها وتجديد التالف منها لتفادى تلك الأزمات.

تخطيط الشارع

ومن جانبه يوضح محمد فؤاد، رئيس حى سابق بمحافظة القاهرة، أن العلامات الإرشادية يكون المسئول عنها مديرية الطرق والإدارة العامة للمرور فهى الجهة التى تملك تلك العلامات وتحدد كل ما يخصها ًطبقا لتعليمات الإدارة العامة للمرور، ويكون بينها وبين مديرية الطرق تنسيق على اعتبار تمهيد هذه الطرق وأماكن وضع العلامة الإرشادية وتنظيمها وتخطيط الشارع نفسه كما يتناسب مع هندسة المرور.

ويؤكد فؤاد أن الأحياء لا يكون عليها أى مسئولية من ناحية وضع علامات جديدة إذا كانت القديمة تالفة ولكن يتمثل دور الأحياء ًا والإبلاغ فى متابعة تلك اللوحات ميداني ًا إذا كان هناك علامات غير واضحة أو فور ممسوحة أو وقوع اللوحات، وذلك لأهمية تلك العلامات ودورها الإرشادى لتفادى وقوع الحوادث بسبب عدم وجودها أو الاهتمام بتجديدها.