فيديو وصور| «سوق السلاح».. آثار على وشك الانهيار

«سوق السلاح».. آثار على وشك الانهيار
«سوق السلاح».. آثار على وشك الانهيار

•    الآثار تستغيث من القمامة والإهمال وتحتاج لإنقاذ عاجل


•    الشارع اشتهر بصناعة السلاح حتى الخمسينات


•    أشهر التحف المعمارية «سبيل رقية دودو» وجامع «السايس» وحمام «بشتاك»
 

فور وصولك لشارع سوق السلاح الشهير بمنطقة الدرب الأحمر بقاهرة المعز، أول ما يقابلك على الجهة اليسرى لمدخل الشارع بوابة قصر الأمير «منجك السلحدار»، وقد طغى عليها الإهمال وباتت في حالة يرثى لها.


عندما تستكمل جولتك بالشارع تجد على يمينك ويسارك عدد كبير من المباني الأثرية وقد وقفت تشكو حالها بعد أن أصبحت آيلة للسقوط جراء عوامل التعرية وغياب الترميم عنها رغم وجود أماكن أثرية عديدة به تؤهله لأن يصبح مزارا أثريا على غرار شارع المعز بمنطقة الحسين.

 


 

«خدمات التسليح»

 

أًطلق على شارع «سوق السلاح» في البداية اسم «سويقة العزى» نسبة إلى الأمير عز الدين بهادر، أحد أمراء المماليك الذي كان يسكن فيه، وبمرور الوقت بدأ الناس يطلقون على الشارع اسم «سوق السلاح» نظرا لوجود العديد من ورش ومصانع الأسلحة على اختلاف أنواعها فيه، من رماح وسيوف ودروع.

 

وكان الشارع يقدم خدمات التسليح للقلعة أثناء حكم المماليك بمصر، ولكن مع تراجع الطلب على تلك النوعيات من الأسلحة، تحولت الورش الموجودة في الشارع إلى محلات لإصلاح الأسلحة من مسدسات وبنادق، وفي الخمسينيات من القرن الماضي اختفت هذه المهنة أيضا شيئا فشيئا وتحولت أنشطة المحلات إلى مجالات أخرى لا علاقة لها بنشأة الشارع كسوق سلاح.

 

 

«منجك السلحدار»

 

 تبدأ رحلتك بالشارع الأثري من بوابة قصر الأمير «منجك السلحدار»، إذ لم تتبق من القصر سوى هذه البوابة، وتعد ذات طابع معماري فريد، إذ لا تزال باقية حتى يومنا هذا تتحدى الإهمال والقمامة المحيطة بها، وعوامل التعرية والتآكل، لكنها لا تزال تحتفظ بمكوناتها ورسومها.

 

بناها الأمير سيف الدين منجك بن عبد الله اليوسفي الناصري أتابك العساكر ونائب السلطنة المتوفى سنة 776 هـ، وتقول الروايات التاريخية أن السلطان الظاهر بيبرس أقام بيوتا للأمراء حول القلعة من الجهة الغربية فكان كل بيت منهم مخصص لوظيفة من وظائف الدولة كل من يتولاها يسكن في هذا المنزل، ومنها وظيفة السلحدار المسئول عن التسليح وخزائن السلاح، وكان أشهر من سكن  هذا المنزل  هو منجك السلحدار لأنه نقش اسمه على بوابة القصر.

 

والبوابة مسجلة كأثر وتحمل رقم 247، وعليها رسوم ونقوش أسلحة، أما القصر فقد هدم في القرن الـ19 عند افتتاح شارع محمد على.

 

 

«مسجد السايس»

 

تُكمل رحلتك بالشارع بعد بوابة «منجك السلحدار» فتجد مسجد «السايس» أو مسجد ومدرسة «أُلجاي اليوسفي»، ولا يزال المسجد محتفظا بجماله ورونقه، ويقف عاليا بقبة عظيمة، يحتل مساحة شاسعة بالشارع وتقام به الصلاة حتى الآن.

 

وأنشأه الأمير سيف الدين ألجاي اليوسفي، كبير الأمراء في زمن الملك الأشرف شعبان، عام 774هـ، ثم شق عصا الطاعة عليه إلى أن هزمه جنود السلطان ثم ألقى بنفسه وجواده في النيل فغرق 775هـ، ولذا دفن به السايس الذي كان يرعي فرس السلطان حسن، الذي تزوج من والدته فيما بعد، ومن هنا اكتسب المسجد اسم مسجد السايس، وكان ملحق به سبيل وكتاب ومسجل كأثر ويحمل رقم 131.

 

 

«سبيل رقية دودو»        

     

«كنز معماري» أقل ما يطلق على السبيل الأثري بالشارع، إذ له بناء رائع لا مثيل له وذات ألوان ونقوش آية في الجمال الأخاذ، ولا يزال محتفظا بحالته إلا أنه بحاجة لأن يفتح أبوابه للزوار، وأمام السبيل سياج حديدي تعلوه أسلاك شائكة، ومكون من طابقين.

 

والسبيل كان في يوم من الأيام واحداً من أهم الأسبلة الأثرية في القاهرة التاريخية، بنقوشه النادرة، وعمارته الفريدة، ويتكون من حجرة تحت الأرض تعرف باسم «الصهريج» وهى المعدة لتخزين المياه التي كانت تُحمل من النيل أيام الفيضان، وتقع فوقها حجرة «تسبيل الماء» ذات الشبابيك الثلاثة، ويتقدمها من الخارج قطعة رخام تدور مع انحناءات قوس الواجهة وكانت توضع بها الأواني المخصصة للشرب، ويتميز السبيل بوجود مصطبة دائرية تتقدم الواجهة وهى مخصصة لصعود المارة للشرب، حيث كانت أرضية السبيل وقت البناء ترتفع بشكل ملحوظ عن مستوى الطريق العام.

 

وتعود تسمية السبيل إلى السيدة رقية وهى ابنة السيدة بدوية شاهين، وقد شيدت السبيل ترحماً على روح والدتها التي كانت زوجة الأمير الشهير رضوان كتخدا الجلفي الذي قتل في عام 1169هـ على يد خصومه من الأمراء الجراكسة، وهو مسجل كأثر رقم 337، ويعتبر ثالث سبيل في العصر العثماني أنشئ لامرأة، كما يعتبر أول الأسبلة العثمانية النسائية التي اتخذت النمط التركي في التخطيط نموذجاً لها، وقد تعرض السبيل للعديد من أعمال السرقات والنهب على أيدي اللصوص، ما دعا وزارة الآثار لبناء سور حوله ووضع أسلاك شائكة عليه وسد النوافذ بالطوب والأسمنت – بحسب رواية أهالي المنطقة.  

 

 

«حمام بشتاك»

 

بات الحمام الأثري الشهير «خرابة» إذ لم يتبق منه سوى الواجهة ولافتة صغيرة تشير إليه وتراكمت القمامة أمامه ودار عليه الزمان، ولا يلقى أي اهتمام رغم أنه يعد «أقدم ساونا شعبي» في التاريخ.

 

ويحمل الأثر رقم 225، وأنشأه الأمير سيف الدين بشتاك الناصري 742 هـ، ويعتبر أحد المماليك المفضلين لدى السلطان الناصر محمد بن قلاوون وتزوج من ابنة السلطان الناصر، وكان معروفا بالبذخ الشديد، وصُمم المدخل برخام، ويتكون من قسمين قسم للرجال وآخر للنساء.

 

 

«مسجد الأمير مُقبل»

 

بناه الأمير زين الدين مقبل، والمعروف باسم الأمير محمد باشا الدرملي، وهو من أمراء المماليك، ويتبع وزارة الأوقاف ويحمل رقم كودي 01031151، وقد أضحى متهدما وآيلا للسقوط لولا بعض الكتل الحديدية التي صممتها وزارة الأوقاف لنصبه منذ عام 2004 ، كما اشتكى أهالي المنطقة من إهمال وزارتي الآثار والأوقاف له مما يشكل خطورة كبيرة على المارة والسيارات حال سقوطه بمئذنته الشاهقة.

 

وقال أحمد ياسين، 60 عاما، صاحب محل ساعات بالدور الأرضي للمسجد: «المسجد تم بنائه منذ 600 عام وحاليا يتساقط وفي عام 2011 عملت محضر في القسم وبلغت أنه المسجد بيقع وجت لجان من الأوقاف وعملت معاينة دون جدوي، وقابلت وزير الأوقاف الأسبق حمدي زقزوق عند زيارته للشارع واتخذ قرار بنصبه بالحديد في عام 2004، لكن المسجد بيتساقط من الداخل وعاوزين نلحقه قبل فوات الأوان، والمسجد يقع بين ملتقى طرق حيث شارعي سوق السلاح وحارتي النبوية، وأحيانا يكون الشارع متزاحم وفيه تكدس في المرور ولو المسجد أنهار على الناس والعربيات ناس كتير هتموت وهيأثر على المنازل المجاورة».

 

 

«آثار منسية»

 

هناك آثار آخرى بالشارع يحيطها الإهمال بشكل عام مثل جامع «قطلبغا الذهبي» الذي أنشئ في منتصف العصر المملوكي كمسجد وكتاب لتحفيظ القرآن، وقام الخديوي عباس حلمي بترميمه، ومسجد «عارف باشا»،  يعرف عند الأهالي بمسجد «الزاوية» وبناه عارف باشا على أنقاض مدرسة.

 

ويوجد مقام سعود الرفاعي، والذي يرجع تاريخ نشأته لعام 941 هـ لشيخ مصري تربطه صلة قرابة بأحمد الرفاعي وتميزه قبة عالية عرفت هذه القبة باسم القبة الخضراء نسبة إلى أنها كانت مكسوة من الخارج ببلاطات القيشاني الأخضر.

وسبيل «أغا كوكريان» الذي أنشئ كصدقة جارية، وكان يعمل كمدرسة لتحفيظ القرآن والأحاديث النبوية، كما يوجد بالشارع مسجد وضريح الشيخ محمد أبو قبيلة.