حكايات| إبراهيم حسن «المظلوم».. الوصول لمنتخب العالم عبر بوابة ريال مدريد

إبراهيم حسن «المظلوم».. الوصول لمنتخب العالم عبر بوابة ريال مدريد
إبراهيم حسن «المظلوم».. الوصول لمنتخب العالم عبر بوابة ريال مدريد

«فور وصول خطاب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لنادي باوك اليوناني، أقام رئيس النادي آنذاك الراحل توماس فولينوس مؤتمرًا صحفيًا ليخبر إعلام بلاده أن لديهم أفضل ظهير أيمن في العالم».. من هنا بدأ إبراهيم حسن، نجم مصر والأهلي والزمالك، استعادة ذكرياته مع الوصول للعالمي إلا أنه صمت ثم كسر فرحته بالحديث عن أزمة عكرت فرحته.

 

قصة إبراهيم حسن لا يمكن أن تنفصل عن توأمه حسام، الذي شاركه التألق وكتابة تاريخ شهد له العالم في بذل الجهد والعرق وتحقيق النتائج والانتصارات الكبرى في كل محطة من محطات مشوار التوأم انطلاقًا من النادي الأهلي مرورًا بالتألق في كأس العالم 1990، والاحتراف الأوروبي ضمن صفوف باوك ثيسالونيكي اليوناني ونيوشاتل زاماكس السويسري، والعودة إلى الأهلي ثم الزمالك والمصري البورسعيدي الذي كان آخر محطات إبراهيم في الملاعب.

 

الطريق إلى العالمية

 

يستعيد إبراهيم حسن ذكرياته لـ«بوابة أخبار اليوم»، قائلا: «اجتهدنا في كأس العالم عام 1990 بإيطاليا، وبعدها جاءت خطوة الاحتراف الأوروبي فانضممت رفقة حسام إلى نادي باوك ثيسالونيكي اليوناني، وهناك كان الصديق مجدي طلبة، فبدأنا المشوار بالدوري اليوناني، وكنت أشارك أساسيًا منذ اليوم الأول، بينما تعرض توأمي لإصابة مع منتخب مصر غاب بسببها لفترة».

 

يواصل إبراهيم حديثه بكلمات ثقيلة: «لم يذكر الإعلام هنا أنني أول لاعب مصري يشارك في بطولات أوروبا للأندية، حين لعبت برفقة طلبة مباراة باوك وإشبيلية الإسباني يوم 18 سبتمبر عام 1990، بالجولة الأولى لكأس الاتحاد الأوروبي، وسيطر التعادل ذهابًا وإيابًا، ولعبت المباراتين بالكامل، وسجلت ركلة الترجيح، فيما أهدر طلبة، وكان الظهور الأول للمصريين على الإطلاق في بطولات أوروبا للأندية».

 

 

«في شهر أكتوبر 1990، لعبنا مباراة ودية عقب كأس العالم مع منتخب مصر ضد المنتخب اليوناني، وخسرنا في ظروف غريبة بنتيجة 6-1، وتعرضت للطرد في كرة مشتركة مع اليوناني ديمتريس سارافاكوس، وأقيل الراحل محمود الجوهري إثر هذا اللقاء، ولم تكن النتيجة متوقعه، فالحكم احتسب علينا 3 ضربات جزاء».

 

«فترة باوك كانت رائعة بالنسبة لي، سجلت 6 أهداف في الدوري اليوناني، ولا أنسى هدفي في مرمى باناثينايكوس بالدوري في مباراة تعادلنا بهدف لمثله، وسجلت هدفًا من ضربة خلفية مزدوجة».. لا تزال كلمات إبراهيم متواصلة.

 

 

صدمة من مصر

 

لكن الفرحة المتواصلة في اليونان كان لها وضع آخر في مصر، وهنا يقول «إبراهيم»: «عقب مواجهة اليونان وصل نادي باوك خطابًا رسميًا من الفيفا يخطرهم باختياري ضمن تشكيل منتخب العالم ضمن 16 لاعبًا هم الأبرز في مراكزهم على الساحة العالمية لخوض مباراة احتفالية أمام منتخب البرازيل تحت القيادة الفنية لأسطورة ألمانيا بيكنباور على ملعب سان سيرو بمدينة ميلانو الإيطالية، وكان حدثًا تاريخيًا لكرة القدم في اليونان».

 

«أقام رئيس النادي توماس فولينوس مؤتمرًا صحفيًا لا أنساه، وقال فيه إنه شرف وفخر لنادي باوك وجود أفضل ظهير أيمن في العالم بشهادة الفيفا، وأعلن أنه سيسافر معي ليدعمني في المباراة التي ستقام بين منتخب نجوم العالم والمنتخب البرازيلي احتفالاً بعيد ميلاد الأسطورة بيليه الخمسين».

 

 

«جاءت الصدمة من مصر، فبعد وصول الخطاب نفسه للاتحاد المصري لكرة القدم، فوجئت بإصدار قرار بإيقافي لمدة 6 أشهر بعد الطرد في مباراة اليونان، وإبلاغ الاتحاد الدولي بعدم سفري لخوض مباراة منتخب نجوم العالم بسبب هذا القرار العجيب الذي لم يحدث إلا في مصر!»

 

هدف ريال مدريد

 

مرة أخرى، يستعيد إبراهيم حسن ذكرياته: «تألقت مع حسام في باوك اليوناني، ولكنه أخبرني في رغبته بالرحيل عن اليونان، وتلقينا عرض الانتقال لنيوشاتل زاماكس السويسري، واتخذنا القرار، وتعرض لإصابة جديدة مع المنتخب أمام تونس، فسبقته في اللعب أساسيًا تحت قيادة الأسطورة الإنجليزي روي هودجسون».

 

«سجلت هدفين في مرمى فلوريانا المالطي بالدور الأول لكأس الاتحاد الأوروبي، احتسب الأول في مباراة الذهاب، وألغي الثاني في مباراة الإياب رغم أنه لم يكن تسللا كما احتسبه الحكم، بل كان هدفًا صحيحًا، وكان الهدف الأول هو باكورة أهداف المصريين المحترفين في بطولات أوروبا للأندية أيضًا».

 

 

 

«أمام ريال مدريد كان الأمر مختلفًا، لعبت المباراة أساسيًا، وسددت كرة قوية من منتصف الملعب، لكنها مرت بجوار القائم، وشعرت باقتراب الهدف التاريخي، وعندما احتسب الحكم الهولندي ماريو فان دير إينده ضربة حرة مباشرة على حدود منطقة جزاء ريال مدريد، لم أنظر إلى الحائط الذي كان مكونًا من أساطير النادي الملكي حينها، بل كان تركيزي كله منصب على المنطقة التي سددت فيها الكرة، بين القائم والعارضة في الناحية اليمنى، وبالفعل، جاء الهدف الغالي».


«انقلب الملعب بعدها، كانت المدرجات تتسع لـ 12 ألفًا فقط في ملعب لا دي مالاديير، ولكنهم قاموا بتوسعة الاستاد ليسع 20 ألفًا حضروا في هذا اليوم، وكان من بينهم بالمناسبة الكابتن محمود الخطيب، الرئيس الحالي للنادي الأهلي، والذي حضر بدعوة من صديقه كامل أبو علي، الذي كان يرتبط بعلاقة صداقة وطيدة معه ومع السويسري الراحل جيلبرت فاكينيتي، مالك نادي نيوشاتل».

 

 

 

وكشف إبراهيم حسن النقاب عن ما قاله له بيبو عقب اللقاء: «فوجئت بالخطيب يداعبني عقب المباراة وفوزنا على ريال مدريد بالهدف الذي سجلته وسألني مازحًا: هو أنت قاصد تحط الكورة دي كدة يا إبراهيم؟!

 

شهادة الفتى الذهبي المدريدي

 

إيميليو بوتراجينيو، نجم وهداف ريال مدريد الإسباني السابق، تحدث عن ذكرياته مع مواجهة إبراهيم حسن حين كان قائدا لهجوم الملكي في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي عام 1991.

 

وقال بوتراجينيو في حوار سابق مع «بوابة أخبار اليوم»: «خلال مسيرتي لاعبًا، لا أنسى كيف تخطى ريال مدريد نيوشاتل زاماكس السويسري في دور الـ 16 لكأس الاتحاد الأوروبي عام 1991، وهو الفريق الذي كان يضم ثلاثي مصري بالطبع أتذكره، وهم التوأم حسام وإبراهيم حسن، وهاني رمزي المدافع».

 

وشارك بوتراجينيو، أساسيا في قيادة هجوم ريال مدريد أمام نيوشاتل السويسري الذي فاز على الملكي ذهابا بهدف نظيف سجله إبراهيم حسن على ملعب «لا مالاديير»، وخسر إيابا برباعية بيضاء في مدريد.

 

وأضاف نجم الريال: «كان إبراهيم حسن هو الأخطر علينا في مباراة الذهاب والتي خسرناها بهدف نظيف سجله من ضربة ثابتة، لقد كانوا الأفضل واستحقوا الفوز علينا، لكن في لقاء الإياب وفي مدريد أمام جمهورنا كنا الأفضل وهزمناهم بالأربعة وتأهلنا».

 

حكم المباراة يتحدث

 

يتحدث الحكم الدولي الهولندي المعتزل ماريو فان دير إينده عن ذكرياته في إدارة هذه المباراة بعد مرور 28 عامًا عليها وهو الحكم الشهير الذي أدار مباراة السوبر الأوروبي عام 1995 بين ميلان الإيطالي وأرسنال الإنجليزي، والذي شارك في تحكيم نهائيات كأس العالم 1994 و1998.

 

وقال فان دير إينده في تصريحات سابقة لـ«بوابة أخبار اليوم»:  «أتذكر أن هذه المباراة أقيمت على ملعب صغير، ولكنها شهدت حضور 20000 ألف مشجع، وكانت النتيجة مفاجئة».

 

وأضاف الحكم الدولي الهولندي: «نيوشاتل زاماكس السويسري فاز بالمباراة على الرغم من مشاركة ريال مدريد بالقوام الأساسي له في هذا اللقاء، لقد سجل المصري إبراهيم حسن الهدف من ضربة ثابتة رائعة، لو أعيدت لم تكن لتسجل بهذا الكمال، إنها ذكريات طيبة لي في الملاعب».

 

أن يشهد لك المنافس.. حارس الريال 

 

فرانسيسكو بويو، يظل أحد أشهر حراس المرمى في تاريخ كرة القدم الإسبانية، خاض أكثر من 500 مباراة في الدوري الإسباني، وحرس عرين منتخب بلاده، وفي رصيده أكثر من 340 مباراة حارسًا لمرمى ريال مدريد، يستعيد ذكرياته مع مواجهة إبراهيم حسن في نيوشاتل السويسري بكأس الاتحاد الأوروبي عام 1991.

 

ويتحدث بويو للمرة الأولى في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، قائلاً: «بالطبع أتذكر مواجهة نيوشاتل بكل تفاصيلها والهدف الذي سجله إبراهيم حسن في مرماي، لقد كان هدفًا رائعًا بحق ومنح به انتصارًا لفريقه».

 

«إبراهيم حسن كان لاعبًا مميزًا جدًا، وكذلك توأمه حسام، لقد كان لديه القدرة على التغطية والتحرك في أجزاء كثيرة من الملعب، هذا الثنائي كان رائعًا جدًا، يمكنهم الضغط على الخصم واللعب بكل قوة في جميع المباريات».

 

محاولة جديدة مع منتخب العالم

 

يروي إبراهيم حسن بكل مرارة: «تعرضت لظلم كبير لأن قرار إيقافي عقب مباراة المغرب في تصفيات مونديال 1998 تم بشكل عجيب، فالمباراة كانت في يونيو 1997، ولم يكتب الحكم وقتها أي شيء يدينني في تقريره، فحدثت ضغوط من مصر لإيقافي، فأصدر الكاف قرارًا بإيقافي 3 أشهر، والأغرب أنها تبدأ من شهر سبتمبر 1997، وأتمنى أن يفتح تحقيق في هذه الواقعة التي حرمتني من بطولة أمم إفريقيا 1998 وأنا في قمة مستواي الفني، على الرغم أيضًا من أن البطولة تُقام في شهر يناير!»

 

«جاءت بطولة كأس القارات في المكسيك، وشاركت في مباريات منتخب مصر الثلاث وقدمت مستوى رائعا، وبعد الخسارة بخماسية أمام المنتخب السعودي، لن أنسى ما قاله الجوهري لي حينها، لأنه شكرني على ما قدمته، وقال لي أنت لم تخذلني مثل البعض، وكنت مثالاً للالتزام والرجولة في الأداء والتدريبات، وكانت أهم شهادة في حقي».

 

 

«عقب هذه البطولة، وأثناء تواجدي رفقة حسام مع النادي الأهلي في معسكر الإعداد للموسم الجديد بألمانيا تحت قيادة المدرب راينر تسوبيل، وصل اتحاد الكرة والنادي الأهلي خطابًا رسميًا من الفيفا باستدعائي مع حسام لمباراة منتخب نجوم العالم بجنوب إفريقيا 1999 احتفالًا بعيد ميلاد نيلسون مانديلا».

 

«الصدمة كانت أكبر هذه المرة، عندما أبلغني الراحل ثابت البطل برفض سفري أنا وحسام للمباراة، وحينها شعرنا بظلم كبير، وحاولنا معرفة سر الرفض رغم أنها في توقيت معسكر إعداد، وكان حسام حينها يعاني من إصابة في وجه القدم، ولكن دون جدوى.. فقررنا الاعتزال وغادرنا المعسكر».

 

«ولكن مع حضور الكابتن حسن حمدي إلى ألمانيا، وافق الأهلي، وبشرط أن يعود حسام إلى القاهرة، أما أنا فأسافر من جنوب إفريقيا مباشرة إلى نيجيريا لخوض مباراة في الأدوار التمهيدية لبطولة إفريقيا للأندية، وهو ما استجبت له على الفور، ولكن كانت التذاكر التي حجزها الاتحاد الدولي بخط سير أكثر من رحلة من ألمانيا إلى جوهانسبرج كانت قد فاتتنا».

 

هودجسون واللقاء الثاني

 

يتذكر إبراهيم حسن: «طلبنا مساعدة السفارة المصرية، وكذلك أحد الأصدقاء وهو محسن طنطاوي، وحجزنا رحلات مختلفة حتى وصلنا في النهاية إلى جنوب إفريقيا، ولكن قبل بدء المباراة بدقائق قليلة، فانطلقنا إلى الملعب».

 

«عندما وصلنا فوجئنا بأن روي هودجسون، الذي دربنا في نيوشاتل زاماكس السويسري، هو المدير الفني لمنتخب نجوم العالم، واستقبلنا بترحاب شديد، ولكن كان قد وضع التشكيل، وجلسنا على مقاعد البدلاء وشارك حسام في الدقائق الأخيرة من المباراة».
 

 

 

«عاد حسام إلى القاهرة، وسافرت إلى نيجيريا، وهناك فوجئت باستبعادي من التشكيل الأساسي رغم كل المجهود الذي بذلته في السفر من ألمانيا إلى أكثر من ترانزيت ثم جنوب إفريقيا ومنها إلى نيجيريا للحاق بالمباراة، وبحجة أن تسوبيل سيلعب بتكتيك مختلف، رغم أنني شاركت في المران الأساسي ومران اليوم السابق!»

 

أخيرًا.. في منتخب العالم

كما نقول في مصر الثالثة ثابتة.. يروي إبراهيم حسن: «وصلني استدعاء جديد لمنتخب نجوم العالم، وهذه المرة عام 2000 في البوسنة والهرسك، ولعبت المباراة وحينها كان المدرب المساعد كارلوس كيروش، وطلب مني تسديد الركلات الحرة رغم وجود الأسطورة روبيرتو باجيو في الملعب».

 

«أتذكر في هذه المباراة كان هناك حكم مساعد مصري، وكانت مباراة رائعة، وسط كوكبة من ألمع نجوم الكرة العالمية، وتعويض من الله على ما فاتني في المرتين السابقتين ولأسباب لا يعلمها أحد سوى من اتخذوا قرارات غريبة في حقي».

 

«تعرضت لظلم كبير طوال مسيرتي، ولا أعرف السبب، ولا أحد يتحدث عن ذلك.. وهذه الحكايات أرويها للمرة الأولى».