وحى القلم

أوتــار

صالح الصالحى
صالح الصالحى

تعزف الأوتار نغما حزينا أو مفرحا يلامس قلوبنا فتستريح انفسنا وأرواحنا لسماعه.. ومن شدة نشوة هذا العزف تسرح عقولنا وربما تذرف دموعنا.. ولكن حقيقة الأوتار لا تعزف من تلقاء نفسها.. بل نحن من يعزف على هذه الأوتار فيخرج اللحن بما فى نفوسنا.
وليس من قبيل المصادفة ان نسمع هذا اللحن أو ذاك فتتحرك مشاعرنا.. بل تحركنا نفوسنا وأرواحنا نحوه.. وتكمن الصدفة فقط حينما يتواكب ما يصادفنا مع ما يدور فى داخلنا.. فمنا من يظهر اتساقه وانسجامه مع هذه الألحان.. أو يبطنها.. وكثيرا ما نبطنها.. فهى أسرار لا نبوح بها لأحد.. فالكل يتجمل ويتجلد أمام الآخرين.. وكأن اللحن الحزين يظهر ما فى داخلنا وننهار ونبدو ضعفاء.
من منا لا يحمل فى داخله مشاعر وذكريات تتواكب مع الألحان.. التى احيانا تتطابق مع ما فى داخلنا فتقتحم نفسونا وتحرك الساكن وتستحضر شيئا من الماضى أمامنا، وتعيد الكرة من الأول؟!.
على الرغم من قسوة الحياة التى تشغلنا جميعا فى لهث على مدار اليوم.. الا انه اذا اختلى أحدنا بنفسه وترك لها العنان، لن يتذكر إلا اللحن المؤثر الملىء بالشجن.. والشجن هو الذى يشحن المشاعر ويجعلها مرهفة تتوق لكل ما هو جميل ومبدع.
اذا استمعت للحن مفعم بالمشاعر سواء كانت لديك تجربة فعلية.. او عشت هذه التجربة مع هذا اللحن، فأنت محظوظ لان مشاعرك مازالت تحس وتسعد بالألم الجميل.. وان لم تكن كذلك فأنت جامد، ليس لديك ما تقدمه لنفسك وللآخرين.
فاذا كانت مشاعرك مازالت تحيا.. هنا تقول إن هذا الأمر لمس وترا بداخلى.. فأنت صادق فى هذا.. لأن نفسك تحينت الفرصة واستقبلت الأمر وعزفت اللحن بداخلها فتناغمت واستراحت ايضا.
ليس كل لحن يسعد النفس حزينا أو بالضرورة مفرحا.. نفسك هى التى تقيم مدى سعادتها مع اللحن.. فهناك نفس تتناغم مع لحن حزين وتسعد به فعلا. لانه يتلاءم مع طبيعتها.. واخرى تتلاءم مع لحن ترى انه صاخب أو حتى مزعج.. لكن هذا يسعدها ويتناغم مع ما بداخلها.
لسنا كلنا متناغمين فى داخلنا بدليل رواج فن دون آخر عند البعض.. فقد ترى سعادتك فى البكاء الذى يريحك ويزيح الهموم من صدرك.. وآخر يراه فى الضحك الذى يفرح قلبه.. وثالث سعادته فى لحن صامت لا صوت له.. يردده بداخله.. ورابع لا يعرف طريق الالحان لانه بلا مشاعر تتحرك اصلا.. المهم أن تعرف أو تصل للحنك المفضل الذى يريحك.. فهو أنشودتك فى الحياة.