سانت كاترين.. هل تصبح الأماني ممكنة؟

سانت كاترين
سانت كاترين

«أقدس مكان في العالم».. هكذا يمكننا أن وصف منطقة سانت كاترين بجنوب سيناء، ولم لا وهي البقعة الوحيدة فى الكرة الأرضية التي تجلى فيها المولى سبحانه وتعالى من عليائه، والجبل المدكوك في سانت كاترين سيظل شاهدا على هذا التجلي حتى قيام الساعة، ولا ننسى قول الله تعالى لنبيه موسى «اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى» هذا الوادي المقدس أيضا فى سانت كاترين، لذا فهي كما قلنا أكثر مكان قدسية فى العالم، فالله تعالى لم يتجل في المسجد الحرام أو المسجد الأقصى، إنما هنا بجوار الوادي المقدس.


لكن هل جبل موسى والوادي المقدس هما فقط العلامات الدينية بالمنطقة، بالطبع لا فمنطقة «سانت كاترين» تتعانق فيها رموز الديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية، ففي مشهد نادر لا تجده إلا في كاترين تتعانق الديانات الثلاث في قلب دير سانت كاترين الذي يضم كنيسة التجلي والتي يوجد بها رفات القديسة كاترين وقصتها شهيرة لدى الأقباط، ومسجد يعود إلى العصر الفاطمي، وشجرة العليقة التي ناجى عندها موسى ربه بجانب قبري النبي صالح والنبي هارون، لتتحول بقعة كاترين إلى مجمع حقيقى للأديان، والمفاجأة التي لا يعرفها الكثيرون أن منطقة سانت كاترين بها إمكانيات سياحية فريدة ومتعددة الأنماط، مثل السياحة الدينية والرياضية كتسلق الجبال والسفاري.

 

ودرب سيناء أول وأشهر درب ممشى طويل بمصر، وقد لا يعرف الكثيرون أن سانت كاترين محمية طبيعية تقع بين أودية تحيطها الجبال من كل ناحية.. وبها أودية الإسباعية والأربعين وتقع على هضبة مرتفعة تحيطها ارتفاعات شاهقة تضم عدة جبال متباينة الارتفاع، ومنها جبل سانت كاترين أعلى قمة فى مصر وجبل موسى وجبال الصفصافة والصناع والبنات وعباس، وتتميز هذه الجبال بميول حادة متموجة يصعب الصعود عليها بدون وجود مدقات محددة.. أي أنها من أفضل الأماكن فى العالم لسياحة المغامرات وتسلق الجبال والمرتفعات.


هل هذا فقط.. لا بالطبع فهذه المدينة تحولت إلى حاضنة لأشهر النباتات الطبيعية ومعظمها من الأنواع النادرة فهناك حوالى 472 نباتا طبيا بسانت كاترين من بينها 42 نباتا مهددا بالانقراض و19 نوعا لا توجد إلا بالمدينة التى حصلت على جائزة خط الاستواء فى صون النباتات الطبية الجائزة الثالثة على مستوى العالم والأولى لمصر وبها على سبيل المثال لا الحصر شجر الزيتون والسموة والحبك والزعتر والشيح والعجرم والعتوم والبثيران والطرفة والسكران، وتكثر بها أيضاً الزراعات المثمرة ويصف البعض فواكهها بأنها من الجنة، وبها الينابيع والآبار ذات الأهمية التاريخية مثل بئر الزيتونة وبئر هارون.

البئر المقدس دينيا الذى روى منه نبى الله موسى لبنات نبى الله صالح.. وتذخر المحمية بالعديد من أشكال الحياة البرية مثل الثعالب والضباع والتياتل والغزلان والوعول والأرانب البرية والذئاب والقنفذ العربى والفأر الشوكى والجربوع والزواحف مثل الطريشة، وكذلك أنواع شتى من الطيور أهمها اللقلق والنسر والصقر والعقاب والعوسق والشنار والقطا المتوج والقمرى وبومة بتلر والقنبرة والأبلق والتمير والغراب والعصفور والنعار والدرسة.


ومن يزور المدينة يشعر أنه أمام لوحة ربانية أبدع الموالى عز وجل تشكيلها، وتكفي متعة النظر للوديان والجبال.. وفى كاترين أمتع رحلتين ليس لهما مثيل فى العالم الأولى وهى صعود جبل موسى أو كاترين ومشاهدة الشروق أو الغروب وكأنك مزروع وسط السماء بنجومها.. والرحلة الثانية بأوديتها ومغاراتها خاصة فى الشتاء والثلوج تكسو كل شيء.


مكان بهذا الجمال والروعة والإبداع الربانى لنتخيل كم يأتيه من السياح؟.. بالتأكيد عشرات الملايين.. لكن للأسف المكان يأتيه بضع مئات أو ألوف على أقصى تقدير وبغرض زيارة الدير فقط دون علم بكل تلك الكنوز المختلفة.. كنا نتقبل تلك الأعداد سواء مع التراجع السياحى الأنماط السياحية أو انعدام الخدمات والإعلام عن منطقة سانت كاترين.. لكن الآن ومع الرواج السياحى لكافة الأنماط السياحية المصرية من جهة.. ومع التحسن بخدمات منطقة كاترين وما حولها والمهرجانات العالمية التى تقام بها من حقنا أن نحلم بأمانٍ كثيرة فى أن تحصل تلك المنطقة على بعض حقها وجزء من نصيبها العادل من التدفق السياحى، فهيا قادرة اذا أحسن استغلالها على جذب اعداد تساوى ماتجذبه من اعداد قاطبة.


ومنطقة كاترين التى كانت شبه معزولة اليوم ارتبطت أوصالها مع عدد من المدن السياحية خاصة دهب وشرم الشيخ من خلال شبكة الطرق العملاقة التى تنتشر أذرعها بوديان وجبال وأراضى مصر المحروسة، وبالطبع هناك مطار كاترين وهو نقطة مهمة للغاية فى وصول السائحين للمدينة من مصر والعالم.. ورغم أن بالمنطقة حاليا فندقين أحدهما متواضع والثانى بحالة أفضل واشغالاتهما الحالبه ٥٠ ٪ من جنسيات مختلفه ويمكنهما استقبال السائحين  هناك خطة كشفها محافظ جنوب سيناء خالد فودة عن إقامة منتجع عالمى بكاترين، وهناك غرف فندقية بالدير تستقبل الزوار، علينا العمل لزيادة إشغالها للحد الأقصى مبدئيا.


الآن ماذا يجب أن نعمل.. بداية لابد أن نعرف أن المدينة مهيأة وجاهزة للرواج السياحى.. لكن يتبقى وجود إرادة حقيقية للدولة حتى يتحقق هذا الرواج وتصبح الأمانى ممكنة، عندها يتم تشكيل لجنة عليا لتنمية وترويج كاترين تضم كافة الهيئات والوزارات المختلفة وبالطبع ممثلين للجهات الأمنية، ثانيا أن تقوم وفورا هيئتا تنشيط السياحة والعامة للاستعلامات بالتحرك للتعريف بالمنطقة ومزاياها وأهميتها للعالم أجمع بمسلميه وأقباطه ويهوده ومحبى السفر، وإذا كانت هناك دورات خمس للملتقى الدولى «هنا نصلى معا» الذى تنظمه محافظة جنوب سيناء علينا دراسة تلك الدورات وتحويله لملتقى دولى شهير ومهم فهو قبل أن يكون فعالية سياحية لكنه رسالة للعالم أجمع بوسطية وسماحة مصر وشعبها.


لابد من الاجتماع مع المستثمرين والبدو لدراسة أهم الأنشطة السياحية خاصة تسلق الجبال والرحلات الصحراوية وكيفية ترويجها وتأمينها والدعاية لها، والاتفاق على خطة زمنية لزيادة عدد الغرف بما يتناسب مع كونها محمية سياحية.


سانت كاترين كنز مهم للغاية آن الأوان لكشف أسراره للعالم، لابد من منح تسهيلات للطيران المدنى وفتح رحلات السفارى ، ورفع كفاءة الخدمات للمدينة.. كلها امور سهلة وعائدها كبير جداً.