يوميات الأخبار

٣٠٠ قناوى فى روسيا

د. محمد أبو الفضل بدران
د. محمد أبو الفضل بدران

لدى اقتراح أن نؤجّر المدارس الحكومية لأساتذة الدروس الخصوصية حتى نضمن فصولا تليق بأبنائنا!

 عندما زارتنا إحدى صديقات ابنتى التى تدرس فى إحدى الجامعات فى روسيا سألتُها: كيف تتحملّين الغربة؟ فابتسمت وقالت: لا أشعر بالغربة لأن معى فى هذه الجامعة 300 طالب وطالبة من محافظة قنا وحدها، فتعجبتُ من ذلك وتخيلت أن مبانى المدن الجامعية وأجنحتها تسمى هناك بجناح نجع حمادى وجناح قفط وجناح قوص، وهلمّ جرّا؛ وإننى أتساءل: هل تجد فى وزارة من وزاراتنا دراسة تجيبنا عن عدد طلابنا الذين يدرسون فى روسيا ورومانيا والسودان وكندا وبقية دول العالم؟
وما أسباب خروجهم من مصر؟ وهل توجد رعاية تشملهم من مستشارينا الثقافيين بسفاراتنا فى الخارج؟ وماذا سيفعلون بعد انقضاء دراستهم هناك، هل سيعودون إلى مصر أو يبقون هناك؟ هل لديهم برامج تحميهم هناك من التطرف والتشدد؟ وهل يكمن الحل فى إنشاء جامعات خاصة وأهلية بمصر تستوعب هذه الأعداد المهاجرة؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات سريعة.
 خطاب إلى وزير التربية والتعليم
معالى الوزير كنت وماأزال من أشد المؤيدين لأفكارك الجديدة فى تطوير التعليم قبل الجامعى ولكن انتظرنا كثيرا أن نرى ما وعدت به، واسمح لى أن أقول لك: لقد وعدت بالقضاء على الكتب الخارجية ولكن يبدو أن مافيا الكتب الخارجية أشد وأقوى من هيمنة الوزارة فأضحى الكتاب الخارجى هو الكتاب الأساسى وأصبح التابلت خيال مآتة فى أيدى طلاب الصف الثانى الثانوى ولم يتسلم طلاب الصف الأول التابلت فى معظم المحافظات إن لم يكن كلها ولك أن تتذكر المليارات التى يدفعها أولياء الأمور لهذه الكتب الخارجية التى صارت الكتب الرئيسة فى أيدى الطلاب ثم وعدت يا معالى الوزير بالقضاء على الدروس الخصوصية ولى أن أسالك هل يأخذ أبناؤك وأبناء إخوتك وأبناء جيرانك دروسا خصوصية أم قضيت عليها كلها كما وعدت؟ هل يذهب طلابنا للمدارس فى الثانوية العامة التى وعدت أن تكون ثلاثة أعوام ثم قلت سأجعلها عامين ثم عادت سنة واحدة كما كنا قبل أعوام كثيرة فأين هذه الخطة التى وعدت بها لنرتقى إلى مصاف تعليم فينلندا وألمانيا وأمريكا؟
ربما كان الأمل فى الصفين الأول والثانى الابتدائى اللذين بدءا فى الطريق الصحيح لكن ماذا عن بقية الفصول الأخرى؟
الزميل العزيز كيف ترى التربية والتعليم والمدارس وهل سمعت بمصطلح «الجدول الميت» الذى يوضع لمدرسين يدرّسون الصف الثالث الثانوى دون أن يكون هناك طلاب فيه، وهل سمعت أن مسئولا من مستشاريك زار مدرسة حكومية ودخل فصلا فى الصف الثالث الثانوى وجد فيه طلابا؟ وهل تشاهد وأنت فى طريق عودتك مجموعات الطلاب التى تخرج من الصالات المؤجرة فى الدروس الخصوصية؟ وهل تتفضل أن تترجل من سيارتك وتسألهم عما إن كانوا يذهبون إلى مدارسهم الحكومية صباحا ولماذا يذهبون إلى الدروس الخصوصية ليلا؟ حاول يا معالى الوزير أن تنقذنا من الدروس الخصوصية ومن الكتب الخارجية ومن نوم أبنائنا صباحا فى بيوتنا لأنهم لا يتعلمون فى مدارسهم؛ وإن كان ولابد فلدى اقتراح أن نؤجّر المدارس الحكومية لأساتذة الدروس الخصوصية حتى نضمن فصولا تليق بأبنائنا! وإذا وجدت إجابة تبشرنا فأرجو ان نستمع إليك قريبا مع خالص تحياتى ومودتى.
لجنة عبد الله التطاوى
ما أجمل أن تجلس فى قاعة طه حسين بكلية الآداب جامعة القاهرة فى لجنة ترقية الأساتذة؛ فى هذه القاعة تشاهد على جدرانها صور عمداء هذه الكلية العريقة بدءاً من العلماء ذوى الطرابيش ونهاية بعميدها المؤرخ «شيخ العرب الكريم» الأستاذ الدكتور أحمد الشربينى وقد سعدنا بجامعة القاهرة العريقة ورئيسها أ.د. محمد عثمان الخشت لكن اللافت للنظر والمبهج أيضاً أن تكون مع الأستاذ الدكتور عبد الله التطاوى الذى شغل مناصب نائب رئيس جامعة القاهرة ومستشارنا الثقافى فى ليبيا والمملكة العربية السعودية وقبل هذا وذاك فهو أستاذ الأدب والنقد، أدار اللجنة باقتدار وحكمة حيث كنتُ أمينها حتى عُينت نائبًا لرئيس الجامعة فتولى أمانتها الدكتور السيد فضل مع النقاد واللغويين والدكاترة إبراهيم عِوَض وأحمد أبو الخير وطارق شلبى وفاروق مهنَّى ومحمد عبد الله حسن وهم مَنْ هم علما وخلقا.
كانت المناقشات تسرى فى ديمقراطية رائعة وقد تمت ترقية ستة وخمسين أستاذًا مساعدا لدرجة الأستاذية وأرجأت اللجنة ترقية تسعة عشر أستاذا مساعدا لعدم اكتمال بحوثهم وعدم تأهلها للترقية لدرجة أستاذ؛ ومن المفاجآت اكتشاف بعض السرقات العلمية وإن كانت نادرة إلا أنها ظاهرة تسىء إلى الجامعات المصرية التى آمل أن تأخذ بيدٍ من حديد على هؤلاء الذين لا مكان لهم فى جامعاتنا المصرية وألا تلجأ الجامعات إلى لجان خماسية لترقية هؤلاء السارقين مكافأة لهم، والقانون صريح فى هذا الشأن والعقوبات محددة، فلماذا الرأفة مع فاقدى الأمانة العلمية؟
لقد كانت اللجان العلمية التى اشتركت فيها من قبل مع زملاء أعزاء مثل الدكاترة أحمد درويش وعلاء رأفت وأبوهمام وحسام البهنساوى ومحمد على سلامة وسيد على إسماعيل وحازم كمال الدين وأيمن ميدان وأحمد عارف حجازى كانت لجانا مشرفة، وأتمنى للدكتور جلال أبو زيد وصحبه لجنة عهدناها تتوخى العدل والإنصاف على خطى لجنة عبد الله التطاوى.
أ.د. عزت كامل والحالة 237
عندما تركنى أهلى ودخلت على التروللى الذى تدفعه ممرضة ماهرة نحو غرفة العمليات لإجراء جراحة فى ساعدى الأيمن إثر سقوطى عليه وما نتج عنه من كسر وخلع وقالت للأطباء: «الحالة 237» وهنا أدركت اسمى الجديد «الحالة 237» كانت الحجرة باردة جدا لكن أ.د. عزت كامل أستاذ العظام بجامعة عين شمس استقبلنى بابتسامة مطمئنة ورحّب بى وقال لى سنقرأ الدعاء معا وابتدأ فى تلاوة آيات الشفاء والأدعية رأيت الاطمئنان فى وجهه وانعكس هذا على قلبى شعرت بهدوء ورضا ورحت أردّد وراءه وأستذكر ما لدى من أدعية حفظتها فى صغرى (اللهم بسرّه لديك وبسيره إليك آمِنْ خوفى وأقِلْ عثرتى وأذهِبْ حزنى وخذنى إليك مِنّى وارزقنى الفناء عنى ولا تجعلنى مفتونا بنفسى محجوبا بحِسّى واكشف لى عن كل سٍرّ مكتوم يا حى يا قيوم).
بينما كنت أردد هذا الدعاء وأتأمل فى سقف الحجرة مخترقا هذا السقف فى حوار مع النفس للسماء اقتربت طبيبة التخدير لأدخل فى عملية جراحية استغرقت خمس ساعات؛ بعدها حكى لى الدكتور عزت كامل أنه شارك أستاذه القدير أ.د. حسن الظاهرى أستاذ أساتذة العظام فى مصر واستشاره فى أثناء العملية التى آمل من الله بفضل دعوات المحبين أن تكلل بالنجاح؛ كانت عيون المحبين ودعواتهم وهمساتهم فى أذنى تدفعنى للصمود على الألم.. فشكرى لكم جميعا.
العجيب أننى وأسرتى عندما سألنا الدكتور عزت كامل عن أتعابه وأتعاب أستاذه أ.د. حسن الظاهرى فابتسم قائلا: «لا شيء لن آخذ أنا ولا أستاذى مليما واحدا من زميل نسأله الدعاء».. حاولتُ وصمّما على الرفض.. يا إلهى هل هناك أناس بهذا الصفاء والرضا والجمال.. نعم.. إنه أ.د. عزت كامل....
حاجتنا إلى أخلاقيات الإعلام
من الجميل أن طلابنا بأقسام الإعلام يدرسون مادة «أخلاقيات الإعلام» التى أراها من أهم المواد التى ينبغى أن تُدرّس حتى لا نجد منهم مروج شائعات أو منافقا كذوبا أو مستغلا فاجرا فقد صارت الرّشى شطارة والنفاق مهارة.. لقد صار جميع الناس إعلاميين من خلال وسائل التواصل الاجتماعى وصارت جملة واحدة أو صورة واحدة كفيلة بإشعال حرب أو إزهاق أرواح أبرياء، أو إلصاق تُهم وعار بشرفاء، ومهما حاولت مباحث الإنترنت من ضبط هؤلاء مع تغليظ العقوبة إلا أن على المجتمع أن يقوم بدوره فى نبذ هؤلاء وتكذيبهم مهما اعتلوا منابر إعلامية براقة.
من هنا تكمن أهمية فرض أخلاقيات الإعلام على الجميع لأن الجميع امتهن وظيفة الإعلامى والحكم معًا، وما لم يصح المجتمع فالضحايا فى تزايد وملاحقتهم الشرطية صارت فوق طاقة الإدارة لأن من تركته خطيبته بدأ فى نشر صورها ومن طلق امرأته بدأ فى مضايقة طليقته وشتمها عبر التواصل الاجتماعى الذى صار التقاطع الاجتماعى وليس التواصل.. إنه نداء للمجتمع أن يقوم بدوره.
أ.د. محمد عبد الهادى محمد وداعًا
يعد أ.د. محمد عبد الهادى محمد أستاذ ترميم الآثار بكلية الآثار بجامعة القاهرة أحد أهم علماء ترميم الآثار بمصر والعالم العربى، ولد بمركز بإسنا التابع لمحافظة الأقصر.
عُيّن مدرسا مساعدًا بقسم ترميم الآثار بكلية الآثار بجامعة القاهرة ثم حصل على درجة الدكتوراه فى مجال ترميم المبانى الأثرية من دولة بولندا وعين مدرسا بكلية الآثار بجامعة القاهرة ثم أستاذًا مساعدا ثم أستاذًا.
وقد شغل العديد من المناصب الأكاديمية منها رئاسة قسم ترميم الآثار ثم وكيل كلية الآثار بجامعة القاهرة وعميدًا لمعهد ترميم الآثار بالأقصر ومقرر لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة وعلى المستوى الدولى فقد شغل منصب المستشار الثقافى بدولة بولندا وخبير بمنظمة اليونسكو العالمية وعضو المجلس الدولى لترميم المبانى والمواقع الأثرية.
أشرف على العديد من رسائل الماجيستير والدكتوراه فى مجال ترميم الآثار داخل مصر وخارجها.
صاحب مدرسة علمية فى مجال ترميم وصيانة الآثار وله العديد من البحوث والدراسات والمؤلفات العلمية التى تعد من المراجع المهمة لدى مرمّمى الآثار فى مصر والعالم العربى.
فى الأسبوع الماضى بلغنى نبأ وفاته لنفتقد عالما جليلا وأخا وصديقا كان يمثل الأستاذ الجامعى القدوة، إنه كان يمثل كيف يكون الأستاذ الجامعى. رحمه الله
فى النهايات تتجلى البدايات:
قالت ولادة: «أغارُ عليكَ من عينى ومنّى
ومنكَ ومن زمانك والمكانِ
ولو أنى خَبَأْتُكَ فى عيـونى
إلى يوم القيـــامةِ ما كفانى»