وقفة

السكة الحديد.. البداية الصح

أسامة شلش
أسامة شلش

المشككون لا يألون جهداً فى التقليل من كل الإنجازات التى تتحقق على أرض الواقع ينتهزون كل الفرص بل ويخلقون الأكاذيب حول كل المشروعات التى قمنا وتقوم بها وتنفذها الدولة بكل أجهزتها وكم كانت سعادتنا بتلك المشروعات الكبرى للطرق التى مجرد المشى فوقها وعبورها متعة تدل على عظمة وقدرة هذا الشعب على تحقيق المستحيل لو توفرت له الإرادة وهى الشىء الذى كان ينقصنا وأوضحه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته منذ يومين وهو يقول نحن نكمل جزءاً من خطة ولكن الفارق أننا امتلكنا الإرادة وهى إرادة تنبع من هذا الشعب الكبير رغم أى ملاحظات على سلوكيات البعض أو الكثير منا. الإرادة هى السلاح الذى نجحنا به فى مواجهة مشاكلنا والقضاء عليها.
فى هذا الإطار جاء خبر وصول أول ١٠ جرارات جنرال إليكتريك من الولايات المتحدة لدعم هيئة السكة الحديد خلال الشهر الحالى ضمن صفقة ١٠٠ جرار حديث كبداية جادة لإعادة الحياة إلى هذا الشريان الحيوى الذى يخدم ملايين الملايين من أهل مصر من شمالها لجنوبها وشرقها وغربها وتباعا تصل العربات الحديثة لخدمة الخطوط. وهنا نقول إعادة الحياة لأن هذا هو الواقع فقد كانت سكة حديد مصر هى الثانية على مستوى العالم فى الوجود بعد بريطانيا فى القرن قبل الماضى وظلت على عهدها حتى نالتها يد الإهمال الجسيم لعدم توافر القدرات أو الخبرات التى تبقى عليها وتطورها على مدى عقود وعقود حتى صار حالها لا يسر عدواً ولا حبيباً.
الناس تشكو من سوء حالة السكة الحديد ولها كل الحق طبعا وإذا كانت الدولة مشكورة قد خصصت المليارات لإصلاحها بداية من التعاقد على عربات آدمية لنقل الركاب وجرارات لها من القدرة على تحقيق المطلوب وانتظام الرحلات فإن هناك من الإجراءات ما يجب ومن الضرورى اتخاذه حتى نرى النتائج الايجابية لتلك الإصلاحات فما ورد فى تقرير النائب العام بعد حادث مصرع الراكب الذى ألقى بنفسه من القطار منذ فترة قصيرة يدعونا إلى اتخاذ إجراءات حازمة من قبل مسئولى الهيئة لأن على ما أعتقد ٧٠٪ إن لم يكن أكثر مما يحدث على القضبان سببه المباشر هو إهمال العاملين فى المراقبة أو الأداء سواء على مستوى المحطات أو المخازن أو الصيانة أو المراقبة فلو أن أحدا أوقف الراكبين اللذين ألقيا بأنفسهما من الباب عندما هدأ القطار مسيرته فمات أحدهما وأصيب الآخر ما ركبا أصلا لأنهما ببساطة لا يحملان أى تذاكر بصرف النظر عما إذا كان القطار vip أو حتى درجة ثالثة وللأسف لازلنا نشاهد بأعيننا أو حتى على وسائل التواصل الاجتماعى أو اللقطات التى ترد عبر الشاشات من يتسلق القطار ويتراقص فوق ظهره كأنه لاعب أكروبات ولازالنا نرى ونشاهد من يركبون القطارات من المخازن رغم التحذير من ذلك بعد حادث احتراق قطار العياط فى التسعينيات من القرن الماضى ولازالت مشكلة بيع التذاكر فى السوق السوداء تطل من حين لآخر برأسها رغم القضاء عليها بنسبة كبيرة نتمنى أن تصل لنهايتها.
نحن على أبواب عهد جديد للسكة الحديد قطعا سنحقق فيه النجاح لو تضافرت جهودنا جميعا مع بعضنا أولا لإنجاح المنظومة ككل، وثانيا للحفاظ عليها لأنها ملك وحلم للشعب صبر كثيرا لتحقيقها وهو لم يحققها من العدم ولكنه يحققها من قوته وعرقه، علينا أن نبدأ من الآن فى تقييم سلوكياتنا لتتوافق مع سكة حديد عصرية نتمناها جميعا وستتحقق. كانت الطرق مأساة فى السير عليها وكنا تقريباً أكبر دولة فى العالم فى حوادث الطرق وها هى الإحصاءات تؤكد أننا تقدمنا بما يقارب الـ ٩٠ درجة لنحقق معدلات أمان تجعلنا فى مصاف الدول التى تحترم شعوبها وتعمل على راحتهم.
المعدات أمرها سهل والماديات يمكن تدبيرها رغم الصعوبة الكبرى فى ذلك ولكن السلوكيات هى الأهم نحتاج إلى من لديه القدرة على الأداء والتطوير وذلك لن يتأتى إلا إذا كانت لدينا الفرصة الكاملة للتدريب ورفع درجات الكفاءة وقبل هذا وذاك قدرة على المراقبة وتصحيح المسار.
وتحيا مصر من نجاح لنجاح.