فيض الخاطر

دكتور بطرس غالى

حمدى رزق
حمدى رزق

أحسنت «ليا» زوجته، ورفاق دربه، وتلاميذ مدرسة الدكتور بطرس غالى، اختيار يوم ميلاده ١٤ نوفمبر للاحتفال بذكراه وتوزيع جائزته الرفيعة، اختيار التاريخ يعنى ميلادا متجددا، الموت لا يغيب الاستثنائيين، كان استثنائيا، عمر بيننا ٩٣ عاما معتمرا قبعة الحكمة، متشوقا للسلام، طالبا الرفعة لمصر الحبيبة.
احتفالية مؤسسة «كيميت بطرس غالى للسلام والمعرفة» غدا، (الخميس)، تحمل معنى الوفاء، وتؤطر للذكرى، ذكرى من أحبوا مصر، وأخلصوا فى حبها، وبرزوا يحملون علمها فى المحافل الدولية، تولى منصب الأمين العام للأمم المتحدة ( ١٩٩٧/٩٢ ) فأخلص لرسالة السلام، لم يكن أبدا من دعاة الحرب ولا عمل عليها.
التقيت الكبير مرات نادرة، وهناك حوارات مذاعة، مامكننى من الاقتراب من صاحب العوينات الزجاجية، فارع الطول، شديد التهذيب، راق، وفى الأخير ضحكته مصرية صريحة، تبهجك، وتعبد الطريق إلى عقله المتخم بالأسرار السياسية والدبلوماسية، والإنسانية.
سألنى ذات مرة كم عدد الأديان فى العالم، لم أدر جوابا، قال لا تجهد نفسك فقط تسامح مع كل الأديان ستكون إنسانا عالميا، والأمم المتحدة سجلت 54 دينا، هل يتسع قلبك لكل هذه الأديان، بالتدريج يتسع، فقط تمعن فى رسالة الأديان، هذه الحروب لا تنتسب أبدا للأديان.
كان يعتنق السلام دينا، حديثه لا يغادر منطقة السلام، ويحمل رسالة السلام وحقوق الإنسان، لذا احتل مقام « الأب الروحى « فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، وكان الكبير محمد فائق، رئيس المجلس، إذا ما لاح دكتور بطرس يهش ويبش لمقدم شقيقه، ويفوز بدقائق فى حديث هامس بينهما، لو كتب الأستاذ فائق عن الدكتور بطرس لأمسكنا عن الكتابة، لأنه كان قريبًا من قلبه وعقله.
تاريخيا من عائلة سياسية احتلت مكانة رفيعة فى الدولة المصرية، وعالميا كان رقما مصريا ذا صبغة عالمية، نادرة الوجوه المصرية ذات الألق العالمى، كان الدكتور بطرس نجمة مصرية مضيئة فى سماء العالم، ومهما طال السفر مصر فى خاطره وفى دمه وروحه مصرى.
كان حكيما يصك الحكمة فى قوالب الكلم، فتخرج مستشرفة، فى آخر حواراته مع مجلة «جون أفريك» وصف الرئيس السيسي، بانه انقذ مصر من الإخوان وتردد كثيرا فى تولى السلطة، لكنه قرر أن يفعل ذلك لأنه لا يوجد حل آخر، مضيفا : «كنت فى انتظار «الفرعون»، مثل الملك مينا وآخرين، وأنه يعنى بكلمة فرعون، هو الزعيم صاحب التأييد الكبير مثل السيسى».
لايعرف الفضل لاهل الفضل الا ذوو فضل، لم يكتم الحكيم شهادة مستحقة وشجاعة، فاستحق حب المصريين الا الاخوان والتابعين، قال كلمته ومضى تاركا فينا بعض من الحكمة دواء العصر.