الاتحاد من أجل المتوسط: مصر مثال يحتذى به في الإصلاح الاقتصادي وتمكين المرأة

 السفير ناصر كامل الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط
السفير ناصر كامل الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط

أكد السفير ناصر كامل الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، أن مصر قدمت داخل الاتحاد مثالا يحتذى به بعد النجاح والتقدم الكبير الذي أحرزته في قطاعات الطاقة وإدارة الموارد المائية والإصلاح الاقتصادي وتمكين المرأة، وذلك مع حرصها في الوقت ذاته على تحقيق التنمية المستدامة.

وقال السفير ناصر كامل، في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت على هامش منتدى الإبداع الذي نظمه الاتحاد بسلوفينيا، إن مصر استطاعت إعادة هيكلة الاقتصاد القومي في زمن قياسي بما يؤهلها اليوم للانخراط في الاقتصاد العالمي بشكل اكثر فاعلية.

وأضاف أن مصر أصبح لديها بنية تحتية وهي عنصر أساسي ومركزي لانطلاق أي اقتصاد إلى الأمام وكذلك بنية اقتصادية حيث أن الأرقام الكلية للاقتصاد المصري سواء نسب عجز أو احتياطي أو نقد أجنبي تضع البلاد اليوم على خريطة المؤشرات الخاصة بالاقتصاديات الأكثر نموا والأكبر في العالم خلال السنوات القادمة.

و لفت إلى أن مصر خلال تنفيذها برنامج الإصلاح كان لديها رؤية واضحة حول قضية التنمية المستدامة، فعلى الرغم أنها أصبحت من أكثر المناطق الواعدة فيما يتصل بالغاز وتعد اليوم الدولة المركزية لإنشاء محور للغاز شرق المتوسط إلا أن سياستها في هذا المجال تهدف إلى خلق مزيج من الطاقة تكون نسبة الطاقة الجديدة والمتجددة فيه كبيرة للغاية..قائلا " وهذا ما نراه أيضا في مشروعات مصر حول طاقة الرياح و الطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة النظيفة و كذلك في إدارتها للموارد المائية فكل ذلك يتسق مع أهداف التنمية المستدامة".

وتابع أن الاهتمام الكبير الذي توليه مصر للتنمية المستدامة خلال تنفيذها مشروعاتها العملاقة في مختلف المجالات، يَصْب في عمل واستراتيجية الاتحاد من أجل المتوسط الذي يعد النافذة الإقليمية لأهداف التنمية المستدامة.

وفيما يتعلق بمجال الصحة، ثمن أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة المصرية في هذا القطاع و نجاحها في ثلاث سنوات فقط وهو زمن قياسي في القضاء على أهم مرض كان يواجه المواطن المصري وهو "فيروس سي" وبعد أن كانت أكثر الدول في نسبة إصابة مواطنيها بهذا الفيروس تجاوزت هذه المشكلة وما يرتبط بهذا المرض من آثار اقتصادية وصحية وإنسانية.

وأكد أن الاتحاد من أجل المتوسط يعرض و يناقش في إطار العديد من أنشطته واجتماعاته أمثلة الإصلاحات و النجاحات العديدة التي تتحقق في مصر، منوها بأنها عضو فاعل ومهم داخل الاتحاد و تحرص على التعاون وتبادل الخبرات مع دول المتوسط وتشارك في جميع الاجتماعات، وكان أخرها اجتماع حول تعريف الدول الأعضاء كيفية النفاذ للتمويل الدولي متعدد الأطراف.

وحول منتدى الإبداع الذي نظمه الاتحاد بليوبليانا، لفت إلى أن المنتدى تناول الصناعات التي تستند على الابتكار والإبداع لأسباب متعددة مرتبطة بالاقتصاد و سوق العمل، ولاسيما بالتنمية المستدامة لأن هذا القطاع ليس له آثار بيئية ضارة وبالتالي لديه قدرة على الاستدامة وعدم الأضرار بمستقبل الأرض والمنطقة التي نعيش فيها.

وأوضح أن قطاع الإبداع يخدم الاقتصاد وسوق العمل حيث أن حجم مساهمة هذا القطاع في الناتج القومي الإجمالي على الصعيد الدولي يصل إلى 10% من الناتج القومي الإجمالي لعدد من الدول، بينما في جنوب المتوسط لا يزال إسهامه أقل من هذا المستوى"وبالتالي كان من الضروري أن نقوم في الاتحاد بالترويج لهذا القطاع و نسهل البيئة التي يعمل فيها وننقل التجارب الناجحة الموجودة في الاقتصاديات المتقدمة إلى دول الجنوب ، ونعرف كذلك المبتكرين في منطقتنا بوسائل الترويج لابتكاراتهم وللنفاذ للسوق وتحويل إبداعاتهم إلى مشروعات اقتصادية منتجة و محفزة للعمالة".

وتابع أن قطاع الاقتصاد الإبداعي أو الابتكاري تحديدا له قدرة على خلق عدد كبير من فرص العمل بالمقارنة بقطاعات أخرى كثيرة، كما أنه يستند في جزء كبير من مخرجاته على ثقافة وحضارة لكل دولة مثل فن العمارة وتصميم الملابس والحلي وما إلى آخره، مما يعزز من الهوية الثقافية الحضارية لدولنا ومنطقتنا إلى جانب أبعاد هذا القطاع فيما يتصل بالابتكارات في مجال التكنولوجيا.

وأشار السفير ناصر كامل إلى أن الاتحاد يحفز العمل في المجالات التي تخدم البيئة والتوظيف و في القطاعات الجديدة مثل الصناعات الابتكارية والتحول الرقمي.

وحول القضية التي تشغل الاتحاد وتعد على رأس خطة عمله لعام 2020، قال إن الاتحاد يعمل في ست قطاعات رئيسية ومهمة من بينها التجارة وتوظيف الشباب وتمكين المرأة إلا أنه يرى ضرورة ملحة للتركيز على التحدي المرتبط بتغير المناخ والذي يطلق عليه " climate emergency" أي طوارىء المناخ.

و شدد على ضرورة أن تعي كل الدول الأاورومتوسطية أن منطقتنا من أكثر مناطق العالم تأثرا بهذه الظاهرة، محذرا من أن عدم العمل بشكل جماعي كدول و فردي كحكومات لتقليل من آثار هذه الظاهرة وتكييف بنيتنا في مجال الاقتصاد والطاقة سينتج عنه تحديات خطيرة غير مسبوقة خلال السنوات القادمة.

وأضاف أن الاتحاد سيعمل في خطة برنامجه لعام 2020 على توظيف إمكانياته للتعاطي مع قضية التغيير المناخي وكيفية خلق استثمارات في مشروعات ذات عائد و مسئولة بيئيا، منوها بأن هناك حجم رؤس أموال متوفرة سواء من مؤسسات التمويل الدولية أو من مؤسسات استثمار أو صناديق استثمار خاصة لديها استعداد للاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة.

وذكر أن مصر رائدة في هذا المجال بمشروع الطاقة الشمسية في "محطة بنبان" بأسوان، والذي اعتبره البنك الدولي أفضل مشروعات البنك تميزًا على مستوى العالم ؛ كاشفا عن أنه خلال اجتماعات الاتحاد المتعلقة بالطاقة المتجددة يتحدث الحضور عن هذا المشروع الذي يعد أكبر مشروع لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بمصر والأكبر من نوعه عالميًا في منطقة واحدة.

وشدد على ضرورة أن توجه دول جنوب المتوسط استثمارات مسئولة بيئيا قادرة على خفض الانبعاثات، وأعطى الأمين العام مثالا لإحدى الشركات البرازيلية التي قامت بتغير جميع الإضاءات في "ساو بولو " (و هي من أكبر مدن البرازيل ) من الإضاءات العادية إلى "لمبات ليد" مما ترتب عليه انخفاض استهلاك الكهرباء بنسبة 65% لإنارة الشوارع، فضلا عن أن الشركة قد حققت مكاسب تصل إلى 13%.

وأضاف أن الاستثمار في تقليل استخدام الطاقة هو استثمار مجزي اقتصاديا، ولذلك يسعى الاتحاد من أجل المتوسط لإدخال هذا الاستثمار في قطاع التجارة و لخلق وعي بيئي أكبر لدى الشباب لتعزيز فكرة البيئة النظيفة..محذرا من خطورة نفايات البلاستيك التي عندما تتحلل ينبعث منها مواد كيميائية تهدد صحة الإنسان والحيوان والحياة البرية والبحرية ، داعيا لاسيما الإعلام في مصر إلى توعية المواطنين بخطورة هذه النفايات وذلك لان المواطن المصري يستهلك بشكل غير مسبوق البلاستيك دون ان يدرك حجم خطورته.

وأوضح أن قضية البيئة حاضرة في كل المجالات والأنشطة التي يعمل فيها الاتحاد من أجل المتوسط، كاشفا عن مبادرة بين الاتحاد و مؤسسات من القطاع الخاص منها مؤسسة "أرنولد شوارزنيجر" النجم والسياسي الأمريكي و كذلك مع مؤسسة الممثل الأمريكي "ليوناردو دي كابريو" لحماية الأرض حيث تعمل هذه المؤسسات مع المحليات لإنشاء صناديق استثمار خاصة موجهة لمشروعات بيئية او مشروعات تواجه التحديات البيئية، وتساعدهم على إنشاء صندوق مخصص لمنطقة جنوب البحر المتوسط برأس مال مبدئي يصل إلى 250 مليون دولار.

وفيما يتعلق بمجال تمكين المرأة الذي يعد كذلك على رأس أولويات الاتحاد ، لفت الأمين العام إلى أنه من ضمن الإنجازات المهمة في عام 2019، أن دول حوض المتوسط بدأت تتفق على خمس محددات و بناء عليها ستقدم تقارير وطنية للاتحاد عن مدى التزامها و تنفيذها "لإعلان القاهرة " الذي صدر عن الوزراء المعنيين بشئون المرأة عام 2017 من أجل تمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا وقانونيا وسياسيا من خلال مشاركتها في العمل السياسي واعتلاء المناصب العليا سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أوغيره.

وأضاف أن الاتحاد قد اقترب كثيرا من فكرة إنشاء آلية لمراجعة الدول فيما يتعلق بمجال تمكين المرأة، مثمنا في هذا الصدد جهود الدكتورة مايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة، وذلك لأن مصر تقدم اليوم نموذجا متميزا في منطقة جنوب المتوسط في مجال تمكين المرأة.