بدون أقنعة

الأمطار .. إهمال مع سبق الإصرار

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

رغم إعلان هيئة الأرصاد الجوية أن البلاد سوف تتعرض للأمطار وتحذيرها للمحافظين بضرورة الاستعداد بإصلاح «الشنايش» فى الشوارع لاستيعاب مياه الأمطار فإن القاهرة غرقت كالعادة فى شبر مية وعاش القاهريون يوم الثلاثاء الماضى يوما كئيبا وارتبكت حركة المرور تماما وعانى الجميع من الزحام الرهيب حتى سيارتى لم تسلم من السخونية الشديدة وكلما ارتفع مؤشر الحرارة زادت معه دقات قلبى.. فكيف أتصرف لو تعطلت أو توقفت فجأة وسط المياه التى ضربت الشوارع ووصلت إلى منتصف السيارات بسبب عدم تصريفها.
على طريق الأوتوستراد رأيت ثلاثة من العاملين فى الصرف الصحى يحاولون فتح بالوعة الشارع بدون جدوى.. كانوا بلا حول أو قوة والمطر ينهمر عليهم.. مررت بجوارهم بعد أن توقف الطريق تماما ودعوت لهم أن يفلحوا فى إصلاح البالوعة المسدودة لأن رؤساءهم لم ينتبهوا لعملهم الا حينما داهمتنا الأمطار فجأة وكأنهم لا يتابعون الأخبار فى وسائل الإعلام أو تصلهم أى معلومات عن موسم الشتاء الذى بدأ وهم نيام على مكاتبهم.
إن الإهمال هو عدو كل شىء جميل فى حياتنا والمثل الشعبى يقول « بيت المهمل يخرب قبل بيت الكافر» لكننا لا نتعظ ولا نتعلم من أخطائنا وسوف يمر الشتاء بحلوه ومره ويأتى الشتاء القادم ويتكرر نفس المشهد وتغرق القاهرة فى شبر مية.. ولا حياة لمن تنادى !
السيد محافظ القاهرة هو المسئول الأول عما جرى فى الثلاثاء الممطر لأنه لم يُحسن اختيار معاونيه أو يتابعهم فهناك إهمال متعمد مع سبق الإصرار من الجميع.. من أمن العقاب أساء الأدب. ويبدو أن هناك كثيرين أساءوا الأدب وتركوا شوارع العاصمة تغرق فى المياه ولم يتذكروا إصلاح البالوعات ومصارف المياه الا حينما داهمنا المطر!
هناك دول خليجية صغيرة تهطل فيها الأمطار وتتحول إلى سيول ورغم ذلك لا تصاب شوارعها بالارتباك فالمياه تجد طريقها إلى المخرات.. شاهدت ذلك بنفسى وهم مستعدون فى أى وقت لما تأتى به الطبيعة.. هذه الدول ليس فيها خبرات مثل مصر أقدم دولة بالمنطقة ومع ذلك فإن تأثيرات الأمطار بسيطة بسبب النظام والشدة والحزم ومواجهة الإهمال.. أما مسألة أن مصر من البلاد الجافة التى لا تهطل فيها الأمطار كثيرا وأن تكلفة شبكة تصريف المياه فهى تصريحات لا مبرر لها ولا تغنى ولا تسمن من جوع فقد كشفت الأمطار خلال السنوات الأخيرة أن هناك خسائر شديدة نجمت عنها وأن البلاد غرقت فعلا فى شبر مية ورأينا القاهرة والإسكندرية (العاصمة الأولى والعاصمة الثانية) تغرقان فى المياه ولولا تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسى وتعليماته وقتها للقوات المسلحة لإنقاذ الإسكندرية والبحيرة قبل نحو عامين لكانت الخسائر رهيبة.. لا نريد أن ننتظر مفاجآت الطبيعة وعلينا أن نستعد لها قبل أن تأتى.. يبدو لى أن المحليات لا وجود لها وكان يجب على وزيرها أن يتخذ كافة الإجراءات لمنع تكرار أزمة الأمطار.
الجهاز الإدارى للدولة فى حاجة ماسة إلى نوبة صحيان.