احم احم !

القـــناع الســحرى

هشام مبارك
هشام مبارك

آخر شيء كنت أتوقعه أن أعثر يوما على مصباح علاء الدين، حدث ذلك منذ أيام عندما كنت عائداً ليلاً أهيم فى الطرقات فعثرت رجلى فى شيء صلب، ظننته فى البداية من مخلفات الأمطار الغزيرة التى حدثت قبل اسبوعين ونتج عنها تراكم كثير من النفايات السائلة والصلبة على جانبى العديد من الطرق والشوراع.ورغم أننى ممن يصدقون دائما النصائح التى كنا نسمعها منذ أن كنا صغاراً بألا نلتقط أى شيء من الطريق خاصة فى زمن حرب أكتوبر المجيدة عندما عرفنا أن العدو الإسرائيلى يلقى من طائراته بأقلام ومساطر وأساتيك لإغراء تلاميذ المدارس من أمثالى لالتقاطها وماهى فى الحقيقة إلا قنابل صغيرة سوف تنفجر فى وجوهنا، إلا أننى لم أستطع أن اقاوم فضولى وأمسكت بهذا الشيء الصلب الذى كان مدفونا تحت طبقة من الأتربة أضاعت جميع ملامحه.قلت لنفسي:هل يكون هو ذلك المصباح السحرى الذى يحلم به الناس جميعا للاستعانة به فى تحقيق كل أحلامهم.
لم أكذب الخبر وبدأت تنظيفه وكلما زال جزء من التراب أكتشف أننى فعلا قاب قوسين أو أدنى من المصباح السحرى.فركته مرة ومرتين وثلاثة ولكن العفريت زرجن ولم يخرج.. يبدو أن نقبى طلع على شونة وأن أحلامى ستظل مجرد أحلام.أوشكت أن ألقى بالمصباح إلى حيث كان قبل أن ألاحظ أن بابه مغلق بإحكام، هل يكون بداخله خريطة كنز مدفون فى مكان ما، ترى ماذا فى ذلك الكنز؟لعله صندوق مجوهرات من أيام أسرة محمد على أو لعله مجموعة من العملات الذهبية النادرة كان صاحبها قد ادخرها ليوم عوزة لكنه مات قبل أن يجىء ذلك اليوم.حاولت فتح الباب فكان من الواضح أن الصدأ الذى يعلوه يمنع فتحه فألقيته على الأرض بشدة فانفتح الباب فعلا ومددت يدى لالتقط مابداخله فإذا به قناع قديم أو ماسك جلدى سميك للوجه كان يبدو عليه الفخامة وكان ملتصق به ورقة صغيرة مكتوبا فيها:القناع السحرى حيث يراك الناس جميلاً!
لم أتردد لحظة ونفضت الغبار عن القناع ووضعته على وجهى وكانت المفاجأة أنه مقاس وجهى بالضبط.وأسرعت للبيت حيث التقيت أولا بعبد العزيز حارس العمارة يقف أمام الباب فأوقفنى قائلا:إلى أين يارجل؟فقلت له:ماذا جرى لك يازيزو ألا تعرفنى، أنا هشام مبارك ياجدع؟فقال:غريبة ده فعلا صوت الاستاذ هشام لكن ماذا حل بك هل أنت عائد من عملية تجميل، ولماذا لم تشخط فيا كعادتك طالباً منى الإهتمام بنظافة العمارة؟ لم أشأ أن أرد عليه وأسرعت للشقة وطرقت الباب وعندما فتحت زوجتى ورأتنى أسرعت بغلق الباب واختبأت وراءه وهى تقول:واضح إن حضرتك عايز الشقة إللى قدامنا، فقلت لها:إفتحى ياروحى أنا هشام جوزك ففتحت وهى تنظر لى مندهشة:هشام جوزى؟وإيه إللى عامله فى نفسك ده هو انت سيبت الصحافة وبقيت بطل سينمائى وكمان بتقولى ياروحى إيه الحلاوة دى يا اتش؟ثم نادت على البنات صائحة:تعالوا يابنات بابا بقى ملاك!فلم تكدب البنات الخبر وكلما طلبت إحداهن طلبا لبيته.
فى صباح اليوم التالى استوقفنى الأمن فى المؤسسة يسألنى عن وجهتى قبل أن يقتنعوا بأننى زميلهم الذى يعمل فى هذا المكان منذ خمسة وثلاثين عاما أما عن أصدقائى الصحفيين فحدث ولا حرج حيث لم يتعرف على أحد فى البداية ومنهم من اعتقد أن الإدارة استعانت بخبير أجنبى ومنهم من قال ربما يكون مبعوثا من كوكب آخر جاء ليدرس أوضاع الصحافة على كوكب الأرض.استمر الوضع أسبوعاً وبالأمس عدت للبيت ففوجئت بعبد العزيز يقول: أيوه كده بقى ارجع لطبيعتك حاضر حاضر حالا سأقوم بالتنظيف، وعندما طرقت الباب شاخطا: افتحى ياست انتى أنا مش حاقعد ساعة مرزوع هنا قالت زوجتى: أهلا بيك فى وطنك إيه إللى جرالك حسدناك ولا إيه؟ أسرعت إلى حيث الورقة التى كانت مع القناع لعلى اكتشف سر توقف مفعوله فوجدت مكتوبا على وجهها الآخر:القناع ليس سحريا ولا يحزنون، أنت لست فى حاجة لسحر حتى يرى الناس أفضل مافيك، تعيش وتاخد غيرها يا إتش!