تونس.. برلمان غير واضح المعالم ينبئ بأزمةٍ في تشكيل الحكومة الجديدة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

عاشت تونس أمس الأحد 6 أكتوبر على وقع ثاني انتخاباتٍ نيابةٍ في البلاد منذ سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي مطلع عام 2011، وذلك بعد الانتخابات الأولى التي شهدتها البلاد عام 2014.

وأفرزت نتائج انتخابات أمس ملامح غير واضحة لشكل الحكومة الجديدة في البلاد، وذلك بعدما فشل أي حزبٍ في تصدر المشهد بصورةٍ كبيرةٍ، فلم يتعدَ أي حزبٍ أو تحالفٍ انتخابيٍ حاجز الـ20% من مقاعد مجلس نواب الشعب (البرلمان).

المؤشرات الأولية

وتشير المؤشرات الأولية إلى أن حركة النهضة الإسلامية ستحل في المركز الأول بعدد مقاعد يبلغ نحو 40 مقعدًا بنسبة 18.4% من مقاعد البرلمان، وهي نسبة أقل بكثير مما كان يحوز عليه الحزب داخل البرلمان في انتخابات 2014، بعدد 69 مقعدًا بنسبة 27.5%.

ويأتي حزب قلب تونس "حديث النشأة" بزعامة المرشح الرئاسي المسجون نبيل القروي في المركز الثاني بعدد مقاعد يبلغ 33 مقعدًا بنسبة بلغت 15.2%، ثم جاء ائتلاف الكرامة بزعامة سيف الدين مخلوف، المرشح الرئاسي الذي حل في المركز الثامن في انتخابات سبتمبر الماضي، في المركز الثالث بعدد مقاعد يبلغ 18 مقعدًا بنسبة 8.2% من إجمالي مقاعد مجلس نواب الشعب التونسي.

وفي المركز الرابع جاء حزب تحيا تونس، بزعامة رئيس الوزراء يوسف الشاهد، بعدد مقاعد 16 مقعدًا، نسبتهم 7.4% من مقاعد البرلمان، ثم حركة الشعب في المركز الخامس بزعامة زهير المغزاوي بـ15 مقعدًا.

ويشترك الحزب الدستوري الحر بزعامة عبير موسى مع التيار الديمقراطي في المركز السادس برصيد 14 مقعدًا، في حين ستتوزع باقي المقاعد على عدة أحزاب صغيرة.

أكبر مفاجآت الانتخابات كان حزب نداء تونس، الذي حصل فقط على 2% من أصوات الناخبين، وسيحظى بمقعدٍ وحيدٍ داخل البرلمان، بعدما كان يحظى بالأكثرية في البرلمان المنتهي ولايته بعدد 86 مقعدًا.

معضلة تشكيل الحكومة

هذه النتائج تؤشر على بوادر أزمة سياسية في البلاد تتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة. فوفقًا للدستور التونسي، رئيس الحكومة يُنتخب من قبل البرلمان، ولا يعين من قبل الرئيس، طبقًا لنظام الحكم شبه الرئاسي المنصوص عليه في دستور البلاد.

ويجب للحزب الفائز في الانتخابات أن يحظى بدعم 109 أعضاء على الأقل داخل البرلمان (نسبة الـ50%+1") كي يتمكن من تشكيل الحكومة، وإلا يتم تشكيل حكومة ائتلافية من عدة أحزاب.

ووفقًا للنتائج الأولية، فإن الحزب الفائز في الانتخابات وهو حركة النهضة سيواجه جبلًا شاهقًا عليه تسلقه كي يؤلف ائتلافًا حاكمًا داخل البرلمان، فهو يحتاج لنحو 69 نائبًا ينضوون تحت راية تحالفٍ واحدٍ.

ولكن يبدو الأمر صعبًا للغاية، خاصةً مع إعلان نبيل القروي، زعيم حزب قلب تونس، الذي حل ثانيًا في الانتخابات استحالة الدخول في ائتلافٍ مع حركة النهضة الإسلامية.

كما أن محمد عبو، زعيم حزب التيار الديمقراطي، الذي سيحصل على نحو 14 مقعدًا في البرلمان، قال إنه لن يشارك أيضًا في حكومة تشكلها حركة النهضة.

احتمالية انتخابات ثانية

وإذا اتضحت الرؤية الرسمية للانتخابات، وتأكد تصدر حركة النهضة للمشهد، فإنه سيكون أمام الحركة 60 يومًا كي يؤلف حكومة ائتلافية، وحال فشل الحركة في ذلك، فسيكلف رئيس الجمهورية المنتخب بين قيس سعيد ونبيل القروي أحد الساسة للاضطلاع بمهمة تأليف الحكومة من قبل البرلمان في غضون شهرين متتابعين أيضًا، على أن تحظى بثقة 109 نواب على الأقل.

وإذا أخفق هذا السياسي في مهمته، فسيكون لزامًا على التونسيين التوجه لصناديق الاقتراع مرةً أخرى لانتخاب برلمان جديد، في مشهدٍ يحاكي مشهد الانتخابات الإسرائيلية التي جرت مرتين هذا العام في أبريل وسبتمبر الماضيين.