حوار| محلل سياسي تركي: أنقرة تسعى لاستمرار عمليتها في سوريا لأطول وقت

فائق بنط
فائق بنط

-المحلل التركي: العملية العسكرية التركية خرقت القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة

-فائق بلط: في هذه العملية.. أردوغان فائزٌ «داخليًا» ومعزول «خارجيًا»

-تركيا تريد أن تجعل فصائل المعارضة السورية الموالية لها حراس حدود نيابةً عنها

 

لا تزال العملية العسكرية التركية شمال شرق سوريا، تفرض نفسها على المشهد السياسي الدولي، حتى في ظل إجراء هدنةٍ سياسيةٍ تنتهي اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر حول منطقةٍ آمنةٍ توصلت إليها الولايات المتحدة مع تركيا.

 

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال، في وقتٍ سابقٍ، إن قواته ستستأنف العملية العسكرية في الأراضي السورية من جديدٍ، إذا لم يتم تنفيذ عملية خروج المسلحين الأكراد من المنطقة.

 

وحول هذا الموضوع، تواصلنا مع المحلل السياسي التركي، فائق بلط، ليطلعنا على توقعاته ورؤيته للمشهد شمال شرق سوريا، وما ستؤول إليه الأمور في الفترة المقبلة.

 

في البداية.. كيف ترى العملية العسكرية التركية شمال شرق سوريا؟

في رأيي.. هي عملية خارقة للقوانين الدولية ولميثاق الأمم المتحدة ولكل الأعراف الدولية.

 

بالنسبة لاتفاق الهدنة المطبق حاليًا شمال شرق سوريا.. ما رأيك في الاتفاق الأمريكي التركي حول منطقة آمنة بطول 120 كيلو مترًا وعمق 32 كيلو مترًا؟

 

أرى أنه يبدو أن الولايات المتحدة قد تخلت عن القوات الكردية، خاصةً قوات سوريا الديمقراطية، وبالتالي هذه المنطقة من أجل مصالح خاصة، وحصلت على تأييدٍ من تركيا. وأرى أن أمريكا لن تساعد القوات الكردية.

 

المشكلة أن تركيا لن تُجبر ولن تُرغم على الانسحاب من المنطقة بالممارسات الدبلوماسية وستبقى في المنطقة، ويعتمد الأمر على سؤالٍ واحدٍ "هل الظروف ستسمح لتركيا بذلك أم لا؟".

 

كيف ترى الموقف الأمريكي تجاه ما يحدث في سوريا؟

أمريكا هناك الكثير من التناقضات حول موقفها، وإن كانت بعض الدوائر في الكونجرس الأمريكي اتخذت بعض القرارات بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا، ولكن ما دامت هذه القرارات لم تنفذ تبقى قرارات مجردة فقط.

 

وأمريكا كذلك سمحت لتركيا بالتوغل لعمق 44 كيلو مترًا داخل سوريا، إضافةً إلى المنطقة الآمنة بطول 120 كيلو مترًا وعمق 32 كيلو مترًا، في وقتٍ تركيا تريد السيطرة على 444 كيلو مترًا تحت ستار "المنطقة الآمنة"، والتي هي مرتبطة بالنقاشات بين الرئيس أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

فقط الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي هي من مارست ضغوطًا على تركيا بشأن هذه العملية.

 

في رأيك.. هل من الممكن أن توسع تركيا عملياتها العسكرية في المنطقة خلال الفترة المقبلة؟

بالتأكيد غير مستبعد ذلك، وتركيا ستسعى لأن تتوسع في المنطقة، لكن الظروف الإقليمية الدائرة بين تركيا وسوريا، والعلاقات الهشة بين البلدين ستصعب من مهمة ذلك.

 

كيف ترى الأمور ستمضي بالنسبة للعملية العسكرية التركية؟

تركيا ستسعى لبقاء تلك العملية لأطول وقتٍ ممكنٍ، فهي تريد خلق منطقة غير آمنة هناك، وذلك من خلال قوات ما تُسمى بالجيش الوطني السوري التابع لتركيا، وهناك أكثر من 20 جماعة متشددة تنضوي تحت هذه القوات.

 

ما وجه الاستفادة الحقيقية لتركيا من العملية العسكرية في سوريا؟

أولًا.. تركيا تريد أن تستفيد من هذه المنطقة، ومن ما يسمى بالجيش الوطني السوري، وتريد أن تجعل من عناصره حراسًا للحدود نيابةً عنها.

 

ثانيًا.. حدث من قبل جلسات لتسوية الأزمة السورية سواء في جنيف أو سوتشي وغيرهما، وتركيا تريد توظيف تلك المؤتمرات لصالح قوى المعارضة السورية، التي تدعمها أنقرة، ولذلك لتستفيد من تلك القوى في خدمة مصالحها.

 

هناك من يقول إن أردوغان قام بهذه العملية العسكرية في سوريا لزيادة شعبيته داخل تركيا، ومن بين هؤلاء عضو في الكونجرس الأمريكي تحدث عن هذا الهدف بعد خسارة الحزب الحاكم الانتخابات المحلية الماضية.. هل توافق الرأي في ذلك؟

كل التقييمات حول ذلك يمكن أن تكون صحيحةً، فالحزب الحاكم وعلى رأسه الرئيس أردوغان فقد الانتخابات المحلية الماضية وكانت خسارة كبيرة جدًا بمثابة زلزال سياسي، وأعقب ذلك بعض الانشقاقات داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم.

ومع بداية هذه العملية، ازدادت شعبية أردوغان في الشارع التركي الذي يؤيده، إضافةً إلى فئات وشرائح من المجتمع التركي تعرف نفسها على إنها قومية.

يمكن أن نقول بصورةٍ مؤقتةٍ.. أردوغان داخليًا حقق هدفه من وراء هذه العملية وهو فائزٌ ومنتصرٌ من ذلك، أما خارجيًا فهو معزول عن العالم بشأن هذه العملية.

 

ما هو وضع الداخل السياسي التركي في الوقت الراهن في ظل هذه العملية العسكرية؟

أردوغان بهذه العملية أسكت وكتم صوت المعارضة لهذه العملية، فليس هناك أي صوتٍ للمعارضة ضد الحزب الحاكم في الفترة الحالية.

واليوم تم إغلاق مكتب أحمد داود أوغلو، وهو منشقٌ عن حزب العدالة والتنمية الحاكم.

 

آخر جزئية في حوارنا.. خلال العملية الحالية جميع الأحزاب التركية باختلاف طوائفها فيما عدا حزب الشعوب الديمقراطي «الموالي للأكراد» أيدت العملية العسكرية في الأراضي السورية.. بم تفسر ذلك؟

 

هناك مشكلة للمعارضة، خصيصًا حزب الشعب الجمهوري، وهي أن هذه الأحزاب تعتبر نفسها أحزابًا قوميةً، وترى تأييد هذه العملية جزءًا من وطنيتها.

النقطة الثانية في هذه المشكلة هي أن هذه الأحزاب تعتبر التواجد الكردي حركة انفصالية ولا بد من القضاء على هذه الجماعات الكردية المسلحة.