قمة سوتشي.. طريق روسيا إلى القارة السمراء 

قمة روسيا - أفريقيا
قمة روسيا - أفريقيا

تستضيف مدينة سوتشي، يوم 24 أكتوبر، قمة روسيا - أفريقيا تحت الرئاسة المشتركة لكل من الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الاتحاد الأفريقي، ورئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين، فى حدث يُعد الأول على مدار تاريخ العلاقات الروسية الأفريقية، حيث سيجمع قادة جميع دول القارة الأفريقية، بالإضافة إلى رؤساء كبرى التجمُعات والمنظمات الإقليمية الفرعية فى روسيا.

ويسبق القمة، منتدى اقتصادي، يوم 23 أكتوبر، يُعقد فى إطار الفعاليات رفيعة المستوى بمشاركة المسئولين الروس والأفارقة وممثلى كبرى الشركات. ومن المقرر أن يسفر عن التوقيع على حزمة هامة من الاتفاقيات فى المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية.​

أما القمة فسوف تركز، وفقاً لبيان وزارة الخارجية، على آفاق علاقات روسيا مع الدول الأفريقية، وتنمية التعاون السياسى والاقتصادى والفنى والثقافي. كما سيتم مناقشة الجهود المشتركة لمواجهة التحديات والتهديدات الناشئة، بالإضافة إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي. ومن المتوقع أن تتبنى القمة إعلاناً سياسياً حول المجالات الرئيسية للتعاون الروسى الأفريقي.

وبحسب مراقبين، تسعى موسكو من خلال قمة سوتشي، للسير على خطى قوى كبرى مثل فرنسا والصين وغيرهما فى بناء شبكة علاقات متنوعة ومتينة مع الدول الافريقية، مستندة الى تاريخها النظيف، حيث لم تكن يوما من الدول الاستعمارية فى القارة السمراء. بل كان لها دور فى نيل عدد من الدول الأفريقية لاستقلالها ما بين الخمسينيات والسبعينيات، حيث بادر الاتحاد السوفيتي، عام 1960، بتبنى «إعلان منح الاستقلال للدول والشعوب المستعمرة». وبحلول منتصف الثمانينيات أقام الاتحاد علاقات دبلوماسية مع 46 من أصل 53 بلدا أفريقيا.

ولدى موسكو بالفعل علاقات اقتصادية مع العديد من دول القارة، وتتراوح قيمة استثماراتها هناك بين 8 و10 مليارات دولار. وخلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2017، ازداد مجموع الصادرات الروسية إلى أفريقيا 3 أضعاف تقريبا من 5 مليارات إلى نحو 15 مليار دولار.   كذلك لدى موسكو اتفاقيات مع 20 دولة افريقية حول الاستخدام السلمى للطاقة الذرية، وينتظرها مستقبل مبشر فى مجال الطاقة والصناعة النفطية، حيث تبلغ حصة أفريقيا من إنتاج النفط العالمى 11% بينما روسيا هى الدولة الأولى فى العالم فى تصدير الغاز الطبيعى، وفقاً لمدير مركز أبحاث العلاقات الروسية الافريقية بمعهد افريقيا التابع لأكاديمية العلوم الروسية يفجينى كوريندياسوف.

وفى مجال التسليح العسكرى تسعى روسيا إلى فرض نفسها كمصدر أساسى للأسلحة الروسية إلى أفريقيا  بعد ان بلغت قيمة الصادرات الروسية من الأسلحة إلى أفريقيا خلال الفترة ما بين عامى 2000 - 2013 قرابة 12 مليار دولار، ما يعنى أن حصة الأسلحة الروسية تبلغ نحو 30 % من السوق الأفريقية. والمستوردون الرئيسيون للأسلحة الروسية الجزائر ومصر وأوغندا وأثيوبيا. وقعت أنجولا على عقد بقيمة تتجاوز المليار دولار للتزود بمعدات منها مقاتلات سوخوي. كما وقعت كل من روسيا ونامبيا عقداً تحصل بمقتضاه نامبيا من روسيا على صواريخ مضادة للدبابات وقذائف هاون وذخيرة. بينما وقعت روسيا مع غانا عقودا لتسليم مروحيات ومقاتلات سوخوى بلغت تكلفتها الإجمالية 66 مليون دولار.. كما تبيع روسيا الأسلحة إلى مالى حيث وقع عقد فى عام 2012 بين البلدين بلغ تكلفته الإجمالية حوالى 12 مليون دولار ويتم بمقتضاه تسليم مالى بنادق ومدافع رشاشة وذخائر.

على الصعيد الفكرى والثقافى بدأت موسكو فى إنشاء العديد من المراكز فى الدول  الأفريقية، وأرسلت نخبة من مثقفيها لتدريس وتعليم اللغة الروسية فى دول أفريقيا، كما توفر العديد من المنح التعليمية إلى بعض البلدان النامية ومنها الدول الأفريقية من أجل الدراسة فى روسيا.

المحلل السياسى الروسى سيرجى أكسيونوف يقول ان افريقيا بأكملها باتت فى مجال مصالح الكرملين السياسية، ومن المتوقع ان نشهد فى السنوت المقبلة تمدداً روسياً فى القارة السمراء ربما من خلال زيادة المساعدات والمعونات العسكرية لبعض الدول فى أفريقيا وزيادة الاهتمام بالشئون السياسية الأفريقية.