حكايات| نرجسي ونسخة من «القذافي».. حين يصمت محيي إسماعيل وتنطق «لغة جسده»‎

محيي إسماعيل
محيي إسماعيل

40 ثانية فقط، كانت كافية لإعادته إلى دائرة الضوء بعد سنوات من خفوت نجمه واختفائه؛ إلا من بعض اللقاءات التلفزيونية والمشاركات السينمائية المحدودة، "شكرًا إيه تاني، أنت مبتعرفش تتكلم".


ربما لم يكن يتصور أن كلماته العفوية تلك ستعيد إليه بعضا من بريق الشهرة في عالم يرى دائمًا أنه لم يعطه ما يستحق، ليصبح الفنان السبعيني حديث وسائل الإعلام و"السوشيال ميديا"، دون سابق إنذار.

اللقاء العابر الذي أجراه الفنان محيي إسماعيل مع أحد المواقع الإخبارية، على هامش مهرجان الإسكندرية السينمائي - بقصد منه أو دون قصد- أعاد فتح خزائن أسراره، ليبدأ الجمهور في النبش داخل "دفاتر يوتيوب القديمة" بدافع الفكاهة تارة والفضول لمعرفة تاريخه الفني تارة أخرى، فيما فضل فريق ثالث البحث عن الرجل ذاته وحياته وشخصيته التي لا يكف عن الحديث عنها خلال أحاديثه التلفزيونية.

 

"تكلم حتى أراك".. 3 كلمات قد تلخص فلسفة الفنان السبعيني في الحديث ليل نهار عن نفسه، فهو يرى أنه لم يجد خيرًا منه للحديث عن قيمته وعبقريته، فهو من يمتلك ناصية الحوار عن شخصه وفنه "على أسس علمية"، مستنكرًا نعته بـ"الغرور"، فقط هو شخص لا يتنازل عن كبريائه وشخصيته واعتزازه بنفسه، هكذا تحدث لسانه.. ولكن ماذا عن بقية أجزاء جسده؟ هل إيماءاته وحركات يده وجسده وحتى ملابسه تكشف جانبًا من شخصيته؟ وما سر النظارة الشمسية التي لا يتخلى عنها في أغلب أحاديثه؟ وهل يمكن للغة جسده أن تتوقع ما هو قادم؟

نرجسية مرضية

خبيرة لغة الجسد، رغدة السعيد، لا ترى أي تعارض بين ما يقوله "إسماعيل" ولغة جسده: "هو فيه من نمط النرجسية المرضية، مقتنع إنه شخص مختلف وعظيم ومصدق نفسه واللي في قلبه على لسانه، وبالتالي لغة جسده صادقة ومتسقة مع اللي بيقوله وبالتالي بيوصل للناس اللي هو عاوزه.. فيه ناس بيكون عندها نرجسية مجرد إطار مش صادقين، فتكون لغة جسدهم متناقضة مع كلامهم، والشخصيات اللي عندها نرجسية مرضية بتكون دايمًا مثيرة للجدل، ردودهم سريعة حتى لو كانت جارحه أو صادمة، عندهم سرعة بديهة، والملكات اللي تخليه مختلف".

وقسمّت "رغدة" الجمهور المتلقي لكلامه إلى 3 أنماط؛ فالأول يستقبله كنوع من الكوميديا والفكاهة، والثاني يراه شخصًا غريب الأطوار، فيما يقتنع الفريق الثالث بأنه بالفعل فيلسوف ودارس ويتمتع بصفات الشخصيات العبقرية، مؤكدة أن غياب هذا النمط من الشخصيات في واقعنا الحالي هو ما ساعد على زيادة الانبهار به؛ خاصة من فئة الشباب.

"كاريزما" خاصة

"البعد عن التصنع"، تراه خبيرة لغة الجسد، أحد أسباب صعود نجم "القيصر" –كما يحب أن يطلق عليه الجمهور- خلال الفترة الأخيرة وبحث الجمهور عن أعماله القديمة، فهو يتمتع بـ"كاريزما" من نوع خاص، فيترك بصمة وقبول لدى من يشاهده، لافتة إلى أن ما يساعد على وصول ذلك دائمًا للمتلقي هو شحنه الدائم لنفسه حتى ولو في جلسات خاصة بعيدًا عن الكاميرا، بأنه مختلف، والاختلاف بالنسبة له يكمن في "العبقرية" واقتناعه التام بما يقول، فلا أحد يفكر أو يتحدث مثله، وبالتالي يكون صادقًا عند حديثه، وهو ما يصفه البعض بـ"الغرور".

 

عبقري أم مغرور؟

موهبة "إسماعيل" وقدرته الهائلة على تجسيد الشخصيات المركبة والمعقدة، تجد معها "رغدة" صعوبة في تحديد ما إذا كان عبقريًا أم مغرورًا، فتؤكد أن ثمة خيط رفيع بين الشخص "العبقري" و"المغرور" الذي يروج لذلك عكس الواقع، فالأول العبقري الدارس والمختلف لا يختلف كثيرًا عن شخص يصدق نفسه ويشحن ذاته دائمًا بأنه عبقري فيحمل هذا الانطباع لمن يتحدث إليهم، مضيفة: "منقدرش نحدد غير بمراجعة تاريخ الشخص ودراسة شخصيته".

طريقة سيره، انفعالاته، حتى ملابسه، كلها وسائل يضع عبرها "إسماعيل" نفسه في منطقة راحته "الكومفورت زون"، إذ يشكلون معا "كاريزما" خاصة به، والأخيرة أهم تلك العناصر، فحتى لو لم ينطق بكلام مثير للجدل، فهو يلفت النظر إليه بالملابس، التي يحرص دومًا أن تكون ألوانها لافتة للنظر وحتى تصميماتها، فنراه يرتدي ألوانا بين "الأحمر القاني، والأسود المطرز بالخيوط الذهبية" وكثيرًا ما تكون محور الحديث خلال اللقاء التلفزيوني.

نسخة من "القذافي"

وفي هذه النقطة تحديدًا، ترى خبيرة لغة الجسد، تشابهًا كبيرًا بينه وبين الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الذي كان مقتنعًا ويروج دائمًا أنه "ملك ملوك إفريقيا"، وكان دائما ما يلفت الانتباه إليه بطريقة ارتداء الملابس وتعامله وحديثه مع المحيطين، وهو ذات النمط الذي يسير به إسماعيل "أنا ألبس اللي أنا عاوزه واتكلم بالطريقة اللي تعجبني.. أنا عبقري".

الربط بين شخصية "إسماعيل" و"القذافي"، سبق وألمح له الفنان في لقاء تلفزيوني، حين سُئل عن رأيه في "الزعيم الراحل" وما إذا كان يعاني من "جنون عظمة"، فدافع عنه وكأنه يتحدث عن نفسه، مؤكدًا أنه كان شخص يعتز بنفسه كثيرًا، ويشعر بالفعل أنه قوي ومختلف ومؤثر، فلماذا يلجأ البعض إلى محاولة إضعافه؟

 

"أنا المسيطر"

لقاءات الفنان محيي إسماعيل التلفزيونية، كشفت الكثير من طبيعة شخصيته، سواء بتصريحات أو بمجرد تلميحات، فيما كانت لغة جسده تتحدث بصراحة عما لم يبح به لسانه، فهو لم يقل يومًا إنه شخص يتطلع دائما إلى أن يكون المسيطر في أي جلسة أو حوار، ولكن تصرفاته المعتادة بـ"خلط الجد بالهزل"، وتعمد إطلاق النكات و"الإيفيهات" ردًا على سؤال جاد من محاوره، أو وقوفه فجأة أثناء الحديث، أو حتى الاستناد للأمام على الذراعين إذا كان جالسًا أمام مائدة خلال الحوار تؤكد ذلك.

هذا كله تحدثت عنه "رغدة" قائلة: "هو شايف إن الطريقة دي نجحت وطلعته هو المسيطر على الحوار، هو مش هيخلي حد يسيطر غيره، أيًا كان مين، فهو بالحركات دي بيقول أنا اللي مسيطر ولازم أترك بصمة قبل ما امشي، إن الناس تتخض". 

وتضيف: "مهما كان المحاور أو المذيع أو الصحفي اللي هيعمل معاه حوار متمكن، عنصر المفاجأة في الكلام وتحركات جسمه، يُربك الشخص اللي قدامه مهما كان عنده خبرة كبيرة، فبالتالي هو اللي بيسيطر".

 

شخصية هجومية

تحركات جسده المتكررة، تعكس أيضًا طبيعة شخصيته الهجومية، بحسب "السعيد"، ويمكن ملاحظة ذلك أيضًا من خلال جلسته على الكرسي أثناء الحوار، فحين يوجه له سؤال يجلس مستقيمًا وليس في وضعية استرخاء، وهو ما يفسر بـ"الوضع الاندفاعي"، وتضيف: "اللي قدامه مهما كان محضر نفسه ومرتب الأسئلة هيتخض أو هيرجع لورا أو هينسحب، فبالتالي هو هيبان الإطار العام هو المسيطر على الحديث، وده يشبع الإيجو بتاعه، المفتاح كله في النرجسية والإيجو".

سر "النظارة الشمسية"

"لغة العيون بتدمر معروفة، لما النني بيجي في النني يبقى النني بيعمل حاجة".. هكذا رد "إسماعيل" ممازحًا مذيعة خلال أحد اللقاءات التلفزيونية، ردًا على طلبها المتكرر بخلع نظارته الشمسية لمتابعة ردة فعله وما إذا كان يتأثر بلغة العيون، رد حاسم ويعكس طبيعة شخصيته النرجسية، بحسب خبيرة لغة الجسد.

تقول رغدة السعيد: "حرصه على ارتداء النظارة، يكون بدافع إلغاء التواصل وعدم التعرف على ما يدور بداخله، وهذا جزء من طبيعة الشخصية النرجسية، وبالتالي يتمكن من الهجوم على من يحاوره إذا استدعى الأمر".     

"اصطناع وأفورة"

وتوقعت خبير لغة الجسد، في ختام حديثها لـ"بوابة أخبار اليوم"، تحول حديث "إسماعيل" إلى طريقة مفتعلة خلال الفترة المقبلة، بعدما يزيد الإقبال على مشاركته في أعمال فنية أو حتى كثرة لقاءاته الصحفية والإعلامية، خاصة بعدما صار "تريند"، فتقول: "رغم أنه لم يحصل على شهرة كافية مقارنة بأبناء جيله؛ إلا أنه مقتنع بأنه يستاهل الشهرة دي، ده هيخليه يزيد من تصرفاته، لكنها ممكن تقلب لطريقة مفتعلة، هيشحن الذات بطريقة زيادة، فيحاول يُبدع أكثر فيدخل في منطقة التمثيل أو الحديث المصطنع، فالفترة الجاية (هيأفور) في ردود أفعاله".

واختتمت: "أتوقع الفترة الجاية يقول كلام عجيب مش اللي الناس بتضحك عليه، لأ هيقول كلام عجيب أكتر لدرجة إنها هتقلب بنتيجة عكسية، لأن الشخصية دي بتتشحن بسرعة جدًا، وهو شايف إنه يستاهل هذا الشحن، وده وقته واللي محصلش عليه في السنين اللي فاتت يلحق ياخده دلوقتي، فهتقلب معاه باصطناع فالناس تزعل منه".