«متحف للآثار الغارقة ».. حلم يراود عشاق الإسكندرية

" متحف للآثار الغارقة " .. حلم يراود عشاق الإسكندرية .. ولكن!
" متحف للآثار الغارقة " .. حلم يراود عشاق الإسكندرية .. ولكن!

 من حين لآخر يتجدد حلم إقامة متحف للآثار الغارقة  بمنطقة الميناء الشرقي بالإسكندرية؛ لعرض تراثها الحضاري الذي غمرته المياه منذ عدة قرون؛ لاستغلاله سياحيًا إلا أن تعدد الرؤى والتحديات البيئية والمالية تعيق دائمًا تنفيذ المشروع.

ومؤخرًا أعلنت محافظة الإسكندرية أنها تعد مشروعًا لإحياء الميناء الشرقي  بمنطقة الشاطبي، إلا أن هذا المشروع لا يلقى الترحيب الكامل من خبراء الآثار الغارقة.

وتأتي أهمية موقع الشاطبي، الذي يمتد من السلسلة أمام مكتبة الإسكندرية حاليًا، لكونه يمثل الحي الملكي؛ والذي غرق نتيجة زلزال قديم ومن  المتوقع العثور فيه على بقايا أجزاء من القصور الملكية أو المعابد كبقايا معبد إيزيس، أو قصر الملكة كليوباترا السابعة؛ وفقًا لموقع اليونيسكو.

ودعا د. عبد العزيز قنصوة، محافظ الإسكندرية، وزير الثقافة الإيطالي ألبيرتو بونيسولي ، خلال زيارته لروما يوليو الماضي، لدعم تأسيس متحف تحت سطح البحر بالمدينة القديمة الغارقة؛ مدعومًا بمنظومة عرض ثلاثية الأبعاد  بما تتيح للزائرين مشاهدة المدينة القديمة وآثارها اليونانية والرومانية.

وأوضح قنصوة لاحقًا أن المشروع يهدف لإعادة إحياء الميناء الشرقي، والاستمتاع بآثاره الغارقة بتقنية "الهولوجرام" باستخدام غواصة صغيرة تتيح للجمهور مشاهدة الآثار الغارقة والاستمتاع به، كما دعا قنصوة الحكومة اليونانية  للمشاركة في المشروع ليكون ثلاثي الأطراف.

 وبدأ الاهتمام الأثري بالميناء الشرقي عام ١٩٦١م عندما اكتشف به كامل أبو السعادات، أحد الغواصين الهواة، تمثالاً ضخمًا لسيدة ترتدي الزي المميز للإلهة إيزيس وقطع أثرية أخرى، وأرصفة حجرية.

يقول إيهاب فهمي،  مدير الإدارة المركزية للآثار الغارقة، إن مشروع متحف الآثار الغارقة مطروح منذ فترة طويلة ولكنه لايزال قيد الدراسة ومجرد أمنية، مؤكدًا أنه ليس لديه معلومات حول مشروع المحافظة الأخير حتى الآن.

ويوضح فهمي أن وزارة الآثار تتيح  حاليًا بالفعل للزائرين إمكانية الغوص ومشاهدة الآثار الغارقة في موقعي الميناء الشرقي وقلعة قايتباي كبقايا الفنار والميناء القديم وطائرة حربية غارقة بتكلفة مالية منخفضة لا تتجاوز ٧ دولارات.

وسعت اليونسكو بالتعاون مع وزارة الآثار لإنشاء متحف للآثار الغارقة منذ منتصف التسعينيات من خلال عقد عدة حلقات بحثية  خرجت بعدة توصيات ولكن لم تتطور إلى قيد التنفيذ منذ حينها.

بدوره يرى د عماد خليل، مدير مركز الآثار البحرية بجامعة الإسكندرية، أن فكرة بناء متحف  تحت مائي في منطقة الميناء الشرقي غير مناسبة ،  مبررًا ذلك بأن معظم القطع  الأثرية المهمة قد  سبق انتشالها بالفعل.

وأوضح أن أي محاولة لإعادتها للماء مرة أخرى هي غير مناسبة وتخالف  مفهوم الموقع الأثري الذي يفترض فيه  عدم التدخل البشري المتعمد؛إضافة إلى التلوث الشديد بحوض الميناء الشرقي نتيجة إلقاء أطنان الصرف الصحي في السابق؛ مما يعيق رؤية واضحة للقاع.

ووفقًا لدراسة أعدها د. خليل  فالأنسب هو إنشاء أول متحف متكامل يخص التاريخ البحري في مصر؛ بصحن قلعة قايتباي الأثرية والتي أقيمت صخرتها الأم على بقايا فنار الإسكندرية القديم؛وتقع غرب الميناء الشرقي بما يؤهلها تاريخيا وجغرافيًا لتصبح مقر للمتحف.

ويقترح د خليل  أن يشمل  المتحف أربعة  أقسام رئيسية أبرزها قسم لعرض للآثار الغارقة  من جميع أنحاء مصر ويتضمن مئات القطع المنتشلة من مختلف المواقع الغارقة بدلا من توزيعها على عدة  متاحف أو وضعها في المخازن بعد عودتها من المعارض الخارجية، إضافة إلى  قسم لتاريخ الاسكندرية عبر العصور؛ يضم خرائط تفاعلية لتطور ساحلها؛ مع تخصيص قسم لفنار الاسكندرية القديم  الذي كان يعد أحد عجائب الدنيا السبع القديمة  لسرد تاريخه وإعادة بناءه بتقنية الواقع الافتراضي.

فضلًا عن قسم لتاريخ الملاحة في مصر بما يشمل صناعة السفن وتطور الموانئ والطرق الملاحية القديمة التي كانت تسلكها الأساطيل المصرية القديمة، وأشار خليل إلى  أنه يمكن استغلال موقع قلعة قايتباي  المطل على المياه لإنشاء مركزًا  لراغبي الغوص وقاعة استكشاف ومركزتعليمي تدريبي.