فى الصميم

تصريحات مرفوضة..

جـلال عـارف
جـلال عـارف

كتبت بالأمس عن الأمل فى أن يكون لقاء «سوتشى» فرصة لتحقيق انفراجة فى ملف سد النهضة تفتح الباب للاتفاق بين الدول الثلاث «مصر والسودان وإثيوبيا» على ما يضمن حقوق كل الأطراف ويحقق مصالحها.
بعد ساعات.. كانت التصريحات المنسوبة لرئيس الوزراء الاثيوبى «أبى أحمد» أمام البرلمان تقطع الطريق على هذه الآمال، وتصطدم الجميع بالحديث عن «خيارات عسكرية» فى التعامل مع قضية السد!! وهو الأمر الذى استوجب الرد الحاسم من مصر من خلال بيان وزارة الخارجية الذى أكد أن هذه الإشارات السلبية من الجانب الاثيوبى غير مقبولة، وأن مصر كانت على الدوام مع الاعتماد على التفاوض وفقاً لمبادئ القانون الدولى والشرعية الدولية. وأنه مع الجمود الذى اكتنف المفاوضات فإن مصر قد قبلت دعوة الولايات المتحدة لاجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث (مصر والسودان واثيوبيا) فى واشنطون اتساقاً مع سياستها الثابتة وثقة فى المساعى الحميمة التى تبذلها الولايات المتحدة.
بيات الخارجية الحاسم لا يحتاج لأى تأويل. ومصالح مصر لا يمكن أن تحكمها مزايدات داخلية لأى طرف، أو مراوغات تحملتها مصر أكثر من اللازم. مصر لم تطلب إلا حقوقها ولم تعتمد إلا على قواعد القانون الدولى والاتفاقيات الملزمة للجميع.
لا تريد مصر التصعيد بل تسعى للتوافق الذى لا بديل عنه والذى يضمن مصالح كل الأطراف، ويحقق لاثيوبيا التنمية المطلوبة، ويحفظ للسودان ومصر نصيبهما العادل والمستحق من مياه النيل. والحديث عن مصر هنا يعنى الاجماع المصرى على أن مياه النيل قضية حياة ووجود. ويعنى أن مصالح الشعوب كلها لا يمكن أن تعتمد على الوعود المرسلة، ولا أن تخضع للمزايدات الداخلية بديلاًً للقانون الدولى والاتفاقيات المنظمة لعلاقات الدول المتشاركة فى الأنهار الدولية.
الرسالة واضحة: لا بديل عن التوافق الذى يحفظ مصالح كل الأطراف، ولا مجال للمزيد من المراوغة أو المحاولات المحكومة بالفشل لفرض الأمر الواقع، ولا مكان للحديث الأجوف عن القوة العسكرية فى أزمة لن يكون حلها  إلا بالاحتكام للقانون واحترام حقوق ومصالح كل الأطراف.