فيديو| الطبيب «قاهر التقزم»: قالوا لي «مينفعش تبقى دكتور»

فيديو| الطبيب «قاهر التقزم»: الحب «قبل السخرية» دفعني للتميز..وقالولي شكلك مينفعش تبقى دكتور
فيديو| الطبيب «قاهر التقزم»: الحب «قبل السخرية» دفعني للتميز..وقالولي شكلك مينفعش تبقى دكتور

- الدكتور أحمد عبدالمحسن: «طفرة جينية» السبب في قصر قامتي.. و«أبلة فريال» شكلت شخصيتي

-«شكلك مينفعش يكون دكتور».. أكثر عبارة جرحتني.. لكني لم أيأس

- قص حب مع زوجتي نتج عنها «ابنتين».. وهذه رسالتي لجميع قصار القامة

 

 

نموذج مضيء وشعلة نشاط.. قارىء فصيح اللسان قبل أن يكون يمتهن الطب.. منهجه «الصبر والمثابرة» ورسالته «التميز وترك بصمة اجتماعية» تغير نظرة الشفقة والسخرية على قصار القامة أو مرضى التقزم، إلى نظرة فخر تؤكد أن الإعاقة الجسدية ليست نهاية الحياة، ليبث رسالة أمل وتحدي جديدة إلى جموع ذوي الإعاقة.. إنه الدكتور أحمد عبدالمحسن، الطبيب «قاهر التقزم»، أستشاري بمستشفى حميات العباسية، ورئيس الهيئة الطبية وقسم المناعة المكتسبة بالمستشفى.

 

حياة «الدكتور أحمد»

عاش «الدكتور أحمد» حياة هادئة في أسرة متوسطة الحال تسكن أحد الأحياء الشعبية بمنطقة الغورية بالأزهر، لم ينعم برغد العيش، وإلا كان قد استسلم للوضع وعاش في «قوقعته»، غير أن الظروف القاسية دفعته للتميز وإثبات نفسه للعالم.

«بوابة أخبار اليوم» التقت، الطبيب قاهرة التقزم في عيادته بمنطقة مصر الجديدة، للتعرف أكثر على حياته، وسر تميزه بعد أن رفض الاستسلام للظروف.

الأسرة.. والطفرة الجينية

بدأ الدكتور أحمد عبدالمحسن، حديثه، بقوله «ربنا خلقنا مختلفين في الأشكال، فلا اعتبر نفسي مريضا بقصر القامة، فهل يحق أن نقول على أي شخص صاحب بشرة سمراء بالمريض!»، مواصلا حديثه بقوله، أنه ولد في عائلة لا تعاني من التقزم أبدًا، فلديه 8 أشقاء بينهم اثنين أبطال يلعبون كرة السلة، مضيفا: «والدي كان 185 سم»، فلم يعاني أي فرد من أسرته من التقزم أبدا.

 

وأوضح أن «طفرة جينية» تسببت في خروجه إلى الحياة «قصير قامة»، إلا أنه تغلب على كل ذلك بالصبر والمذاكرة والعلم والمثابرة في نفس الوقت.

أيام الإبتدائي.. السخرية والاحتجاب!

وحكي الدكتور أحمد لـ«بوابة أخبار اليوم»، عن أيام الابتدائي، قائلا: «اخوي كان يحملني وأنا في ابتدائي خوفا من إيذائي»، لافتا إلى أنه تعرض إلى تنمر وتعليقات سخيفة في طفولته، لكنها لم تدفعه إلى التسرب من التعليم أو الاحتجاب عن الحياة.

وذكر أنه كان يعشق اللعب في الشارع رغم حالة التنمر، لافتا إلى أنه لم يسكت عن أي اعتداءات أو اختطاف أي شيء يمتلكه، فعاد بالذارة ليسرد إحدى الوقائع المشابهة، قائلا: «كنت أواجه التنمر برد فعل أعنف، وأتقاتل لاسترداد حقي وحاجتي، فكنت أسير في الشارع في إحدى المرات وأنا في رابعة ابتدائي، وحينها كنت أحمل وردة، لكن فجأة قامت فتاة كانت تمر بجانبي بخطف الوردة، إلا أنني توجهت إليها وضربتها واسترددت وردتي مجددا بمنتهى الهدوء»، مستطردا: «لم أشعر يوما بأنني قصيرا، ولكن الناس هي التي أشعرتني بذلك».

حكاية «الأبلة فريال»

أما عن أيام المدرسة، فحكي الدكتور أحمد مواقف وعبر تلك الفترة، قائلا: «كنت محبوبا جدا من مُعلمتي الأبلة فريال، لأنني كنت شاطر ونبيه وأذاكر دروسي باستمرار، فكان لي وضعي الخاص في الفصل، فكنت ألفة الفصل، كنت أقف علي الفصل، وأفتش علي الواجب لكل زملائي، فوقتها كنت مميزا جدا».

وأوضح أن مرحلة الابتدائي وحب «أبلة فريال» دفعته لعشق الأدب والقراءة والدراسة أيضًا، مشيرًا في الوقت نفسه أن «حبه لأبلة فريال» دفعه للتميز وإثبات نفسه أمام العالم.

 

الالتحاق بكلية الطب

ويضيف دكتور أحمد: «حياتي هى مزيج من السعادة والتعاسة ككل البشر، فبعد أن التحقت بكلية طب عين شمس عام 1979، بمجموع عالي 93%،  شعرت وقتها أنني أسعد إنسان في الدنيا، وبعد التخرج قررت التخصص في الـ«باطنة»، وحصلت على الماجستير من نفس الجامعة، ثم الزمالة من «قصر  العيني»، ورغم ذلك تعايشت وسط المتنمرين والمتحرشين والمتربصين، وأشعر ببعض الغيرة المهنية لأنني من قصار القامة لكني ناجح وأتعامل بالعلم والمنطق فقط".

أيام الجامعة.. والحياة العاطفية

يحكي «الدكتور أحمد» أيضا عن أيام الجامعة، قائلا: «كنت بشتغل وأدرس في نفس الوقت بسبب وفاة والدي في هذا الوقت، فاضطررت إلى الخروج للعمل في أي محل للإنفاق على نفسي».

 

التخرج.. والبحث عن وظيفة

أما عن رحلة البحث عن عمل، فتحدث قائلًا: «بعد التخرج طرقت جميع أبواب المستشفيات الخاصة للعمل، فتوجهت بصحبة زميل لي «طويل»، وقدمنا أوراقنا استعدادا لاستلام الوظيفة في أحد المستشفيات الخاصة، وبعد أيام، وصل الخبر، فوقتها قال لي زميلي أنه تم قبوله ورفضي، وعندما سألت عن سبب الرفض قيل لي «شكلك مينفعش يكون دكتور! ، وقتها حزنت كثيرا لكني لم استسلم أبدًا، ولم أيأس من روح الله».

واقعة مؤسفة.. العيادة الخاصة

وتابع: «بعد هذه الواقعة المؤسفة، نصحتني أمي باستئجار شقة وفتح عيادة خاصة، وهو ما حدث، إلا أنني رغم ذلك، واجهت مشاكل في العيادة، فظلت العيادة «خاوية» دون استقبال المرضي، لعدم اقتناعهم بي لأني «قصير»، لكن فتح الله عليّ، عندما جاءتني «حالة صعبة جدا» أو بالأحرى «حالة واقعة» في ساعة متأخرة من الليل، وأسعفتها بفضل الله، وظل هذا المريض يتردد على العيادة حتى شفي تماما، وتكرر الوضع في «الخدمة الليلية»- لحالات «زائدة على وشك الانفجار» و«نزلات معوية حادة»-، التي أصبح الشيفت الليلي بمثابة «أكل عيش العيادة»، فمنها أصبحت استقبل عشرات الحالات، واكتسبت شهرتي بفضل الله، وبعد سنة واحدة أصبحت «طبيب شهير وتوب، الحمد لله».

 

تجهيز العيادة

وعن تجهيز، قال الدكتور أحمد: «جهزتها بـ550 جنيه، فكنت أخبىء هذه الأموال للسفر إلى بورسعيد لشراء ملابس، إلا أنني قررت تجهيز العيادة بها، بسرير كشف ومكتب ودولاب أدوية وجهاز ضغط وسماعة، ومن هنا بدأت حياتي».

وذكر أن فرق الأطوال بينه وبين المريض تختفي بعد صعوده على «تاندة» تعلو 10 سم عن الأرض، ليتمكن من الفحص الطبي اللازم والتشخيص السليم.

أول كشف.. 3 جنيهات

أما بخصوص سعر أول كشف له، فقال: «كان 3 جنيه، وبعد عام واحد فقط، أصبحت مشهورا، واكتشفت أن كل طبيب تنمر علي أغلق عيادته، واستمريت أنا في نشاطي، والآن استقبل الناس بالطلب»

 

حياته العاطفية.. وقصة الحب

أما عن حياته العاطفية وزواجه، فذكر أن الحياة لم تحرمه من الحب، بل عاش أجمل قصة حب مع زوجته- التي وصفها بجميلة الملامح والطبع-، قبل أن تتم الزيجة، موضحا أن زوجته «من طوال القامة  وتعشق شخصيته، وأنجبا «بنتين» إحداهما طبيبة والأخرى خريجة كلية الآداب.

 

وصية الرئيس

كما حرص على توجيه رسالة إلى المسئولين، مشددًا على أهمية تنفيذ ما أوصى به الرئيس عبدالفتاح السيسي، بخصوص زيادة الرعاية لذوي الإعاقة وخاصة قصار القامة، قائلًا: «نفذوا توصيات الرئيس، ونظرة خاصة لأولادكم من قصار القامة».

 

رسالة لقصار القامة.. والمجتمع

أخيرًا، اختتم «الدكتور أحمد» حديثه، بتوجيه رسالة إلى جميع قصار القامة وخاصة الأطفال، قائلا: «أعرف أنكم لديكم حساسية من المجتمع، ولكن أنت إنسان غير ناقص، اشتغل مع نفسك وخليك مع ربنا، وحدد هدف لك، حتى تصل له، فوقتها ستشعر أنك نموذج مؤثر ووقتها سينظر إليك الجميع».