خارج النص

عمى القلوب!!

.أسامة السعيد
.أسامة السعيد

قلبى مع لبنان الوطن، رمز الثقافة والفن والإبداع، حاضرة الحرية وحاضنة الجمال بكل صوره الطبيعية والبشرية. قلبى مع اللبنانيين الذين عانوا ويلات الحرب الأهلية، والطائفية السياسية، والمذهبية البغيضة، لكنهم أبدا لم يفقدوا روحهم المحبة للحياة. وبينما يتابع العالم بمزيد من الإعجاب ثورة اللبنانيين ضد الطائفية والمحاصصة، ومطالباتهم السلمية بنبذ الفاشية السياسية والدينية، ومحاولتهم إنقاذ وطنهم من الاختطاف على يد جماعة أو حزب أو طائفة، والتفافهم الرمزى تحت العلم الوطنى، أجد نفسى مضطرا للتوقف أمام تلك الحالة الفريدة من العمى الذى أصاب العديد من الدول والجماعات، بل وحتى الأفراد، الذين يقفون بلا تحفظات مع الثورة اللبنانية، بينما يتخذون فى الوقت ذاته، وبنفس القدر من الحماس، موقفا عدائيا ضد ثورة ملايين المصريين فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ولايزالون رغم كل ما تحقق فى مصر وفى المنطقة بفضل تلك الثورة، يواصلون التحريض عليها، ومحاولة التشكيك فى الرغبة العارمة للمصريين فى إنقاذ وطنهم، رغم أن من خرجوا فى تلك الثورة يتجاوز عددهم ٦ أضعاف تعداد الشعب اللبنانى كاملا، والتف المصريون بعلم وطنهم، لينقذوه من الاختطاف على يد جماعة لا تجيد سوى ممارسة العنصرية الدينية والطائفية وبث الكراهية والفرقة بين أبناء الشعب الواحد. بل الأغرب أنك تجد تأييدا واسعا، وإعجابا مثيرا للدهشة بمطالبات الأشقاء اللبنانيين بإصلاح اقتصادهم، وإنقاذه من السقوط، واتباع برنامج حقيقى لمواجهة الفساد، وإطلاق مشاريع لإعادة تأهيل البنية التحتية المنهكة، بينما مصر التى نفذت بالفعل ذلك البرنامج الإصلاحى، وفى زمن قياسى، وبسواعد أبنائها وخبراتهم، وفى ظل موارد اقتصادية محدودة، وتعداد سكانى يتجاوز المائة مليون نسمة، لم تجد سوى الهجوم والإساءات والتحريض من عميان القلوب، الذين لا ينظرون إلا بأعين طائفيتهم وأيديولوجيتهم البغيضة، ولا تعرف ألسنتهم قول الحق، لأنها تلهث دوما بترديد الأكاذيب وإطلاق الشائعات والتحريض ضد مصر وشعبها. حفظ الله مصر وكل بلدان وطننا العربى الكبير، وشفى عميان القلوب من دائهم، فكما قال المولى عز وجل «فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور».