حوار| رئيس «الفوتونات» بمدينة زويل: مجموع الثانوية العامة في مصر لا يعبر عن مستوى الطلاب

صورة من الحوار
صورة من الحوار

- منظومة التعليم الجديدة «هادفة» ويجب دعم الوزير والصبر عليه

- 3 حقائق تعكس تطور البحث العلمي.. وأحلم بمجلس أعلى لإدارته

- البحث العلمي يحتاج توزيعا عادلا للميزانية وليس زيادتها

- المنظومة الغربية جوهرها «العدالة».. واستنساخها ليس صعبا

 

لا يخلو أي مجتمع من المشكلات، ولكن هناك من ينظر إلى نصف الكوب الممتلئ، لشحن النفس بالطاقة اللازمة للمساهمة في ملء النصف الفارغ، وهناك آخرون يمعنون النظر إلى نصف الكوب الفارغ، فلا يستطيعون ملأه، ليتطاير مع الوقت النصف الممتلئ.

ومنذ عرفت د.صلاح عبية، الرئيس الأكاديمي السابق لمدينة زويل، والرئيس الحالي لمركز الفوتونات والمواد الذكية بالمدينة، قبل نحو عامين، وهو دائم النظر إلى النصف الممتلئ من الكوب، متسلحا بالمثل الشهير: «لأن تضـيء شمعـة خيـر مـن أن تنفق عمرك تلعن الظـلام».. تستطيع أن ترى الابتسامة العريضة تكسو وجهه إذا حدثته عن أولئك الذين يجتهدون لإضاءة شمعة في مجتمع البحث العلمي، لكن هذه الابتسامة سرعان ما تختفي لتفسح المجال لمشاعر غاضبة تملأ الوجه، عندما يتطرق الحديث إلى أولئك الذين يلعنون الظلام، دون أن يقوموا بدورهم في الإضاءة.

وفي حواره مع «الأخبار» الذي امتد لما يقارب الساعة، سيطرت هذه الرؤية على أفكاره وآرائه، فهو يرى أن هناك تقدما ملموسا في مناخ البحث العلمي، يتجسد بصورة واضحة في اهتمام رئاسي وتشريعات جديدة، ولكن هناك حاجة لمزيد من الدعم المادي، الذي يجب ألا ينسينا تأخره ما تحقق من إنجاز.. وأبدى سعادته كالعادة بمستوى الطالب المصري، مؤكدا أن الدفعة الجديدة التي استقبلتها المدينة من طلاب الثانوية العامة مبشرة للغاية، كاشفا عن ملاحظة جديرة بالاهتمام، وهى أن مجموع الثانوية العامة في مصر لا يعبر عن مستوى الطلاب، وهو ما ظهر في اختبارات القبول بالمدينة، والتي أظهرت تفوق بعض الطلاب الأقل مجموعا على أولئك الحاصلين على مجموع يتجاوز الـ 98%.. وإلى نص الحوار.


> سأبدأ من حصولك على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في الاحتفال قبل أسابيع بعيد العلم.. فماذا تعني لك تلك الجائزة؟

 

ينظر د.عبية إلى صورة تتصدر مكتبه وهو يتسلم الوسام من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليقول وقد كست الابتسامة وجهه: وسام العلوم والفنون الذي منحه لي سيادة الرئيس هو بدون مبالغة أفضل وأعز تكريم حصلت عليه لسببين، أولهما لأنه من أرفع الأوسمة التي تمنحها الدولة المصرية للعلماء، وثانيا لأني حظيت أثناء تسلمه بالحصول على دفعة معنوية من الرئيس الذي حرص على تهنئتي أكثر من مرة، وهذا يعكس تقدير الدولة المصرية وعلى رأسها الرئيس السيسي للعلم والعلماء، كما يعكس إيمان الدولة بان البحث العلمي هو القاطرة التي ستنهض بالدولة لتحقيق إستراتيجية 2030.

 

3 حقائق

> هناك بعض الباحثين من يقول إن التكريم لا يعكس الاهتمام، ولكن الاهتمام يأتي عندما تستفيد الدولة من الأبحاث التي أهلتهم للحصول على الجوائز؟

 

تشعر بالطاقة الإيجابية التي تتمتع بها شخصية د.عبية من مشاعر الحماس التي بدت واضحة على وجهه قبل أن يقول: قبل نحو أربع سنوات، كان من الممكن أن أتفق مع هذه الرؤية، ولكن هناك تطورا حدث، وسوف أضع بعض الحقائق، ليكتشف القارئ بنفسه الحقائق، ويشعر بالتقدم الذي حدث.

ويأخذ رشفة ماء قبل أن يواصل الحديث مضيفا: أولى تلك الحقائق أن مصر قفزت قفزة كبيرة خلال الثلاث سنوات الماضية في مؤشر الإسهام المعرفي حيث أصبحنا في المركز الـ 35 عالميا من بين 200 دولة، وهذا مركز متقدم قياسا بإمكانياتنا، ويعكس مزيدا من الدعم الذي تم تقديمه للعلماء لإنجاز المزيد من الأبحاث، وثانية الحقائق هو تقدمنا من 10 إلى 12 مركزا في مؤشر الابتكار، وهو رقم ليس كافيا، لكنه يؤكد أننا نسير في الطريق الصحيح، وثالثة الحقائق أن الرئيس وقع في شهر إبريل الماضي على قانون «حوافز الابتكار» والذي سيحدث بدون مبالغة قفزة في ربط البحث العلمي بالصناعة، ونقل المعرفة من عقل الأستاذ إلى يد المواطن كمنتج، حيث سيسمح بإنشاء شركات تخرج من رحم البحث العلمي، وهو أمر لم يكن موجودا في القانون 49 الخاص بالجامعات، وآمل أن يتم استدعاء علماء من الخارج للمشاركة في وضع آليات تنفيذ القانون، حيث إن البحث العلمي يدار هناك بهذا المفهوم.

 

> مع كل هذه التحركات الإيجابية، قد يرد عليك البعض، وأين الإستراتيجية الخاصة بالبحث العلمي، حتى نوجه أبحاثنا لخدمتها، كما يحدث في الدول المتقدمة التي تريد استدعاء علماء يعملون بها لصياغة آليات تنفيذ القانون؟

 

تخرج الكلمات من فمه سريعة: أكاديمية البحث العلمي المصرية ومجلسها المشكل من عدد كبير من العلماء يقوم بدور في صياغة الاهتمامات البحثية، ولكني لا زلت أحلم بأن يكون لدينا مجلس أعلى للبحث العلمي، وهذا المجلس يكون تحت رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتمثل فيه الدولة بوزاراتها المختلفة والمجتمع المدني والأجهزة السيادية والإعلام، ويستدعى له علماء من الداخل والخارج.

ويتولى هذا المجلس وضع إستراتيجيات طويلة المدى للبحث العلمي، لأن قضايا البحث العلمي أكبر من أن يتم حصرها في وزارة أو أكاديمية مع كل التقدير للدور الذي تقوم به الوزارة والأكاديمية، يعنى مثلا يمكن أن يقوم المجلس بوضع إستراتيجية طويلة المدى للقضايا الملحة مثل « المياه - الصحة - الطاقة – البيئة»، ليتم تحويل هذه الإستراتيجية لخطط تنفيذية، وهذا ليس بالأمر الغريب، ففي الدول الغربية يحدث ذلك.

 

> إلى حين تحقيق ذلك.. كيف تدير مركز الفوتونات والمواد الذكية بمدينة زويل؟

 

نحاول تطويع علم الفوتونات لخدمة إستراتيجية الدولة 2030 من خلال تطبيقات هذا العلم، لاسيما في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، وتصميم المستشعرات مثل المستشعرات الطبية، هذا إلى جانب دور مهم تثقيفي وتوعوي، أعمل عليه بشكل فردي من خلال التواصل مع المجتمع الطلابي والبحثي لترسيخ مفهوم «التعليم من أجل مواطن صالح».

 

النموذج الغربي

> أشعر دائما في حديثك بطاقة إيجابية أراها تتنافى مع شكوى دائمة لباحثين يعملون في مناخ البحث العلمي المصري؟

 

يقطع إكمال السؤال ضاحكا: أكيد هؤلاء الباحثون لا يعملون معي في المركز.

 

> الحقيقة ليسوا من باحثي المركز الذي ترأسه، ولكنهم منتشرون في مراكز بحثية عديدة، حتى إنهم دشنوا مؤخرا صفحة على الفيس بوك بعنوان « علماء مصر غاضبون»، فكيف استطعت أن تحافظ على هذه الطاقة الإيجابية، هل تعيش في مناخ مختلف عن مناخ هؤلاء الباحثين؟

 

يصمت لوهلة قبل أن يقول: سأتكلم بصراحة وأرجو ألا يسبب حديثي هذا ضيقا للبعض، لأني ابتغي فيما أتحدث وجه الله وصالح الوطن، وسوف أستدعى النموذج الغربي في حديثي، ومن خلال تجربة كنت أنا بطلها، فقد عملت عضو هيئة تدريس بعقد سنوي بجامعة برونيل، غرب لندن، وبعد 3 سنوات من العمل استدعيت من إدارة الجامعة ومنحوني عقدا دائما، وهو ما لم يحصل عليه باحثون سبقوني في العمل بالجامعة.

وكان هذا التحول من عقد مؤقت إلى دائم بناء على تقييم يتضمن عدة عناصر، هى الأبحاث التي نشرتها وقيمة الدوريات التي نشرت بها، التعاون مع الصناعة، وطلاب الماجستير والدكتوراه الذين أشرفت عليهم، وما حققته رسائل هؤلاء الطلاب من نتائج، وخدمة المجتمع بنشر رسالة الجامعة بين طلاب المدارس.

وبناء على تقييم انجازي في هذه العناصر تحولت من أستاذ بعقد سنوي لأستاذ دائم، وقد تصبح أستاذا دائما وتأخذ راتبا أقل بكثير من زميل لك، لان زميلك أنجز بصورة أكبر في العناصر السابقة، وقد تكون صغيرا في السن وتحصل على راتب أكبر من أستاذ يكبرك في السن، لأنك أنجزت في هذه العناصر بصورة أفضل.

وعندما نأخذ هذا الكلام لواقعنا المصري، سنجد مطالبات بزيادة الرواتب، وأنا لست ضدها، ولكن يمكن أن تحدث تلك الزيادة دون أن ترفع الدولة ميزانية البحث العلمي من خلال إعادة صياغة المنظومة بمنطق «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون»، فيجب أن نضع عناصر كتلك التي حدثتك عنها ويتم التقييم على أساسها وتعاد صياغة منظومة الرواتب.

ولكن للأسف الجميع يطالب بزيادة الرواتب دون أن يؤدي ما عليه تجاه جامعته ومركزه البحثي، بينما في الغرب لا يكتفون بذلك، بل من أهم عناصر التقييم ما فعله الباحث لمجتمعه، فكيف نستطيع مثلا أن نحقق ما نريده لمصر من تقدم، ونحن لدينا أطفال في المدارس لا يعرفون شيئا عن « الذكاء الاصطناعي»، فهذا يقول بوضوح أننا مقصرون.

 

> ستجد من يقول لك، نحن في مصر، وأنت تتحدث عن الغرب، وأن نقل هذه التجربة قد لا يكون ملائما لواقعنا المصري؟

 

تبدو مشاعر الحماس واضحة على وجهه قبل أن يقول: علينا أن نسأل أنفسنا ماذا نريد؟.. فإذا كنا سنظل نتحدث بهذه اللهجة، فلنترك الغرب يعمل وينتج التكنولوجيا، ونظل في منظومتنا القديمة الطاردة للعناصر المتميزة، والتي تجد مبتغاها في المنظومة الغربية الجاذبة لهم.

فالباحثون المتميزون ينجذبون للمنظومة الغربية، ليس طمعا في المال، فالأستاذ هناك يعيش في مستوى دخل متوسط، ويملك منزلا وسيارة متوسطة الحال، ولكنهم ينجذبون إلى معايير العدالة والتقييم النزيه في هذه المنظومة، وأنا عملت لسنوات طويلة في الخارج، وأعي ما أقوله جيدا.

لذلك سأعود وأكرر، إذا أردنا التطوير فنحن لا نحتاج إلى موارد جديدة لتحقيق ذلك، ولكن يجب تفعيل منظومة التقييم العادل التي حدثتك عنها، فليس من المنطقي مثلا أن يحصل أستاذ شاب على 5 آلاف جنيه، بينما يحصل أستاذ يكبره في السن على أضعاف هذا المبلغ خمس مرات، رغم أن إنتاج الشاب البحثي يفوق الأستاذ كبير السن.

 

العلم والتطرف

> سأنتقل معك في الحوار إلى مشهد طلاب الثانوية العامة الذين جاءوا لاختبارات القبول في المدينة، هل هناك مستويات مبشرة أم أن شكوتك من عدم تواصل الباحثين مع طلاب المدارس، انعكست على مستوياتهم؟

 

يأتي لنا في المدينة عدد لا بأس به من راغبي الالتحاق، ونحرص في امتحانات القبول على أن تكون معدة بشكل يفرز لنا أفضل العناصر لتحقيق أعلى استفادة من الموارد التي تخصصها الدولة للمدينة.

وحديثي عن التواصل المجتمعي للباحث مع مجتمع المدارس، لست مهتما بانعكاساته على الشريحة المحدودة التي تأتي لمدينة زويل، ولكن ما أتمناه أن يتم إدارة هذا الموضوع بشكل مؤسسي، بحيث يصبح الباحث محل احترام من الطالب، ويكون له دور في محاربة الأفكار المتطرفة، لأن هذه الأفكار تجد بيئة خصبة في العقول الخاوية من الفكر الجاد والمحترم.

 

> ألا يبدو كلامك هذا متعارضا مع دراسة أجنبية ذهبت إلى أن أغلب المتطرفين من دارسي التخصصات العلمية؟

 

تشعر بالغيرة واضحة على وجهه قبل أن يقول وقد ارتفعت نبرة صوته قليلا: من الخطورة أن تدرس العلم ولا تكون مثقفا، فالمادة العلمية على اختلاف تخصصاتها لا تملأ سوى 1 % من الدماغ، ويبقى 99 % فارغا يستطيع أي شخص حتى ولو جاهلا ملأه.

يعني مثلا من الممكن أن تكون متميزا في الطب، ولكن تفتقد إلى الثقافة، فلا تعرف قيمة بلدك ولا أهميتها، فيأتي شخص متطرف ويوجه تفكيرك إلى الأهداف التي يخدمها، وذلك لأنك لم تهتم بملء مساحة الـ99 % الفارغة بعيدا عن تخصصك العلمي.

 

منظومة التعليم

> أخذنا حديث التطرف عن سؤالي الأساسي عن مستوى الطلاب كما كشفت اختبارات القبول بمدينة زويل؟

 

تخرج الكلمات من فمه سريعة: عندنا طلاب عباقرة وأذكياء ينقصهم التدريب والتعليم، وبكل صدق أقولها : لو توفرت لهم نصف الإمكانيات المتوفرة للطالب في دولة مثل بريطانيا أو اليابان سنرى مستويات مرتفعة جدا، وأرى في اهتمام سيادة الرئيس بتجربة المدارس اليابانية محاولة لعلاج تلك المشكلة.

 

> أظن أن خطة إصلاح منظومة التعليم التي يتبناها وزير التعليم تساهم في هذا الأمر؟

 

وزير التعليم عالم ومهندس وعمل في جامعات بأمريكا، وما يسعى إليه حاليا هو إعادة صياغة منظومة تقييم الطلاب، من خلال طريقة الامتحان وشكله، ولكن تبقى أجزاء أهم أعلم جيدا انه يعيها جيدا، وسيعمل عليها، ويجب أن نسانده في تطبيقها، وهى تدريب المدرس، والتجهيزات المعملية التي تجعل الطالب يشاهد ما يقرؤه في الكتب، وتطوير التعليم ليصبح قائمة على البحث العلمي، ليتعلم الطالب كيفية اكتشاف المعلومة وليس حفظها.

 

> وكيف تفوق الأساتذة في مدينة زويل، ومعظمهم درس بالخارج، رغم أنهم نتاج المنظومة القديمة التي يسعى الوزير لتغييرها؟

 

حتى أقيس مدى نجاح منظومة، لا أنظر لمن هم في المقدمة أو المؤخرة، ولكن انظر للمتوسط، وإذا قارنت بين متوسط معلومات وإمكانيات ومهارات الطالب الآن وقبل 50 عاما، ستجد أنها لصالح الماضي، رغم التفاوت الكبير في مجموع الثانوية العامة، فمن يحصل الآن على 90 % بالثانوية العامة، هو في نظر الكثيرين غير موفق، بينما كان في وقتنا من العباقرة.

إذن فهذه التقديرات العالية بالثانوية العامة لا تعبر عن مستوى التعليم، والدليل قضية التطرف التي كنا نتحدث عنها قبل قليل، فازدياد المتطرفين يرتبط بما لا يدع مجالا للشك بتراجع مستوى التعليم.

 

ماكينة الثانوية العامة

> ربما ذلك هو ما دفع وزيري التعليم والتعليم العالي إلى القول في تصريحات صحفية، إن التقديرات المرتفعة جدا في الثانوية العامة ظاهرة غير موجودة في أي دولة بالعالم؟

 

بالضبط، وهى لا تعكس مستوى الطالب، وكانت اختبارات القبول بالمدينة كاشفة عن قصور هذه المنظومة، وسأقول لك مفاجأة وهى أن طلابا حصلوا على 99 % و100 % في الثانوية العامة رسبوا في اختبارات القبول بمدينة زويل، بينما نجح طلاب حاصلون على 90%، وحصلوا في اختبارات القبول على 70%، وهو تقدير مرتفع جدا.. والسبب أن الثانوية العامة أصبحت ماكينة تملؤها بمدخلات هى الدروس الخصوصية والأسئلة الجاهزة وأجوبتها لتكون مخرجاتها هى تفريغ ذلك على ورقة الإجابة، وهذا أدى إلى قولبة تفكير الطالب، عن طريق قياس المستوى الأدنى من قدراته وهى الحفظ، وتجاهل القدرات الأخرى الإبداعية والتحليلية.

 

> أظن أن جوهر منظومة التعليم الجديدة التي يسعى لتطبيقها وزير التعليم تسعى للتخلص من هذه الأمراض؟

 

بالضبط، فهى سياسة هادفة ويجب دعم الوزير والصبر عليه، لأن المنظومة الحالية لم تتغير منذ عشرات السنين، ومن الصعب تغييرها بين يوم وليلة.

 

الصورة المسيئة

> بالرغم مما أشرت إليه خلال الحوار من إيجابيات تتحقق، إلا أن هناك من يرى في صورة انتشرت كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأبقار تم ربطها بحبال أسفل لافتة عليها اسم المدينة في بداية مدخل الطريق المؤدي لها، أنها تعكس عدم اهتمام الدولة بالبحث العلمي؟

 

تستطيع أن تشعر بغضب د.عبية على غير العادة من احمرار وجهه قبل أن يقول بنبرة صوت مرتفعة على غير عادته أيضا : هذه الصورة لم أرها، وهى لا تستحق التعليق، واسأل من التقطها ونشرها أيا كانت مهنته: ما الذي قدمته لبلدك حتى تنتقد؟.. فأي مجتمع توجد به مشاكل، حتى في المجتمعات الأكثر تقدما، ولكن هل سنظل نتحدث عن المشاكل دون أن نفعل شيئا في حلها.. ويحضرني هنا المثل القائل «لأن تضيء شمعـة خيـر مـن أن تنفق عمرك تلعن الظلام».

وأحب أن أقول لمن التقط ونشر وروج هذه الصورة، إننا والحمد لله في مدينة زويل نسير على الطريق الصحيح، ومن لا يصدقني يذهب إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ليطلع على حجم الإنجاز الذي تحقق.. وكلمة أخيرة أحب أن أقولها: يا من تسعى لبث الطاقة السلبية في المجتمع، أنت في الأساس مصري الجنسية، وأي تشويه لبلدك، فهو تشويه لك شخصيا.

 

> أفهم من كلامك أن المدينة تسير على الطريق الذي رسمه لها د.زويل؟

 

تعود الملامح الهادئة مرة أخرى إلى وجه د.عبية، قبل أن يقول بكلمات واثقة: لو كان د.زويل يعيش بيننا لكفاه فخرا ما وصلت إليه المدينة حتى الآن، فنحن نحتل مركزا متقدما في الأبحاث، وقمنا بتخريج دفعتين، ونشارك مع الدولة والصناعة في مشروعات هامة، ولدينا أساتذة أكفاء حصلوا على تكريمات من الداخل والخارج، فماذا يمكن لجامعة عمرها ست سنوات أن تقدم أكثر من ذلك، رغم الظروف التي مرت بها الدولة خلال الست سنوات الماضية.

 

> وما أحدث أخبار مركز الفوتونات والمواد الذكية الذي ترأسه؟

 

مؤخرا شرفت بمنحى درجة أستاذ كرسي اليونيسكو (UNESCO Chair) لعام 2019، ومن خلال هذا المنصب أسعى لتحويل المركز الذي أتشرف برئاسته إلى معهد أفريقي للفوتونات الذكية، وذلك من خلال شراكات مع الجامعات الإفريقية، لمعالجة عدد من التحديات التي تواجه القارة الإفريقية في مجالات في الطاقة والصحة والمشاكل البيئية، وأتطلع لدعم الدولة والوزارة في هذا الأمر.

 

> أحب أن أختم الحوار بآخر شمعة أضاءها د.عبية في مجال البحث العلمي؟

 

تكسو الابتسامة وجهه قبل أن يقول: نشرنا أبحاثا مؤخرا في مجال التشفير الكمي، وحصلنا على براءة اختراع في نفس المجال، وهذه الأبحاث وبراءة الاختراع تتعلق بالحفاظ على سرية المعلومات عند إرسالها من المرسل إلى المستقبل، وضمان عدم دخول طرف ثالث في عملية الاتصال، وهذا الأمر له عدة تطبيقات في عمل البنوك والمجال العسكري.