حكايات| «صناعة الخبز» عند الفراعنة.. المصري القديم صاحب أول «كب كيك»

صناعة الخبز في مصر القديمة
صناعة الخبز في مصر القديمة

من البديهي عند الحديث عن أسبقية حضارة المصري القديم لجميع الحضارات في شتى المجالات، سيكون الطعام في أول القائمة وبالطبع الخبز، والذي برع في صنعه عامة المصريين.

الأكثر من ذلك أن المصريين جعلوا للخبز قدسية خاصة، فكان يقدم كقرابين لنيل رضاء الآلهة ومباركتهم، ولذلك فإنهم أعطوه اهتمامًا خاصًا وتفننوا في أشكال صناعته، فالمصري القديم عرف 100 نوع من أنواع الخبز التي لا يزال بعضها مستخدمًا حتى وقتنا هذا، كما ذكرت منة الله الدري، خبيرة علم الآثار المصرية لـ«بوابة أخبار اليوم».

«تاريخ صناعة الخبز في مصر القديمة»

 

 

عرف المصري القديم، الخبز منذ 7 آلاف سنة قبل الميلاد والوثائق والأدبيات في ذلك عديدة، الخبز كان من أهم القرابين المقدمة في عهد الملك رمسيس، ففي عصر المصري القديم استخدم الفراعنة الخبر للتمييز الطبقي والاجتماعي، إذ كانت هناك ثلاث أصناف منه في مصر الفرعونية من دقيق القمح للأغنياء، ومن دقيق الشعير للطبقة المتوسطة، أما الفقراء فكان لهم خبز أسمر من دقيق الحبوب البرية.

 

 

اقرأ للمحرر:  هل توصل الفراعنة للكهرباء؟.. قراءة ونقوش في جوف الليل 

 

 

«فنون الطهي عند الفراعنة»

قالت منة الله الدري، خبيرة علم الآثار المصرية، إن النصوص المصرية القديمة ورسوم جدران المقابر الفرعونية أفادتنا بمعلومات كثيرة عن نوعية الأطعمة والمشروبات التي عرفها المصري القديم بالإضافة إلي فنون الطهي عندهم، هذا بخلاف مقاومة بعض بقايا الحبوب والمأكولات التي عُثر عليها لعوامل الزمن.

وأضافت الدري، أن الطعام كان في مصر القديمة يعتمد بالأساس على الخبز والبيرة إلى جانب الخضروات، وأن الخبز يُصنع من القمح الذي يتم طحنه، وعجنه، وخبزه وهو ما كان يشكل جزءً لا يتجزأ من الحياة اليومية للمصري القديم، وإلى اليوم هناك بضعة مئات من الأرغفة التي يرجع تاريخها إلى تلك الفترة والتي لم تتلف أو تفنى بفضل جفاف وصحراوية المناخ في مصر.

 

اقرأ للمحرر: مصر أول وطن للاجئين.. 3 أنبياء لاذوا بها

«أشكال الخبز»

أكدت" الدري"، أن المصريون القدماء كانوا يتقنون خبز أكثر من أربعين نوعاً مختلفاً من الخبز (بل والكعك أيضًا)، كان هناك أرغفة مستطيلة الشكل، وأخرى مستديرة، أرغفة مسطحة، وأخرى مثلثة، بل كانت هناك أيضًا أرغفة على شكل إنسان أو حيوان، وقد أضاف المصري القديم العسل والفواكه المجففة لعمل الخبز الحلو أو ما نطلق علية اليوم "الكعك".

 

«طريقة عمل الخبز»

كما عرف المصري القديم أيضًا، الخبز الأسمر، فكانت الحبوب المتكسرة (أو المدشوشة) تُغلي في الماء ثم تُضاف إلى عجينة الخبز الخفيفة وتخبز للحصول على رغيف طرى لدن، وكان تشكيل الخبز يتم إما بواسطة الأيدي وهو ما دلتنا عليه أثار ضغط الأصابع على بعض الأرغفة، أو بواسطة قوالب، وكان الخبز يُزين بعمل بعض الثقوب به أو بوضع الفاكهة المجففة على سطحه.

 

 

«البيرة» في مصر القديمة

وأشارت "الدري"، إلى أن الجعة كانت أيضا أحد الأركان الأساسية في المطبخ المصري القديم، ولكنها كانت أثقل قواماً وأكثر قيمة غذائية من الجعة المعروفة الآن، بل لا نبالغ عندما نصفها بالطعام السائل، فقد كانت الجعة مصدراً هاماً للسكريات والنشويات والأحماض الدهنية والأمينية الهامة والفيتامينات والمعادن.

 

اقرأ للمحرر: مفاجآت إجازات «الفراعنة».. العامل يرافق زوجته بعد «الوضع»

 

«اكتشاف خميرة الخبز من 4 آلاف سنة قبل الميلاد»

 

أضافت "الدري"، أن رغيف الخبز المصنوع من حبوب الغلال كان الطعام الأساسي للمصريين، إذ إنهم أول من اكتشف خميرة الخبز في عام 4000 قبل الميلاد، وهم أول من انتصر لدقيق القمح على غيره من الحبوب في تحضير الخبز، وكانوا يقومون بخلط الخميرة والحليب والتوابل مع الملح وعجن المزيج باليد ثم تقطعيه وطهيه في مقلاة.

 

ويعُتقد أن صناعة الجعة آنذاك، كانت تتم بنقع الأرغفة في الماء "أرغفة خاصة لصنع الجعة"، ثم تركها لتتخمر في أوعية كبيرة مع إضافة التمر أو الشعير إليها، وقد توصلت بعض الأبحاث الحديثة بالفعل إلى صناعة الجعة بنفس تلك الطريقة التي اتبعها المصري القديم.

 

 

«المصري القديم صاحب أول كب كيك»

لفتت الباحثة في شأن الآثار المصرية، إلى أن المصريين القدماء كانوا أول من صنعوا "الكب كيك" في شكله المتعارف عليه حاليًا وكانوا يطلقون عليه اسم خبز "التاحج" كما أنهم صنعوا أشكالًا للخبز تشابه "الفينو والكيزر" وكذلك الخبز الشمسي المنتشر حتى الآن في مناطق صعيد مصر، والذي يتم إعداده بالطريقة الفرعونية.

 

 

«مائدة المصري القديم»

كانت لمائدة المصري القديم، شكلها المميز فتنوعت وجباته بين الخضروات والبقول وبين اللحوم أو الفواكه.

 

- الخضروات والبقول:

 

كانت الخضروات والبقول التي عرفها المصري القديم متنوعة ومختلفة، فالعدس مثلاً كان يعد أحد الأطباق الشعبية المحببة، وربما كان تحضيره مشابهاً لما نراه اليوم، فنرى العدس الذي تم العثور علية يحمل دلائل نقعه ثم طحنه قبل تقديمه للأكل.

 

كما كان الخس والكرات والبصل والثوم والكرفس والقثاء من الخضروات المعروفة آنذاك أيضًا، أما الطماطم والبطاطس فلم يكن لهما وجود في مصر القديمة، فمن المعروف أنهما من المحاصيل التي لم يعرفها العالم إلا بعد اكتشاف الأمريكتين (العالم الجديد)، أما الباذنجان فلم يكن معروفاً هو الأخر، غير انه عُرف في مراحل متأخرة من تاريخ مصر، وللأسف ليس من المعروف كيف كان يتم تحضير كل تلك الخضروات آنذاك بشكل كامل.

 

 

اللحوم في مصر القديمة:

قالت "دري"، كما هو الحال في العصر الحديث، كان تناول اللحوم في مصر القديمة من علامات الثراء والترف، فكانت اللحوم تؤكل بصفة عامة في الأعياد كما كان يتم أعطائها احياناً كهدايا او منح.

 

 كانت الماشية والأغنام تربى بصفة أساسية للحصول على الألبان التي يعتمد عليها لصناعة الجبن، وكان المصري القديم يأكل لحم الخنزير أيضا، أما السمك فكان متوفراً للجميع بفضل النيل السعيد، وكان يؤكل مطهياً أو مملحاً أو مدخناً.

 

 ولم يعرف المصري القديم الدجاج، غير أن بعض الشواهد أشارت الى وجود طائر يشبه الدجاج ومع ذلك لم يتم العثور على أي بقايا لعظام ذلك الطائر، ولهاذا يمكن القول أن الدجاج لم يُعرف او يؤكل حتى الأسرة الثلاثين (380-343 ق.م) ولكن المصري القديم كان يأكل الإوز، والبط والسمان وأنواع أخرى من الطيور.

 

الفواكه:

كان التين والبلح يشكلان الفاكهة الشعبية في مصر القديمة، وكانت تتم إضافتهما ايضاً للخبز الحلو وللنبيذ لإعطائه نكهة خاصة، وكان المصري القديم يُجفف البلح ليصنع منه التمر أو يفرمه ليصنع منة ما يشبه المربى. عرف المصري أيضًا فاكهة الدوم وقد عُثر على مئات من حبات الدوم في مقابرهم.

«البردي ليس للورق فقط»

ارتبط نبات البردي بمصر القديمة ارتباطا وثيقًا، فقد كان يُستخدم أساسا لصناعة الورق والمراكب والأسقف، وبالإضافة إلي ذلك كله استخدمه المصري القديم في الأكل، وكان للمؤرخ الكبير هيرودوت الفضل في اكتشاف ذلك فاستخدم الفراعنة الجزء السفلى من نبات البردي في الطهي والأكل خاصة أعواد البردي الصغيرة النضرة.

«النبيذ عند المصريين القدماء»

كان النبيذ من المشروبات المفضلة عند المصريين القدماء، غير أنه لم يكن بمتناول الجميع، وكان استهلاكه مقصوراً على الأثرياء.

كان النبيذ يستخدم أيضا كمطهر خفيف ودواء للسعال، إضافة الى عدة استخدامات دوائية أخرى، وغنى عن البيان ما كان يحدث للمصري القديم عندما كان يسرف في شرب النبيذ، وهو بالنقوش المرسومة على جدران إحدى المقابر المنتمية للدولة الحديثة.

فنرى مناظر الاحتفال توضح بعض المدعويين السكارى من الجنسين يعانون من فرط الشراب، فظهرت النساء في حالة إعياء، بينما قام البعض بحمل الرجال السكارى الى بيوتهم.

كانت هناك عدة أنواع من النبيذ، تختلف حسب الإضافات والنكهات التي يتميز بها كل نوع، وكان هناك مزارع للعنب ومعاصر تنتج أنواع من النبيذ، ودرجات مختلفة من الجودة، فمثلاً النبيذ "نفر نفر نفر" وتعني "جيد جيد جيد" يتميز كثيراً عن نبيذ "نفر".

 

«زهرة اللوتس المصرية القديمة»

 

يذكر أيضا، أن زهرة اللوتس المصرية القديمة كانت لها خصائص تسبب حالة من الثمالة، وأنه بإضافتها للنبيذ كان المصري القديم يحصل على نبيذ مسكر.

 

وتوجد صور ونقوش تزين جدران المقابر سوف تعود هي الأخرى للحياة، فيعتقد المصري القديم، أن الميت يعود للحياة مرة أخرى، فنرى القرابين والعطايا الجنائزية التي توضع مع الميت في مقبرته، ونراه مرسوماً على جدران المقبرة وهو جالس أمام مائدة عامرة بالطعام والشراب، كما نرى أيضا رسوماً تبين حاملو الطعام لإهدائها إلى الميت اعتقاداً منهم أنه قد يحتاجها في العالم الأخر.

 

فنرى صورة توضح قائمة بالأطعمة والمشروبات التي قدمت للميت منقوشة على جدران إحدى المقابر، كتب فيها: عدد 1000 رغيف خبز، عدد 1000 مشروب جعة إلى جانب أنواع  أخرى من الأطعمة والمشروبات اشتملت عليها القائمة.