تضمنتها قائمة التراث العالمي| «كنوز القاهرة» حاضنة التاريخ

القاهرة التاريخية
القاهرة التاريخية

نظرة عامة على «القاهرة التاريخية» ونشأتها وتطويرها:

تتألف القاهرة الحالية من أربع مدن قديمة كانت كل واحدة منها عاصمة لمصر خلال حقبة من الزمن، وهذه المدن أو العواصم الأربعة بالترتيب الزمني هي «الفسطاط، والعسكر، والقطائع، وقاهرة المعز»، أما الفسطاط «مصر القديمة» .

أول عاصمة إسلامية لمصر» :
فقد أنشأها عمرو بن العاص بعد فتح مصر عام 20 هجرية - 641 ميلادية لتكون أول عاصمة إسلامية لمصر، وظلت أقدم مركز للسيادة طوال عصر الخلفاء الراشدين والدولة الأموية.. ومدينة الفسطاط يحدها من الشمال الجزء الواقع بين كوم الجارح وقنطرة السد ومن الجنوب بركة الحبش ومن الشرق جبل المقطم، أما من الغرب فيحدها نهر النيل.


وحسب ما جاء في كتاب « القاهرة التاريخية » وما أكده الخبراء الأثريين، أن الدولة العباسية قامت في عام 132هجرية وتم القضاء على الأمويين بعد أن أنشأها أبو عون عبد الملك بن يزيد والي مصر من قبل الخليفة العباسي الأول، ثم نقلت العاصمة في عهد العباس عبد الله السفاح إلى مدينة العسكر وكان ذلك في عام 132 هجرية - 751 ميلادية، ومدينة العسكر يحدها شمالا شارع مراسينا إلى ميدان السيدة زينب، وجنوباً قناطر مجرى العيون، وشرقاً شارع مراسينا إلى باب السيدة نفيسة، وغرباً بين شارع السد والديورة.

«توصيف الموقع»  :
تعد مدينة القاهرة التاريخية من أهم وأكبر المدن التراثية في العالم؛ حيث أنها مدينة حية تتميز بثراء نسيجها العمراني، بالإضافة إلى تعدد الآثار والمباني التاريخية بما يعبر عن تاريخ القاهرة الطويل بصفتها عاصمة سياسية وثقافية وتجارية ودينية مهيمنة ورائدة في الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط.


أدى موقع القاھرة الاستراتيجي على حافة الدلتا بين نھر النيل شرقاً وجبل المقطم غرباً إلى التفاعل البشري المستمر مع الموقع، مما أدى إلى تشكيل المستوطنات والمعمار الخاص بالمكان، وخلق مجرى العيون ارتباطاً بين المدينة ونهر النيل، وأسهم في التعجيل بتطور القاهرة عبر إنشاء شبكة من الترع والصهاريج والحمامات والأسبلة، كما أن الميناءين التاريخيين في بولاق شمالاً، والفسطاط جنوباً ساهما في ربط المدينة بنهر النيل بشكل وثيق؛ فالتطور التاريخي للتجارة مع أوروبا حسن من أداء ميناء بولاق الواقع شمالاً، بينما حسنت التجارة مع الهند وأفريقيا من أداء ميناء الفسطاط إلى الجنوب، ويظهر ذلك من خلال روائع معمارية.


 وكانت الفترة منذ القرن التاسع إلى الخامس عشر – المعروفة أيضاً بعصر النهضة الإسلامية – عصراً ذهبياً للمدينة، عندما كان للرواد من العلماء والأطباء والفلكيين وعلماء الدين والكُتاب، تأثيراً قوياً ومكانة كبيرة امتدت لما يتجاوز حدود العالم الإسلامي.


مدينة «الألف مئذنة»:
وتُعد هذه المدينة نموذجاً متميزاً للمعمار الإسلامي؛ حيث جمعت العديد من الأمثلة المعمارية الفريدة من عصور الأمويين والطولونيين والفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، ونظراً لوفرة وثراء هذا المعمار الذي يزين سماء القاهرة فقد عرفها العلماء والمؤرخون والجمهور باسم "مدينة الألف مئذنة".


تشمل القاهرة التاريخية عدة مواقع تمثل شكلاً فريداً من أشكال الاستيطان البشري يمزج بين الاستخدامات الدينية والعمرانية السكنية للمكان، وهي: الفسطاط، مصر العتيقة، والمنطقة الوسطى التي تشمل القطائع، والمدينة الملكية الطولونية، ومنطقة القلعة، والدرب الأحمر، والنواة الفاطمية، وميناء بولاق، وجامع الجيوشي. تم إدراج القاهرة التاريخية على قائمة التراث العالمي عام 1979م بناءً على توصية المجلس الدولي للآثار والمواقع (إيكوموس).


وعن الأمير «أحمد بن طولون» :
ولما آل الحكم إلى الأمير أحمد بن طولون أنشأ مدينة القطائع عام 256 هجرية - 870 ميلادية، وقد اتخذها عاصمة للبلاد وظلت كذلك طوال عصر الطولونيين والإخشيديين، وسميت القطائع بهذا الاسم لأن بن طولون، أقطعها قطعاً بين جنده وخدمه وحاشيته ورجال دولته، وكان طول القطائع يمتد شمالاً من الفسطاط ما بين قلعة الجبل إلى جامع أحمد بن طولون بالسيدة زينب، أما عرضها فكان يمتد من أول الرميلة بجوار القلعة حتى الأرض الصفراء عند مشهد زين العابدين.

«قاهرة المعز»:
وعندما قدم الفاطميون إلى مصر عام 358 هجرية - 969 ميلادية، كان أول ما قام به جوهر الصقلي قائد جيش الخليفة المعز لدين الله الفاطمي أن أقام عاصمة جديدة للبلاد ألا وهي «قاهرة المعز»، ولما أنشأ السلطان صلاح الدين الأيوبي الدولة الأيوبية بمصر، شرع في عام 572 هجرية – 1176 ميلادية في أن يجمع العواصم الأربعة السابقة في كيان واحد ليتخذ منه عاصمة موحدة تتفق وجلال إمبراطوريته وعظمة ملكه، ولهذا الغرض ولكي تكون قادرة على رد هجوم الأعداء أحاطها بسور عظيم قد أتمه خلفاؤه من بعده.

«القاهرة الفاطمية»:
ظلت القاهرة منذ العصر الفاطمي وحتى وقتنا الحاضر عاصمة للبلاد وحاضرة للمحكم ومركزاً للسيادة، ولم يقتصر تخطيطها على الحدود التي حددت به وقت أن أنشأها الفاطميون، بل ظلت تمتد شمالاً وغرباً مسافات طويلة، ولم يقف النيل عقبة في سبيل امتدادها غربيا بل إنها زادت مساحة وتوالى عليها الزحف العمراني حتى تلاقت بحدود محافظتي الجيزة والقليوبية.

«أصل الفاطميون»:
ينسب الفاطميون إلى السيدة فاطمة الزهراء ابنة الرسول وزوجة الإمام علي بن أبي طالب، والمعروف تاريخياً أنه بعد مقتل الإمام على انقسم المسلمون إلى فريقين هما الشيعة وأهل السنة -الشيعة شايعوا الإمام علي ورأوا وجوب الخلافة في أولاده ونسلهم، أما أهل السنة فقد بايعوا معاوية بن أبي سفيان حاكم الشام ورأوا أحقيته بالخلافة-

عن«سقوط الأمويون»:
انتهى الأمر بعد صراعات وحروب بتولي معاوية الخلافة عام 41 هجرية، فقامت الخلافة الأموية ولاقى الشيعة في تلك الفترة أشد أنواع الاضطهاد والعذاب فاضطروا إلى مساعدة الدعاة العباسيين ضد الدولة الأموية حتى سقط الأمويون في موقعة الزاب على أيدي العباسيين عام 132 هجرية فقامت الخلافة العباسية، ولكن مرة أخرى ذاق الشيعة الفاطميون أنواع الاضطهاد والتعذيب في العصر العباسي المناداتهم بأحقيتهم بالحكم.

قيام الدولة «الفاطمية»:
نتيجة لما سبق قرر أبو عبيد الله المهدي زعيم الشيعة الفاطميون ترك بلاد العرب ورحل بقومه إلى تونس في شمال أفريقيا وهناك أنشأ الدولة العبيدية الفاطمية، وفي عام 893 هجرية ثبتت الدولة الفاطمية الناشئة في بلاد المغرب ثم زحفت قواتها شرقاً وغرباً لتسحق دعوة بن العباس والتقييم مكانها دعوة الشيعة الأمامية أو دعوة آل البيت التي كانت تحمل شعارها ولواءها.

«مجي الفاطميون إلى مصر»:
واصل الفاطميون فتوحاتهم المتتالية بشمال أفريقيا وجزائر صقلية وسردينيا وجزر البحر المتوسط ولم يتبق أمامهم سوى مصر، وقد حاولوا غزو مصر أكثر من مرة في عهد القائم بأمر الله عام 324 هجرية - 935 ميلادية  حاول الفاطميون غزو مصر لكن محاولاتهم باءت بالفشل حيث تصدى لهم حاكم مصر آنذاك محمد بن طغج الأخشيد، لكن الفاطميون ظلوا يتربصون بمصر حتى تهيأت لهم الفرصة أخيراً في عام 358 هجرية - 969 ميلادية حينما كان يحكم البلاد الأمراء الإخشيديين الضعاف الذين دبت بينهم الفتن والصراعات. وفي يوم الثلاثاء 17 شعبان 358 هجرية - 6 يوليو 969 ميلادية، أصبح الفاطميون على أبواب مصر ودخلوها دون عناء واستسلمت البلاد الجيوش الفاطميين بقيادة جوهر الصقلي قائد جيش الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الفاطمي.

سبق مجيء الفاطميين إلى مصر دعاية واسعة النطاق من أجل استمالة المصريين، ولذلك لم يجد جوهر الصقلي أي عناء وسرعان ما صارت مصر درة في تاج الفاطميين وطمست بشهرتها الخلافة العباسية في الشرق والأموية في الغرب وصارت القاهرة المعزية قلب العالم الإسلامي النابض ومحور نشاطه الدافق.

انتخاب موقع الضاحية التي اختارها «جوهر الصقلي»:
موضع القاهرة نفسه قبل مجئ الفاطميين كان عبارة عن رمله يمر بها الناس في طريقهم بين الفسطاط وعين شمس على الشاطئ الأيمن للخليج المصري شارع بورسعيد حالياً ، وقد كانت المسافة بين هذه الضاحية الجديدة ومدينة الفسطاط تقدر بنحو أربعة كيلو مترات وكانت هذه المسافة مغطاة بالبساتين والمنازل والضواحي وتغمرها مياه النيل أثناء الفيضان، كما عرفت هذه المنطقة في العصر الفاطمي بمسمى «ظاهرة القاهرة» من الجنوب، ويذكر المؤرخون أنه قبل مجئ الفاطميين.


لم يكن موضع القاهرة سوى خمسة أماكن هي كالآتي:

«دير العذراء للنصارى» :
يقع في حارة زويلة بقسم الجمالية، وقد أنشي هذا الدير في القرن الرابع الميلادي أي قبل تأسيس القاهرة بستة قرون .
«دير الأمير تادرس» :
يقع في حارة الروم بقسم الدرب الأحمر، وقد أنشئ هذا الدير في القرن السادس الميلادي، كما أسس الروم كنيستيم الرئيسية لهذا الدير أثناء تأسيس القاهرة المعزية.
«دير جورجيوس النصارى «يثر العظام» :
يقع مياه الآن جامع الأقمر بالنحاسين، وقد سمي ببئر العظام لأن القائد جوهر الصقلي قد نقل عظاماً كانت بالدير ودفنها ببئر الخندق الذي يشمل الآن كنيسة الملاك البحري بشارع الملك بحدائق القبة .
«قصر الشوك» :
هو حصن قديم كانت تقيم فيه قبيلة بنو عذره في الجاهلية، وقد صار موضعه عند بناء القاهرة يعرف بقصر الشوك من جملة قصور الخلفاء الفاطميين .
«بستان الأخشيد» :
أسسه الإخشيد أبو بكر بن طغج أمير مصر عند الخرنفش مطلاً على الخليج المصري، وعرف أيضاً ببستان كافور الإخشيدي ثم خرب وعمره جوهر الصقلي.